صناعة التأمين لها طبيعتها الخاصة وكفاءتها لا تتوقف فقط علي الشركات العاملة في السوق، ولكنها تعتمد بصفة أساسية علي الجهاز المنوط به عملية تنظيم عمل هذا النشاط والرقابة عليه، وهو الدور الذي تقوم به في مصر الهيئة العامة للرقابة والإشراف علي التأمين. المؤكد ان هذه الهيئة قامت بدور لا يمكن انكاره خلال الفترة الطويلة الماضية التي شهدت استقرارا في ادارتها لعقود من السنين وقامت باعداد البنية القانونية لمواجهة التزامات مصر بعد انضمامها لمنظمة التجارة العالمية عام 1994. والمؤكد أكثر ان ذلك الدور مازال يحتاج الي المزيد خاصة مع التوجه نحو تحرير سوق التأمين في مصر وتطبيق حلم قديم مؤجل دائما هو تنشيط القطاع التأميني في مصر وتنمية الوعي المفقود به! ومع المتغيرات الأخيرة في الهيئة مع تولي رئيس جديد لها يتولي مهامها والتوجه بصورة أكثر جدية نحو تحريك قطاع التأمين يحاول "الأسبوعي" مع الخبراء استعراض المهام والأدوار المطلوبة من الهيئة أو "العملاق النائم" علي حد تعبير الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار. فماذا قالوا؟ في البداية يوضح الدكتور شوقي سيف النصر أستاذ التأمين بجامعة القاهرة أن دور الاشراف والرقابة علي التأمين اختلف تماما بعد انضمام مصر الي منظمة التجارة العالمية والاتفاقيات الخاصة بها "الجاتس" وكانت الاسعار الخاصة بكل فروع التأمين في السوق المصري موحدة وملزمة لجميع الشركات، وتغير الحال بعد ذلك مع دخول الشركات المشتركة للسوق المصري فأصبح هناك حرية في التسعير كما اصبح من الممكن ان تقوم بعض الشركات الكبري بالنزول بالسعر الي اقل من السعر الفني الذي يكفي لتغطية الخطر ويغطي مصروفات الشركة ويحقق لها هامش ربح وعادة ما تكون هذه المنافسة السعرية ضارة بالشركات الصغيرة وهو ما يوجد دورا جديدا ينبغي لهيئة الاشراف والرقابة علي التأمين ان تقوم به لمواجهة هذه العمليات والحماية من المضاربة التي تهدد سوق التأمين. ويؤكد د. شوقي ضرورة العمل علي تطوير قانون الاشراف والرقابة علي التأمين وذلك فيما يتعلق بالرقابة علي الاستثمارات التي تقوم بها شركات التأمين بحيث تضع قيودا علي الاستثمارات في الاوراق المالية وتسمح في نفس الوقت بوجود قدر من المرونة في تحديد الشركات لاستثماراتها. كما يطالب بمزيد من تفعيل دور الاشراف والرقابة علي التأمين في حماية حقوق حملة الوثائق كما يجب أن يكون هناك ضوابط تضعها الهيئة لتسجيل شركات التأمين الجديدة بما يضمن ان تقوم هذه الشركات بتقديم منتجات تأمينية وخدمات جديدة للسوق المصري ولا تعتمد علي سحيب عملاء حاليين لدي الشركات القائمة أو سحب الكوادر الفنية الموجودة بالشركات دون اضافة حقيقية لسوق التأمين ويشير في ذلك الاطار الي ان ما يحدث حاليا هو قيام الشركات الجديدة باضعاف الكيانات القديمة ولا تضيف جديدا للسوق سواء في المنتجات او الكوادر الفنية. من جانبه يؤكد الدكتور جلال حرب رئيس قسم التأمين بكلية التجارة جامعة القاهرة ضرورة ان يمتد دور الاشراف والرقابة الي المطالبة بالتشريعات التي تعزز المنافسة