خبير اقتصادى: مصر تطبع مع إسرائيل واليهود فكيف لا تتعامل مع إيران؟ شعبة السياحة والطيران: الإيرانيون سينعشون السياحة ويقللون فرص انتشار المد الشيعى حسان يطالب الحكومة بمواجهة أى توجة شيعى ويطالب الإعلام بالتصدى لطهران
حالة من التخوف شهدتها البلاد خلال الأيام الماضية، بعد أنباء عن سعى إيران لغزو السوق المصرى بمنتجاتها واستثماراتها، وهو ما أعلنت الحكومة عن قبولة أثناء زيارة هشام زعزوع، وزير السياحة، لإيران الأسبوع الماضى، غير أن هناك من أعلن رفضه لهذه الاستثمارات خوفا من المد الشيعى فى البلاد.
«الصباح» رصدت آراء عدد من الاقتصاديين ورجال الدين حول الإجراءات التى تتبعها حكومة الإخوان المسلمين من بدء التطبيع الاقتصادى مع إيران مستندة على الظروف الاقتصادية الطاحنة التى تمر بها مصر حاليا. وتوقع العديد من المحللين أن تسيطر «الضبابية» على مستقبل العلاقات بين البلدين وذلك رغم وصول حجم الاستثمارات الإيرانية فى مصر إلى 342.57 مليون دولار حتى الآن.
استثمارات إيرانية مشروطة الدكتور فخرى الفقى الخبير الاقتصادى، والمستشار السابق لصندوق النقد الدولى، رحب بالاستثمارات الإيرانية فى مصر، ولكن فى الوقت المناسب وفى الأحوال العادية وليس الآن- حسب قوله.
وحدد بعض الاشتراطات لجذب الاستثمارات أبرزها وجود حكومة مصرية قوية تعطى إشارات وسياسات إيجابية يمكن من خلالها جذب المستثمرين فلا مانع إطلاقا من وجود الاستثمارات الإيرانية فى مصر وكذلك البحث عن المصلحة العامة للوطن خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
وقال «الفقى» إنه يجب زيادة فرص الاستثمار مع كل الدول ويتوقف على قيام الحكومة بإعطاء إشارات وسياسات واضحة واتخاذ إجراءات إيجابية للمستثمرين جميعها بما فى ذلك الدول العربية والإسلامية ومنها إيران دون النظر إلى الاختلافات السياسية والدينية.
وأكد أن الاستثمارات الإيرانية القادمة لمصر (إذا جاءت) ستكون فى إطار الحكومة الإيرانية، مما يطرح كثيرا من التساؤلات والشكوك من قبل المصريين والحكومات العربية والأجنبية بصفة عامة، وأن تلك الحكومات لن تقبل بذلك ومن الممكن توريط مصر فى المشاكل والأزمات السياسة الحالية بين إيران والمجتمع الدولى والدول الكبرى فيما يتعلق بالبرنامج النووى الإيرانى وموقف تلك الدول من السياسة الخارجية الإيرانية، رغم تأكيد إيران أن برنامجها للاستخدامات السلمية إلا أن العلاقات الاقتصادية بين مصر وإيران ستدفع مصر إلى الدخول فى تلك الأزمة ودائرة الصراع رغم عدم صلة مصر بها خاصة وأن الحالة الاقتصادية والسياسية التى تمر بها مصر حاليا لاتسمح بذلك على الإطلاق.
