جمال بيومي: طمأنتها للمجتمع الدولي مطلوبة حتي لا نجر معها في مواجهات د. مصطفي النشرتي: الاقتصاد قائم علي المصالح ويجب تنحية أي خلافات د.سمير مكاري: الجمع بين الأطراف بنفس القدر دون أي تأثير حديث غير واقعي د. رشاد عبده: قوة إقليمية تجاهلها يسحب من رصيد الريادة المصرية د.طارق عثمان: أبواب التمويل الدولي ستغلق والأزمة الاقتصادية تزداد تعقيدا جاء الإعلان عن عودة توافد السائحين الإيرانيين مرة أخري لمصر عقب وصول أول فوج سياحي منذ شهر تقريبا بعد انقطاع دام أكثر من ثلاثين عاما وذلك بعد زيارة وزير السياحة هشام زعزوع لطهران وتوقيعه بروتوكول التبادل السياحي بين البلدين وتفعيل الخط الجوي، والأهم منح التأشيرات بلا قيود للإيرانيين جاء ليثير جدلا جديدا حول استعادة العلاقات المصرية كاملة مع إيران وما إذا كان ذلك يعد بمثابة اقرار رسمي ببدء صفحة جديدة في التعاون الاقتصادي المشترك وهي الخطوة التي اختلفت حولها الآراء بين مؤيد لها باعتبارها تعيد دور مصر المحوري بالمنطقة وتساعد علي إقامة علاقات متوازنة بجميع دول العالم، وبين معارض يري أن ذلك ربما يزيد من توتر العلاقة فيما بين مصر والدول العربية وبالاخص الخليجية في ظل النزاعات القائمة وكذلك الأمريكية والأوربية. في البداية، يري السفير جمال بيومي أمين عام اتحاد المستثمرين العرب أن إيران مطالبة بمبادرة للترضية لطمأنة الأمن القومي العربي كي تتمكن من إستعادة علاقات طبيعية ومتوازنة بكل الدول دون تخوفات خاصة أن الدور الإيراني الحالي ليس مريحا بتدخلاتها في سوريا ضد إرادة الشعب السوري وبلبنان ومحاولة تدخلها بالقضية الفلسطينية دون إطلاق طلقة واحدة تجاه اسرائيل أو حتي مساعدة السلطة الفلسطينية بأموال، بينما تحاسب مصر التي ضحت ب150 ألف شهيد، كما أن إيران هي التي قطعت علاقاتها بمصر وبالتالي فليس علينا نحن أن نبدأ باستعادتها. وأوضح أن الاستثمارات الايرانية بمصر موجودة، وهناك علاقات اقتصادية قائمة لكنها محدودة وكان يجب علي إيران لإثبات حسن النية أن تقوم بزيادة استثماراتها داخل مصر وكذلك حجم الصادرات المصرية لها مشددا علي أن أكبر استثمارات في مصر هي الأوروبية تليها الأمريكية ثم العربية حيث إن الاحصاءات تشير إلي أن الاستثمارات الأوربية المتراكمة حتي 2008 تقدر ب5,1 مليون دولار والأمريكية 4,7 مليون، أما العرب فيمثلون 2,3 مليار دولار، وأكد أن استعادة العلاقات المصرية الإيرانية ينبغي أن يترك لتقدير من يضعون أولويات الأمن القومي المصري حتي تأتي تلك الخطوة وفق أطر تحقق المنفعة المصرية دون أن يتسبب ذلك في إلحاق أي أضرار، مشددا علي أن هناك نقاطا مهمة يجب مراعاتها كي يتم إقامة علاقات جيدة مع إيران، أولاها: اشتباكها مع المجتمع الدولي بسبب قضية ?النووي?، وثانيتها وقف المد الشيعي وفي حالة تحقيق ذلك فنحن نرحب بالتعاون المشترك خاصة أن إيران قوة إقليمية. انفتاح شدد د.