في سوق التأمين ويشير الي ان قصر السماح للشركات الجديدة علي ممارسة تأمينات الحياة فقط واحتكار شركات القطاع العام لتأمينات الممتلكات له أثر سلبي خطير لانه يساعد علي تدني خدمة تأمينات الممتلكات والتي لا تجد منافسة من الشركات الخاصة كما ان تأمينات الحياة من أصعب منتجات التأمين تسويقيا والاقبال عليها مازال ضعيفا مما يصعب الامر علي الشركات الجديدة. أما الدكتور فائق حنا الخبير الاكتواري بالهيئة العامة للاشراف والرقابة علي التأمين سابقا فيوضح ان من اهم ادوار هيئة الاشراف والرقابة علي التأمين العمل علي تنشيط السوق من خلال تنمية الوعي التأميني ويتطلب ذلك تفعيل تعاون الهيئة مع الجهات المختصة مثل الاتحاد المصري للتأمين وشركات التأمين والتي يجب ان تقوم بتمويل هذه العملية لانها المستفيد النهائي من تنمية الوعي باهمية التأمين. كما يطالب د. فائق بوجود دور فعال للهيئة في المطالبة بتنقية القوانين الحالية مما يعوق حركة التأمين مثل رسم الدمغة المبالغ فيه والذي يزيد من العبء علي المؤمن كما يجب عليها المطالبة بتنويع الاوعية الاستثمارية التي تطرحها الحكومة والتي عادة ما تطرح إما أذون خزانة أو شهادات الاستثمار والتي اقتصرت علي الافراد بحيث يتم طرح الدين العام متنوعا بين متوسط الاجل وطويل الاجل حتي تعطي الفرصة لشركات التأمين ان تجد استثمارا قليل الخطر وعلي آجال تتوافق مع التزاماتها. ويدعو كذلك الي زيادة تفعيل دورها الخاص بالتزام الشركات بتسعير الخطر بدقة بحيث تكون الاقساط في متناول شريحة اكبر من العملاء وفي نفس الوقت لا تتعرض الشركة للخسارة. وفيما يتعلق بعمليات غسل الأموال اكد د. فائق حنا ان الهيئة قد قطعت شوطا كبيرا في الحد من هذه العمليات في قطاع التأمين وقامت بعقد العديد من الندوات لتوعية الشركات باساليب تلافيها وطالبت كل شركة بانشاء وحدة لمكافحة غسل الأموال كما انشأت الهيئة نفسها وحدة لذلك الغرض وتقوم بالاضافة لكل ذلك بطلب تقرير ربع سنوي عن نشاط الشركات في تنمية مهارات العاملين بها لمكافحة غسل الأموال وقد اكدت كل هذه الجهود علي سلامة سوق التأمين المصري وخلوه من هذه العمليات. ويطالب د. فائق بان تعمل الهيئة علي الترويج لدورها وتوصيله الي العملاء حتي يتعرفوا اكثر علي دور الهيئة في حماية حقوقهم وتحسين الصورة الذهنية لدي الجمهور عن عمليات التأمين. ويؤكد الدكتور صفوت حميدة استاذ التأمين بأكاديمية السادات للعلوم الادارية ان مصر تعتبر في موقع جيد من حيث الاشراف والرقابة علي التأمين حيث تسعي الهيئة دائما لتطبيق كل جديد في هذا المجال ويشير الي ان هناك مصطلحات جديدة علي سوق التأمين المصري يجري حاليا تطبيقها مثل التوفيق بين الاصول والالتزامات بما يضمن وجود اصول سريعة التحول الي سيولة في حالة وجود التزامات قصيرة الاجل وكذلك وجود اصول طويلة الاجل لمواجهة الالتزامات البعيدة المدي مثل تأمينات الحياة. واضاف د. صفوت ان هذا التوافق بين الاصول والالتزامات يضمن تسويق المنتجات التأمينية مختلفة الاعمار والاطمئنان الي وجود استثمارات تقابلها.