أضاف بأنه فى ضوء الوضع الاقتصادى الحالى وتدهور التصنيف الائتمانى لمصر، ظهرت حالة من التحفظ من قبل المستثمرين الأجانب للدخول فى مصر الفترة الحالية، لأن الحكومة الحالية لم تقدم أى إشارات إيجابية لهم بخلاف سياساتها غير المستقرة لدخول الاستثمارات الأجنبية للسوق المصرى، بالإضافة إلى عمليات التقاضى بين الحكومة ورجال الأعمال سواء المصريين أو الأجانب. كما أن المناخ الاستثمارى حاليا غير جاذب وهو ما أدى إلى انخفاض الاستثمارات عموما بما فيها الاستثمارات المحلية، والتى خرجت من السوق المصرى إلى الدول المجاورة سواء إلى ليبيا وتركيا وكذلك دول أوروبا، منوها إذا كان الوضع الاقتصادى كذلك فما هى الدوافع التى من خلالها يمكن جذب رجال أعمال إيرانيين للسوق المصرى.
والمستثمر يبحث عن البدائل التى تعطى استثماراته أعلى استفادة وعائد ممكن، فلماذا يأتى المستثمر الإيرانى إلى مصر؟ فى حين رحب عمارى عبدالعظيم عمارى، رئيس شعبة شركات السياحة والطيران بغرفة القاهرة التجارية، بالاستثمارت الإيرانية فى مصر خاصة فى المجال السياحى مما يساعد على انتعاش سوق السياحة ودفع الاقتصاد المصرى للأمام وتوفير فرص عمل وتقليل نسبة البطالة وتوفير سيولة مالية بالأسواق.
وقال عمارى إن القطاع السياحى يقدم جميع الخدمات السياحية والحضارات والأثريات للترويج للتاريخ والحضارة المصرية، وإن طبيعة الجو والمناخ المصرى تناسب كل السائحين من مختلف دول العالم لافتا إلى أن الترويج للسياحة المصرية بإيران هى بداية حقيقية للنمو خلال المرحلة القادمة.
وقلل من فرص انتشار المد الشيعى فى مصر المتوقع إذا تم التبادل الاقتصادى والتجارى بين مصر وإيران، لافتا إلى أن مصر ليست كأى دولة فهى مختلفة تماما عن دول العالم مستشهدا باحتلال بريطانيا لمصر لفترة طويلة جدا وكذلك فرنسا دون التأثير على المجتمع المصرى أو ثقافته وعاداته ودينه، مشيرا إلى أن السياح الإيرانيين عند زيارتهم لمصر سيقومون بزيارة أماكن معينة ومحددة تتمثل فى المساجد والحسين والأزهر الشريف والسيدة زينب والسيدة عائشة وبعض الأماكن الدينية المرتبطين بها عاطفيا ودينيا، دون التأثير فى عقيدة المصريين.
وأضاف عمارى أن الآراء التى تنادى بعدم التعاون مع إيران هى دعوات تهدف إلى عرقلة نمو الاقتصاد المصرى وتحقيق التنمية الاقتصادية لافتا إلى أن المشكلة تكمن فى سوء الإدارة وعدم فهم طبيعة الإيرانيين مرحبا بقدوم الإيرانيين إلى مصر مشيرا إلى ذهابهم إلى السعودية لأداء الحج والعمرة.
كما قال الخبير الاقتصادى الدكتور رشاد عبدة إن مصر تقوم بالتطبيع مع إسرائيل واليهود فكيف لا تتعامل اقتصاديا وتجاريا مع إيران؟ خاصة أن إيران قوة دولية لا يستهان بها يمكن أن يتم الاستفادة منها اقتصاديا، منوها أن الفرصة سانحة أمام مصر لاستعادة مكانتها وريادتها الدولية والإقليمية بعدما تراجع دورها خلال الفترة السابقة وتم توزيع الدور الريادى بين مصر والسعودية، ولن يتحقق لمصر الدور الريادى الآمن خلال القوة الاقتصادية وإقامة علاقات اقتصادية قوية مع جميع دول العالم.
وشدد عبده على أهمية وضع الضوابط والمعايير والقوانين بين الدولة والمستثمرين الإيرانيين نظرا لحالة الخوف التى تنتاب الشارع المصرى، وتلزم الدولة المصريه رجال الأعمال والمستثمرين بها وإن لم يلتزموا بها يتم إبعادهم عن السوق المصرى.