رشاد عبده رئيس المنتدي المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية وخبير الاقتصاد الدولي علي أن الدول الأكثر ذكاء هي تلك الأكثر توازنا في علاقاتها خاصة الخارجية منها بحيث يكون هناك انفتاح علي الجميع شرقا وغربا وشمالا وجنوبا بما يدعم مصطلح دبلوماسية التنمية؛ أي استخدام الدبلوماسية في توطيد العلاقات وتعظيم عوائد الدولة بقدر الإمكان وفي مقدمتها المكاسب الاقتصادية دون الانحياز لشرق أو غرب أو تبعية لمؤسسة أو هيئة، مؤكدا أن النظام المصري السابق كان يهمه كسب الأمريكان؛ ولذلك قدم مجموعة من التنازلات كان من ضمنها خضوعه للمطالبة الأمريكية بحث دول المنطقة بعدم تدعيم العلاقات مع الجانب الإيراني وهو ما جاء للإرضاء علي حساب المصلحة القومية خاصة أن إيران تمثل قوة إقليمية وتجاهلها سحب من رصيد الريادة المصرية لحسابها وحساب قوي أخري مثل السعودية وتركيا . وأضاف أن إيران تمثل قوة اقتصادية مهمة بالمنطقة لا ينبغي الانعزال عنها، وأن ما يتردد عن تسبب ذلك في توتر العلاقات بالدول العربية، وأمريكا لا يعد صحيحا لسبب بسيط هو أن العرب والامارات نفسها التي لديها مشكلة مع إيران بسبب احتلال جزرها لديها علاقات دبلوماسية بإيران، وكذلك السعودية وكل دول العالم . واقعية العلاقات بين الدول مبنية علي تبادل المصالح ومن الناحية الواقعية صعب جدا حفاظ اي دولة علي علاقات متوازنة بكل الدول.. بتلك العبارات تحدث د.سمير مكاري استاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، واصفا من يتحدث عن توازن العلاقات والجمع بين الاطراف بنفس القدر دون أي تاثير بأنه حديث يبعد تماما عن الواقعية التي تحكمها المصلحة بالدرجة الاولي وليس أي شيء آخر، وأكد أن إقامة علاقات مع إيران لن يعادل الاستفادة من العلاقات الحالية بالدول الغربية رغم ما تمثله إيران كقوة وكدولة متقدمة ولديها تكنولوجيا ومصادر دخل مرتفعة وخطط تنموية ناجحة يمكن الاستفادة منها كنموذج لدولة واعدة، وشدد علي أن توطيد العلاقات المصرية مع إيران إن لم يسبقه تفهم للوضع من دول الغرب بالتشاور معها فإن ذلك سيؤثر قطعا علي علاقتها بمصر في وقت تحصل به مصر علي معونات وقروض واستثمارات أجنبية من دول أوربا وأمريكا تعد أكبر من المحتمل أن يأتي من إيران. توازن إقليمي أكد د. مصطفي النشرتي رئيس قسم التمويل والاستثمار ووكيل كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا أن مصر يجب أن تعود لمكانتها، وتستعيد دورها الإقليمي، وأن تحقق التوازن في العلاقات بين كل الدول، وان الاتجاه لتنمية العلاقات مع الدول الآسيوية وجذب الاستثمارات وتنشيط التبادل التجاري أمر جيد، بالإضافة إلي العلاقات المميزة مع السوق الاوربية المشتركة والولايات المتحدةالأمريكية، مشددا علي أن مثلث تركيا إيران مصر يعتبر مثلث التعاون الاقليمي، وقد وصلت تركيا وإيران لدرجة متقدمة في النمو الاقتصادي ولديها صناعات ثقيلة ومنتجات مميزة ويمكن تنمية التبادل التجاري والتجارة البينية بين هذه الدول الثلاث وإن كانت إيران لها خصومات مع بعض الدول العربية كالبحرين والإمارات فإن العلاقات الاقتصادية يجب ألا ترتبط بالنزاعات السياسية للدول الشقيقة ويجب النظر إلي العلاقات الاقتصادية بين مصر وإيران من منظور تنموي وتنمية التجارة البينية بين الدولتين. وأضاف أن مصر كان لها تعاون سابق في عهد الشاه وتم استيراد وتصدير السلع