كشف الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية أولي بنود سياسته المالية التي سيسير عليها في طريق اصلاح أوضاع عجز الموازنة بطريقة لا تترك آثارا انكماشية تبتعد تماما عن الأساليب المعروفة لعلاج هذا العجز بصورة مؤقتة وليست جذرية. الخطوة الجديدة تمثلت في تغيير شامل لمفهوم اعداد الموازنة العامة للدولة سيبدأ تطبيقها مع العام المالي الجديد 2005/2006 وأساسها تدعيم مبدأ الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، والاتجاه إلي الواقعية في تحديد الايرادات والموارد من جانب والنفقات علي جانب آخر، وما يشمله ذلك من مشاركة المصالح الايرادية في تحديد المستهدف بحيث يتم كل ذلك بناء علي الفعليات المحققة في أخر عام مالي. ما هي السياسة الجديدة.. وما رأي الخبراء فيها؟ يجيبنا الدكتور يوسف بطرس غالي وعدد من أساتذة المالية في جامعاتنا. يوضح الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية في البداية ان التعديلات الجذرية في السياسة المالية سيبدأ العمل بها مع موازنة العام المالي المقبل 2005/2006 وتقوم علي اساس الشراكة بين وزارة المالية والقطاع الخاص لتحقيق المبدأ السليم بأهمية الثقة التي تقوم عليها تلك الشراكة بين الدولة ممثلة في وزارة المالية ككيان ممول ومنفق والممولين والقطاع الخاص ككيان منتج دافع للضريبة، ويشير غالي إلي أن اهم عناصر السياسة المالية الجديدة ليس حجم الايرادات العامة المحقق ولكن أسلوب تجميع هذه الايرادات وأسس ربطها بشكل واقعي بما يعمل علي سهولة تزايد الثقة بين الطرفين وفي كل الأحوال فإن عكس ذلك سيؤدي إلي كل المشاكل الاقتصادية الحالية التي نعاني منها. ويوضح وزير المالية عناوين السياسة الجديدة ويقول انه عند اعداد موازنة العام المالي الجديد سوف يؤخذ في الاعتبار عند ربط الحصيلة اقتراحات العاملين بالمصالح السيادية المسئولة عن تحقيق هذا الربط، كما سيتم من ناحية أخري صياغة الموازنة العامة صياغة واقعية من حيث الايرادات أو النفقات العامة مشيرا إلي انه سيتم تدريجيا صياغة الموازنة في ضوء فعليات المحقق في الحصيلة في العام السابق وليس اعتمادا علي الربط المقدر في الموازنة التقديرية التي تعد سنويا. مزايا الواقعية يؤيد هذه الخطوة الدكتور سيد عبدالمولي أستاذ التشريعات المالية والضريبية بحقوق القاهرة ويوضح ان الطريقة التقليدية المتبعة في اعداد الموازنة العامة للدولة وتحديد ربط الايرادات فيها أدت إلي مشكلة تعاني فيها مصر منذ عام 98/99 وهي "عجز الموازنة" الذي أصبح يمثل خطرا علي الاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي مما يتطلب مواجهته بجميع السبل ويري ان أول اسباب هذه الظاهرة ان الايرادات المقدرة في الموازنة العامة لا يتم تحقيقها بسبب المغالاة في تقدير ربط هذه الموارد فضلا عن النفقات العامة المقدرة يتم تجاوزها بشكل كبير، ويتطلب ذلك وجود التزام بأن تكون الايرادات العامة أكثر واقعية بحيث يتم ربطها علي اسس واقعية ترتبط بالمحصل الفعلي في تحديد هذه الايرادات من خلال طرق متعددة متاحة نص عليها قانون الموازنة العامة وأولها تحديد الربط في الايرادات العامة من خلال متوسط الايرادات المحققة فعلا خلال السنوات الثلاث الأخيرة وخاصة السنة الأخيرة، ويشير هنا إلي مشكلة أخري ستواجه ذلك الاتجاه تتمثل في ان الحساب الختامي لأي سنة مالية لا يتم مناقشته أو اعتماده الا بعدها بثلاث سنوات علي الأقل وكان اخر الحسابات التي تمت مناقشتها للعام المالي 2001/2002. ويشير الدكتور عبدالمولي إلي أن المادة 118 من الدستور تنص علي أن يتم عرض الحساب الختامي للموازنة العامة خلال سنة من انتهاء السنة المالية علي مجلس الشعب ويتم اعتمادها بعد مناقشتها، الا ان ذلك لا يحدث ولو تم لكانت هناك رقابة برلمانية وشعبية حقيقية ولا يتم المغالاة في تقدير الايرادات أو النفقات العامة، وهو ما يمثل في النهاية عقبة أمام تطبيق مبدأ الربط بشكل فعلي وهو ما يتطلب الالتزام أولا بالقانون والدستور. تصحيح الخطأ القديم أما الدكتور محمد البنا أستاذ الاقتصاد بجامعة المنوفية وعضو اللجنة الاقتصادية بالحزب الوطني فيري ان الاساس في تقدير الايرادات الضريبية المتوقعة ان يكون علي اسس فعلية وواقعية ولكن ما يحدث هو علي العكس تماما ويعد قرار وزير المالية تصحيحا لخطأ قائم حيث انه كان يجب وضع التقديرات سواء للايرادات أو للنفقات بشكل واقعي وفي ضوء مؤشرات أداء الاقتصاد الوطني وخصوصا معدل النمو الاقتصادي المتوقع للناتج المحلي الاجمالي وذلك باعتباره الوعاء الاجمالي الحقيقي الذي تفرض وتحصل منه الضريبة.