وأضاف الخبير الاقتصادى أن جذب الاستثمارات الأجنبية كافة، والاستثمارات الإيرانية خاصة ينعكس بالإيجاب على الاقتصاد المصرى و يدفعه للأمام من خلال زيادة فرص العمل والحد من البطالة وزيادة القدرة على الإنتاج وزيادة التنافسية، وكذلك تحقيق التوازن بين العرض والطلب وتقليل الفرق مابين السلع والأسعار.
أشار عبده إلى أهمية سعى الحكومة إلى جذب المستثمرين الأجانب والمصريين لأن الاستثمار له أرض تساعد على زيادة الفرص الاستثمارية وإقامة المشاريع وإنشاء المصانع مع وضع القوانين المنظمة للسوق.
وعلى صعيد متصل اتفق ممثلو التيارات الإسلامية فى مصر على الرفض التام لكل ألوان المد الشيعى، وأن مصر ستظل معقلا لأهل السنة والجماعة الذين يمثلون مليارا ونصف مليار مسلم على مستوى العالم.
وشددوا على أنه لن يتم السماح بإقامة احتفالات «الحسينيات» الشيعية فى مصر، أو أى مظاهر للمد الشيعى لأن مصر دولة سنية فى المقام الأول ويجب أن يعى الجميع خطر المد الشيعى على مصر والعالم العربى أجمع.
وقال الداعية السلفى الشيخ محمد حسان إن العلماء اتفقوا على دعم موقف الأزهر برفض التشيع أو إقامة أى كيان شيعى فى مصر، وأن مصر قوية بعلمائها جميعا لمواجهة أى تيار شيعى منعا لأى خلاف طائفى أو مذهبى ويجب أن يقوم التعليم والإعلام بدوريهما لمواجهة المد الشيعى ومطالبة المسئولين بالتصدى لأى توجه شيعى فكرى، مشيدا بدور الأزهر باعتباره يمثل المنهج المعتدل.
وأكد أن الإخوان اتفقوا على موقف الأزهر الشريف وأهل السنة والجماعة برفض المد الشيعى وإقامة ما يسمى الحسينيات، لافتا إلى أن مرشح الإخوان للرئاسة الدكتور محمد مرسى أعلن أن إعادة العلاقات مع إيران ستأخذ مجراها الطبيعى وأن هذا لا يتعارض مع رفض المد الشيعى فى مصر، مطالبا بالمواجهة الموحدة من كل العلماء والدعاة والمثقفين.
مخطط إيرانى لكسر الحصار الدولى أحد المحللين السياسيين أعد دراسة حول مستقبل العلاقة بين مصر وإيران بعد زيارة الرئيس الإيرانى مؤخرا إلى مصر، فقال إن إيران تغلب دائما المصالح على الأيديولوجيا حال تعارضهما معا فتمكنت من فتح آفاق واسعة، وإقامة علاقات جيدة مع حركة حماس السنية وسوريا كما حافظت طهران على حد أدنى من العلاقات مع مصر على المستويين الثقافى والتجارى، بحيث يمكن البناء عليهما، فى حال إذا سمحت الفرصة لإعادة العلاقات مع مصر بشكل طبيعى. وبدافع المصلحة، ترى إيران فى عودة العلاقات مع مصر فرصة لتحقيق عدد من المكاسب أهمها كسر الحصار الدولى عليها بعد بسبب أسلوبها فى التعامل مع الملف النووى ومعارضة المجتمع الدولى له، والذى فرض على إيران عزلة سياسية، حاولت التغلب عليها من خلال بسط نفوذها إقليميا فى عدد من الدول، مستفيدة بأوضاعها المضطربة مثل العراق ولبنان، وتدعيم العلاقات مع الدول الإفريقية، ودول أمريكا اللاتينية. غير أن هذه السياسات لم تساعد فى الوصول إلى استعادة الدور الإيرانى المطلوب. وفى حالة عودة العلاقات مع مصر، ستتمتع إيران بمزايا نسبية، نظرا للمكانة الإقليمية التى تتمتع بها وإن تعطل دورها إلى حد ما خلال الفترة الماضية-كونها دولة القلب للوطن العربى، لها كلمة يعتد بها فى المحيط العربى، وتشترك فى العديد من التحالفات، ولها شبكة واسعة من المصالح، ما يتيح فرصة جيدة لإيران فى محيطها العربى.
