تواجه الصناعات الكيماوية منذ العام الماضي معادلة صعبة وأزمة تهدد استمرارها وخاصة بالنسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة نتيجة ارتفاع تكلفة مدخلات ومستلزمات الانتاج من المواد البتروكيماوية. يأتي ذلك بعد ارتفاع اسعار هذه المستلزمات استجابة للتغييرات في الاسعار العالمية ولكنها في كل الاحوال اثرت بشدة في قطاع عريض من هذا القطاع الصناعي في مصر. ترصد "الأسبوعي" في هذه المتابعة لاوضاع قطاع الصناعات الكيماوية ما يحدث في اسعار المواد البتروكيماوية وتأثيرها علي مستقبل هذه الصناعة في مصر بالاضافة الي محاولة قراءة مستقبل الاسعار خلال هذا العام الجديد. يري المهندس محمد ابو هرجه مدير ادارة المشروعات الكيماوية بالهيئة العامة للتصنيع ان ارتفاع اسعار المنتجات البترولية خلال العام الماضي القي بثقله علي القطاعات الصناعية التي هي في معظمها من الصناعات المتوسطة والصغيرة مقارنة بالقطاعات الكبري كصناعات الاسمدة والكلور والصودا الكاوية فبالرغم من دخول المنتجات البترولية بشكل كبير في عملياتها التصنيعية مشيرا الي ان كبر حجم انتاجها واتجاه اغلب مصانعها للتصدير جعلها اقل تضررا مقارنة بباقي الصناعات الكيماوية المتوسطة والصغيرة كما يري ابو هرجه ان ارتفاع اسعار هذه المدخلات لم يكن العامل الوحيد المؤثر علي ربحية هذه المصانع خلال العام الماضي حيث تواكب ارتفاع اسعارها مع ارتفاع هامش ربحية التجار والموزعين لهذه المنتجات والذين يضطر اصحاب المصانع المتوسطة والصغيرة للتعامل معهم بنظام التقسيط في حال نقص السيولة بالاضافة لصغر حجم تعاملاتهم والتي تصل احيانا الي ثلاثه او اربعة اطنان بينما لا تقل تعاملات المصانع الثلاث الكبار المنتجة لهذه المواد في مصر عن 500 طن. ومن جانبه يصف حسن زكي رئيس الاتحاد العربي لمصنعي البلاستيك ارتفاع اسعار البتروكيماويات في العام الماضي بانها ازمة لم يسبق ان واجهتها الصناعات البلاستيكية منذ حرب العراق الاولي وخاصة في الفترة من يونيه وحتي نهاية نوفمبر الماضي حيث واجه خلالها سوق المنتجات البلاستيكية تذبذبا كبيرا في اسعاره ويدلل علي ذلك بان الاسعار المتفق عليها في التعاقدات كانت تتغير ما بين ثلاثة او اربعة ايام لدرجة ان بعض المصنعين كانوا يقدمون عروض اسعارهم بصيغة "حتي الساعة الثانية عشرة باكر" الي "ويضيف احمد حلمي مدير حسابات باحد المصانع بان صناعات ال"بي. في.سي" تعد من اكثر الصناعات البلاستيكية تضررا من ارتفاع اسعار البتروكيماويات باعتبار ان ال"بي. في.سي" كمكون رئيسي فيها من منتجات البتروكمياويات التي ارتفعت اسعارها بشكل حاد خلال الفترة الماضية وهو ما جعل مصانع ال "بي.في. سي" في مواجهة ازمة سيولة في حال الاستمرار بنفس الطاقة الانتاجية للعام السابق وهو ما دفع نسبة مهمة منها كما يقول احمد للتقليل من معدلات انتاجيتها. المنافس الأجنبي اما سيد الوكيل مدير مصنع "بلاست" لمنتجات ال"بي.في.سي" فهو يفكر هذا العام في تصفية مصنعه بعد ان اضطره ارتفاع اسعار هذه المدخلات الي تعويضها برفع اسعار منتجه وهو ما جعل اسعاره ضعيفة التنافسية امام المنتج الصيني الاقل في السعر والافضل تسويقا.. وتواجه رضا حامد مدير مصنع الاهلية للصناعات الكيماوية لمنتجات الغراء نفس المشكلة وتقول ان صناعة الغراء بشكل عام واجهت ارتفاعا في تكلفتها بسبب المدخلات البتروكيماوية والتي تمثل من 50 و60% من التكلفة بالاضافة الي ان وجود منتجات غراء حديثة علي السوق المصري مثل "الستالرين والاكلريك" ويتوقع رضا حامد ان تواجه هذه الصناعة منافسة قوية في ظل ارتفاع اسعارها بسبب ارتفاع تكلفة انتاجها خلال العام الماضي وحداثة وجودها في السوق امام مثيلتها الاوروبية التي اعتاد المستهلك علي شرائها. أزمة الموردين ويري محمد فوزي مدير مصنع أكتوبر للأجولة المنسوجة أن الصناعات الكيمائية التكميلية ستكون أكثر الصناعات تضررا إذا استمر ارتفاع أسعار هذه المدخلات بنفس معدلات السنة الماضية نظرا لصعوبة رفع سعر المنتج الصناعي مقارنة بالمستهلكين ويلفت النظر إلي صعوبة التعامل مع المصانع الحكومية في ظل ارتفاع أسعار المدخلات وتشدد هذه المصانع في قبول رفع سعر الطلبية عن أسعار الأعوام الماضية ويضرب مثالا علي ذلك بخسارته العام الماضي في تعاملاته مع الطلبيات الحكومية حيث اضطر للتعامل طوال العام الماضي بسعر واحد في ظل الارتفاع المتصاعد للمدخلات البتروكيماوية بنسبة تصل إلي 100% لمدخلات هذه الصناعة وذلك نتيجة لطول فترة التعاقد وعدم قدرة الطرف الحكومي علي اضافة أي موارد مالية قبل نهاية العام المالي.