من الوجهة الاقتصادية يهل عام 2005 حاملا معه مؤشرات متضاربة علي المستوي العالمي والاقليمي والمحلي علي نحو عجيب الأمر الذي يصعب معه التوصل الي انطباعات محددة بشأن الأحوال في العام الجديد واذا كان العام الذي يخبو قد شهد نموا عالميا معتبرا فانه علي المستوي المحلي شهد نموا معترفا به بلغ 4% وان صاحبته أزمات واختناقات مالية وسعرية ملموسة اسمكت بخناق الناس.. صندوق النقد الدولي خفض توقعات النمو العالمي خلال العام الجديد من 4% الي 1.3% بفعل التقلبات في اسواق العملات والنفط وعلي المستوي الاقليمي تتسع الامال في ان تشهد الشهور المقبلة انتعاشا اقتصاديا مرده الي زيادة حصيلة النفط وعودة الاستثمارات العربية في الخارج او جزء منها لتحتمي بحدود الأوطان بعد ما جري لها منذ احداث 11/9 وهو ما سيفيد دول الخليج بالاساس قبل غيرها رغم المخاطر الجدية التي تحيط الآن بمجلس التعاون الخليجي كسوق مشتركة بفعل توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين البحرين والولاياتالمتحدة وانعكاساتها السلبية علي مسيرة السوق الخليجية الموحدة التي باتت في مأزق كبير محليا انعش التغيير الوزاري الذي جري في منتصف العام الامال في ان تشهد البلاد بداية جديدة للاصلاح وفق خطط حديثة ومبتكرة واذا كان هذا النوع من الاصلاح يحتاج الي بعض الوقت كي تظهر نتائجه الا ان عام 2005 سوف يكون بلا شك عاما محوريا علي الصعيد الاقتصادي حيث ستتحدد اتجاهات الناس في الحكم عليه في ضوء قدرة الحكومة علي المضي في تنفيذ ما أعلنت عنه من برامج وخطط وافكار. محليا.. حكومة جديدة وفكر جديد. وإذا بدأنا بالاهم وهو التطورات علي الجانب المحلي فان اهم المؤشرات الايجابية التي ظهرت هذا العام كان التغيير الوزاري والذي حمل الي الادارة الاقتصادية مجموعة من الشباب الذين يملكون اقترابا مختلفا واكثر جرأة من المعضلات التي تواجهنا منذ سنوات.. هذا الاقتراب المختلف بانت ملامحه من التخفيضات التي طرأت علي التعريفة الجمركية وهي الأولي منذ عقود طويلة والاعلان عن قانون جديد للضرائب أكثر منطقية يحفز علي العمل والاستثمار وقبل كل ذلك يقلل الي حد بعيد من ظاهرة التهرب المعروفة والتي يعانيها الاقتصاد الوطني منذ منتصف السبعينيات. علي الجانب العملي كان استقرار سوق الصرف الاجنبية اهم المعالم الايجابية التي تحققت هذا العام واختفاء السوق السوداء لأول مرة منذ عام 1997 الصادرات شهدت انتعاشا وان كان مرده الاساسي الي ارتفاع عائدات بيع البترول وسجل العجز التجاري انخفاضا كما تحسن ميزان الحساب الجاري وسجل فائضا بلغ 7.3 مليار دولار وهذه كلها امور طيبة بعض الناس حسبوا التوقيع علي اتفاقية الكويز في ميزان حسنات العام الحالي والافضل ان نترك الحكم علي الاتفاقية الي ان نري نتائجها علي الارض خلال العام الجديد وان كان الارجح انها ستساعد في الحد من خسائر صادرات النسيج المصرية الي الولاياتالمتحدة بعد الغاء نظام الحصص الذي تعاني من اثاره السلبية دول كثيره غيرنا. اهم المؤشرات السلبية علي الإطلاق تمثلت في الارتفاع الكبير في الدين المحلي والذي بلغ حتي نهاية الميزانية في يونيو الماضي 440 مليار جنيه ليشكل نسبة حرجة من الناتج المحلي الاجمالي وإذا اضفنا الي هذا الرقم ما تم من اصدارات مالية التي ارتفعت وتيرتها بشدة خلال الشهرين الاخيرين من العام يصبح الدين العام مشكلة صعبة يتعين التصدي لها بصرامة خوفا علي البنيان الاقتصادي كله يتصل بذلك ايضا هذا العجز الضخم الذي ظهرت به الميزانية الحالية والمحملة بعجز مقدر بلغ 52 مليار جنيه تمثل 11% من الناتج المحلي الاجمالي واذا كان العجز الفعلي يأتي تقليديا اكبر من المقدر فانه خلال العام الجديد ومع انتهاء العمل بالميزانية الحالية من المؤكد ان يتزايد العجز علي الاقل بقيمة تتراوح بين 7 و10 مليارات جنيه نتيجة التخفيضات لجمركية والضريبية وهو ما يعني في النهاية مزيدا من الاعباء التي تضاف علي الدين العام وقبل ان نمضي في قراءة توقعات المستقبل ينبغي عدم اهمال ظاهرة ارتفاع الاسعار التي تعانيها مختلف الاسواق وبرغم عدم لجوء الحكومة الي رفع سعر البنزين اسوة بما اتبعته دول كثيرة لمواجهة ارتفاع اسعار النفط الا ان الاسعار أفلتت في معظم السلع والخدمات نتيجة التدهور الحاد في قيمة الدولار الذي يرتبط به الجنيه في الاسواق العالمية وهو تأثير لم يكن يمكن تجنبه باكثر مما حدث ومع ذلك وبعيدا عن الجوانب الاجتماعية لانها خارج اطار هذا التحليل فان ارتفاع الاسعار ينذر بعواقب صعبة في العام الجديد تتمثل في انخفاض القوة الشرائية وتراجع الاستهلاك وما يعنيه ذلك من مخاطر علي النمو.. وتهديدات بالركود.