كما ترى إيران أن أى تحسن فى العلاقات مع مصر يعنى بالضرورة خصما من نفوذ الولاياتالمتحدةالأمريكية فى المنطقة، وحداً من تأثيرها فى السياسة المصرية بصفة خاصة، لاسيما مع نجاح ثورة 25 يناير فى إسقاط النظام الذى أقام علاقة مع الولاياتالمتحدة، قوامها التبعية وهو ما عبر عنه الرئيس الإيرانى صراحة خلال زيارته الأخيرة فى مصر حين أكد استعداد بلاده لتقديم مساعدات واستثمارات لمصر تقارب قيمة المساعدات الأمريكية، موضحا أن التحالف مع إيران من شأنه أن ينهى حاجة مصر للاعتماد على الدعم الأمريكى.
سيناريوهات معقدة لمستقبل العلاقة الإيرانية وقالت الدراسة التى اطلعت عليها «الصباح» إن نمط العلاقة المستقبلية بين الدولتين الإيرانية والمصرية يتسم بقدر كبير من التعقيد، فرضه التوتر والصراع الذى شاب العلاقات بين البلدين لعقود متتالية، نظرا لغياب نمط محدد لهذا الصراع الذى امتد ليشمل الدور الإقليمى، والتوجه الأيديولوجى، ونمط السياسة الخارجية وأدواتها، واللجوء إلى التهدئة، ومغازلة التصريحات تارة، والانتقاد اللاذع تارة أخرى.
غير أنه ومع واقع العلاقات الجديد الساعى إلى تقريب وجهات النظر، والتسليم بأن ما سبق من محاولات لم يرق إلى التقارب الحادث حاليا، فإن مستقبل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين يظل مفتوحا على ثلاثة سيناريوهات أولها هو العودة إلى نقطة البدء، واحتمال استمرار العلاقات المتوترة، ويدعم هذا السيناريو أن مصر بعد إعلان رغبتها فى إقامة علاقات دبلوماسية مع إيران، استدركت أن هذا الحديث مبكر، ثم اتهمت الدبلوماسى الإيرانى بالتجسس، وهو ما يعنى أن عين الريبة لاتزال هى الغالبة على رؤية الطرفين لبعضهما وهذا السيناريو مرشح للاستمرار .
وفى مقابل ذلك، يحمل السيناريو الثانى فى طياته تفاؤلا بشأن عودة العلاقات بين الطرفين، وذلك بالنظر إلى ما يتخذ من إجراءات خلال هذه الفترة نحو التقارب، فى خضم حماسة التغيير الذى تحاول مصر الاستفادة منه، وتحرص إيران على ألا تخسره.
أما السيناريو الثالث، وهو المرشح الأقوى بين السيناريوهات الثلاثة، فيتمثل فى عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وضمان «حد أدنى» من التعاون بين البلدين، يمكن أن يلعب فيه الاقتصاد دور القاطرة، نظرا لحاجة كل منهما للآخر اقتصاديا، ويمكن أن يشهد هذا السيناريو تنافسا سياسيا فى الإقليم، إذ إن تعاون كل من مصر وإيران ودخولهما عصرا جديدا من العلاقات الدبلوماسية الطبيعية لن ينهى بأى حال تطلع كل منهما للعب دور إقليمى بارز، وهو ما ستتحكم فيه المصالح الملحة لكلا البلدين.