بين البلدين مثل الأتوبيسات المرسيدس للنقل العام وهي بالتأكيد أرخص من مثيلتها في الدول الأوربية وذات جودة، بالاضافة الي أن إيران قطعت شوطا طويلا في الصناعات البتروكيماوية ويمكن الاستفادة من الخبرات الإيرانية في تنمية تلك الصناعات بمصر حيث تعتبر تلك الصناعات ذات ميزة تنافسية بمصر، وشدد علي أن الاختلاف المذهبي السني والشيعي بين مصر وإيران يجب ألا يكون له تأثير علي التبادل التجاري. حصار وشدد د. أسامة عبدالخالق الخبير الاقتصادي علي أن استعادة العلاقات الكاملة بين مصر وإيران سيأتي تدريجيا؛ لأن رئاسة الجمهورية تقع بين شقي الرحي.. فهي من جانب تعلم حجم التعارض الذي تتبناه دول الخليج العربي تجاه تعزيز العلاقات بين مصر وإيران وهو ما يعني أن كل تقارب مصري إيراني سيؤدي لتباعد مصري خليجي وأن المصالح الاقتصادية لمصر مع دول الخليج العربي والوعود التي تلقتها من دول الخليج وعلي رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر لا يمكن التضحية بها بسهولة.. وفي الوقت نفسه، فإن الحصار الذي تتبناه إيران لفرض هيمنتها علي الشرق الأوسط والترابط الحادث بين إيران وحزب الله والجبهات الفلسطينية تكاد كلها تتجمع في نقطة التقاء لدي مصر والأخوان وبالتالي فخطوة استعادة خطوط الطيران بين الدولتين مجرد إعلان عن جدية الرئاسة في مصر علي التعامل مع الجمهورية الإيرانية بشكل واضح وصريح، وهذا شيء قد يكون مرغوبا إذا كان موجها ضد إسرائيل.. بمعني أنه إذا كان الهدف من التقارب الدعم المتبادل بين مصر وإيران تجاه عدو واحد وهو إسرائيل فهذا شيء مرغوب إلا أن الآثار السلبية له المتمثلة في المد الشيعي ومحاولة إيران فرض النموذج الإيراني علي مصر لن يكون مقبولا علي مستوي الشعب المصري من ناحية، والأعراف الدولية من ناحية أخري خاصة أن إيران تعادي معظم دول العالم ببرنامجها النووي الذي سيترتب عليه امتداد العقوبات الدولية المفروضة علي إيران لتصل إلي مصر التي تعاني في الأساس الأمرين، ولا يحتمل الأمر معها فرض حظر علي استيراد احتياجات الغذاء ومستلزمات الإنتاج من الدول المعادية لإيران، وعلي رأسها أمريكا والمفوضية الأوربية . وأضاف أن الأمر يستدعي العودة في العلاقات مع إيران حتي وإن كان هذا لصالح القضية الفلسطينية ألا يكون هذا علي حساب مصر والشعب وألا تتحمل مصر أعباء لا طاقة لها بها تجاه القضية الفلسطينية مساندة للموقف الإيراني. توتر من ناحيته، أبدي د. طارق عثمان المحلل السياسي تخوفه من فتح الباب أمام المد الشيعي الإيراني، مشددا علي أنه في حقيقة العمل السياسي ليس هناك مانع لتفعيل العلاقات الدبلوماسية الطبيعية مع إيران ولكن بشروط، أهمها فصل الدين عن السياسة حتي نغلق الباب بشكل كامل أمام قضية تصدير الفكر الشيعي لمصر كما ينص دستورهم بعد ثورة 1979، ولكن كيف يضع النظام أسسا سياسية صريحة لفصل الدين عن السياسة وهو يسوق نفسه علي خلاف الحقيقة تماما انه ينتمي لمشروع إسلامي، وإن يكن من المفهوم أن وصول إيران إلي القاهرة يميل سياسيا إلي صالح إيران وليس العكس، وبالتالي لا بد من جعل المصالحة مع دول الخليج العربي شرطا واضحا لعودة العلاقات.