أكد تقرير جديد صادر عن مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) أنه بعد مرور خمس سنوات علي اندلاع الأزمة المالية العالمية، لايزال الاقتصاد العالمي في حالة تفكك. وأطلق مركز الأممالمتحدة للإعلام خلال مؤتمر صحفي، تقرير التجارة والتنمية 2013 الصادر عن (الأونكتاد)، واستعرض خلاله كبير الاقتصاديين في دائرة العولمة واستراتيجيات التنمية محمود الخفيف، نتائج التقرير حول الاقتصاد العالمي. وأشار التقرير الصادر تحت عنوان ?التكيف مع ديناميات الاقتصاد العالمي المتغيرة?، إلي أنه من أجل التكيف مع الأزمة الهيكلية في الاقتصاد العالمي، يجب إدخال تغييرات اساسية علي السياسة الاقتصادية السائدة. ورأي أنه يجب علي البلدان المتقدمة اتخاذ اجراءات اكثر حسما لمعالجة الأسباب الاساسية للأزمة، وخاصة ما يتعلق منها بتزايد التفاوت في مستويات الدخل، وتقلص الدور الاقتصادي للدولة، وهيمنة الدور الذي يؤديه قطاع مالي سيئ التنظيم، ووجود نظام دولي معرض للاختلالات العالمية. واعتبر التقرير أنه ينبغي علي الاقتصادات النامية والانتقالية التي تعتمد اعتمادا مفرطا علي الصادرات من اجل تحقيق النمو أن تعيد النظر في استراتيجياتها الإنمائية وأن تعتمد اعتمادا أكبر علي الطلبين المحلي والإقليمي. واستعرض تقرير التجارة والتنمية 2013 اتجاهات الاقتصاد العالمي، ملاحظا أن معدل نمو الناتج العالمي لن ينتعش وأنه قد يسجل مزيدا من التدهور ليبلغ 2.1% في عام 2013 بعد أن كان قد تباطأ وتراجع من 4.1% في العام 2010 إلي 2.8% في العام 2011 ثم إلي 2.2% في عام 2012. ورأي التقرير أن البلدان المتقدمة ستظل متخلفة عن مواكبة المتوسط العالمي، حيث ستبلغ نسبة الزيادة في ناتجها المحلي الإجمالي 1% فقط، وهو ما يعكس وضعا يجمع بين استقرار معدل النمو في اليابان، وتراجعه بوتيرة معتدلة في الولاياتالمتحدة وحدوث مزيد من الانكماش في منطقة اليورو. وتوقع التقرير أن تحقق الاقتصادات النامية والانتقالية نموا بمعدلات مماثلة لتلك التي سجلت في عام 2012 والتي تبلغ أعلي بقليل من 4.5 و 2.5%، مشيرا إلي أن هذه الاقتصادات ستظل تمثل القوي الرئيسة المحركة للنمو الاقتصادي حيث يتوقع أن تسهم بقرابة ثلثي نمو الناتج العالمي في عام 2013. ولاحظ التقرير أن النمو نشأ في العديد من الاقتصادات النامية عن الطلب المحلي أكثر مما نشأ عن الصادرات، مع استمرار ضعف الطلب الخارجي من الاقتصادات المتقدمة. وذكر التقرير أن معدل النمو الاقتصادي الذي سجلته البلدان النامية كان أسرع منه في البلدان المتقدمة، حيث شهدت هذه البلدان زيادة كبيرة في نسبة مساهمتها في الاقتصاد العالمي والتي زادت حصتها فيه من 22% في عام 2000 إلي 36% في عام 2012، بينما زادت نسبة مشاركتها في الصادرات العالمية من 32% إلي 45% علي مدي الفترة نفسها. ولفت تقرير التجارة والتنمية إلي حاجة الاقتصادات النامية والانتقالية إلي التحول نحو نمو أكثر توازنا وإعطاء الطلب المحلي دورا أكبر في استراتيجياته الإنمائية. وحذر التقرير من أن امتداد فترة النمو البطيء في البلدان المتقدمة إلي أمد طويل يعني استمرار تباطؤ نمو وارداتها، الا انه اعتبر أن بامكان الاقتصادات النامية والانتقالية أن تعوض ما ينتج عن ذلك من حالات نقص في النمو عبر اعتماد سياسات اقتصادية كلية مضادة للتقلبات الدورية لفترة من الوقت. وأشار التقرير إلي أنه سيتعين علي واضعي السياسات، علي المدي الطويل، إعادة النظر في استراتيجيات التنمية تعتمد اعتمادا مفرطا علي الصادرات. واقترح التقرير أن تشدد استراتيجيات التنمية تشديدا أكبر علي دور الأجور والقطاع العام في عملية التنمية. وبالنسبة إلي النظام المالي، لاحظ التقرير أنه في معظم البلدان المتقدمة والنامية لا توجه الائتمانات توجيها كافيا نحو الاستثمار الإنتاجي في القطاع الحقيقي. وقال التقرير إنه من الضروري إجراء إصلاحات علي المستويين الوطني والعالمي من أجل تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي ومن أجل ضمان توجيه ما يكفي من تمويل الاستثمار نحو الأنشطة الإنتاجية ومساعدة البلدان النامية علي مواجهة التحديات الإنمائية الجديدة التي نشأت في بيئة ما بعد الأزمة المالية العالمية.