تناولنا في اطار رحلتنا مع مشروع قانون ضرائب الدخل الجديد والتي استمرت علي مدار حلقات ثلاثة فلسفة القانون وما يحمله من فكر جديد حتي وصلنا الي ما جاء بمواد الاصدار في هذا المشروع. ونستكمل هنا بقية ما جاء في تلك المواد ثم ننظر بعض الابعاد الاساسية التي جاء بها هذا المشروع لاسيما فيما يتعلق بمبدأ اقليمية الضريبة وفيما يتعلق بالعقوبات التي جاء بها مشروع القانون بان كل بعد منهما له أهميته الخاصة في هذا السياق. المادة السابعة من مواد الإصدار: وتحدد تلك المادة تاريخ صدور اللائحة التنفيذية للقانون وهي ستة اشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية وهي فترة طويلة نسبيا ويمكن النظر في اختصارها الي ثلاثة اشهر.. وهي فترة تراها كافية. المادة الثامنة من مواد الاصدار: وتحدد تلك المادة تاريخ سريان القانون وتميز في هذا الصدد بين احكام الضريبة علي المرتبات وما في حكمها وبقية انواع الضرائب التي تضمنها القانون.. فجعلت سريان القانون علي المرتبات وما في حكمها اعتبارا من اول الشهر التالي لتاريخ نشر القانون في الجريدة الرسمية.. وهذا امر لا بأس به .. اما بالنسبة لبقية انواع الضرائب فقد حددت تلك المادة سريانه اعتبارا من عام 2005 أو السنة المالية المنتهية خلال تاريخ العمل بالقانون حتي كان تاريخ انتهاء تلك السنة لاحقا لسريان القانون. وصياغة المادة علي هذا النحو يمكن تبسيطها بشكل افضل بان ينص بالنسبة لبقية انواع الضرائب بخلاف المرتبات وما في حكمها والواردة في القانون ان يكون سريان القانون بالنسبة لها من بداية السنة التالية للعمل بأحكام القانون.. والحكمة من ذلك لعلها تستند الي اعتبارات عملية تستلزم عدم تداخل تطبيق القانون الجديد والقانون القائم علي نفس السنة الضريبية.. ولكن يجب النظر الي وجه آخر في هذا الصدد يتعلق بالمجتمع الضريبي الذي استقبل ما تم نشره بشأن القانون الجديد ومدي تخفيضه للعبء الضريبي بفارغ الصبر وهنا يلزم المقارنة بين الاستجابة للاعتبارات العلمية والاستجابة لتوقعات الممولين. تلك كانت ملاحظات علي مواد الاصدار في مشروع قانون ضرائب الدخل الجديد.. ويقودنا هذا لاستكمال رحلتنا مع مواد مشروع القانون ذاته الا انه قبل التعرض لمواد القانون تفصيلا لابد ان نناقش في هذا كله بعدين اساسيين في القانون هما "بعد اقليمية الضريبة" وموقف مشروع القانون منه.. ويقصد بذلك مدي سريان الضريبة علي الشخص الطبيعي او الاعتباري ولو كان اجنبيا داخل حدود اقليم الدولة.. ومدي امتدادها للدخول التي يحققها كل أو بعض الافراد او الشركات خارج اقليم او حدود الدولة. والبعد الثاني هو بعد "العقوبات" التي خصها مشروع القانون.. من حيث تناسبها مع المخالفات المرتبطة بها.. والآليات التي جاء بها مشروع القانون في هذا الصدد وما ورد في حكم المادة 129 من ان لمصلحة الضرائب تعيين مندوبين عنها من بين موظفيها لدي الوزارات والمصالح الحكومية ووحدات القطاع العام وقطاع الاعمال العام وغيرها من المنشآت التي يحددها الوزير بقرار منه.. لماذا هؤلاء المندوبون؟ يقول حكم المادة لمتابعة سلامة تنفيذ الجهات المذكورة لاحكام هذا القانون وغيره من التشريعات الضريبية المرتبطة به والتحقق من اداء هذه الجهات للضرائب وفقا لاحكام هذه التشريعات.. ويكون لهؤلاء المندوبين ولغيرهم من موظفي المصلحة - الذين يصدر بهم قرار من وزير العدل بناء علي طلب وزير المالية - صفة الضبطية القضائية.. وتلك المادة تعتبر من اخطر ما تضمنه القانون من احكام وجاء به من آليات.. نعم مندوب او اكثر من موظفي المصلحة لدي الممول "سواء كان جهة حكومية او غير حكومية" يراقب ويحاسب ويكتب مذكرات بالمخالفات وفقا للنظام الذي سوف يتحدد في اللائحة التنفيذية. وتلك ابعاد وأمور تحتاج الي مناقشة.. ثلاثة موضوعات بالغة الاهمية "موضوع اقليمية الضريبة" في مشروع القانون و"موضوع العقوبات" و"موضوع مندوب الضرائب المعين لمراقبة الممول".. اولا: بعد اقليمية الضريبة في مشروع القانون لتفهم موقف مشروع القانون من اقليمية الضريبة علينا ان نتوقف عند ثلاثة مفاهيم جاءت في هذا المشروع وهي مفهوم الاقامة للشخص الاعتباري وللشخص الطبيعي في حكم هذا القانون ومفهوم الدخل المحقق في مصر، ومفهوم المنشأة الدائمة في مصر.. وقد جاءت هذه المفاهيم في المادة الاولي من القانون في الاحكام العامة.. وتستحق منا كل العناية في فهمها ومناقشتها بالاضافة الي مفاهيم اخري منها الشخص المرتبط، والمشروع، والسعر المحايد، والاتاوات ونقتصر هنا علي تمهيد لمناقشة الموضوع الاول وهو اقليمية الضريبة في مشروع القانون.