أعلن البنك المركزي المغربي أخيرا عن انطلاق التراخيص الأولي لإنشاء البنوك الإسلامية في البلاد بداية من شهر أكتوبر المقبل، بعد أن تشكل لجنة علمية تتكون من خبراء وعلماء دين لمراقبة منتجات البنوك التشاركية ?الإسلامية?، والوقوف علي مدي مطابقتها لمقاصد الشريعة الإسلامية. وأكد خبراء، أن إنشاء بنوك تقدم منتجات مالية بديلة عما هو سائد في البنوك التقليدية الموجودة حاليا في البلاد أضحي أمرا لابد منه، بسبب سياقات داخلية وخارجية تفرض الاعتماد علي التمويل الإسلامي الذي يجذب عددا من الرساميل، فضلا عن تصاعد الطلب الداخلي لهذا النوع من التمويلات الجديدة بالنسبة للمغاربة. وقال الدكتور عبدالسلام بلاجي، رئيس الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي، إن حاجة المغرب للبنوك الإسلامية باتت ملحة يوما عن يوم، لعوامل داخلية وخارجية عديدة، فالدوافع الداخلية تتمثل في رغبة المغرب ولوج سوق استثمارية عالمية تتعامل حصرا بالتمويل الإسلامي. ولفت بلاجي إلي أن مجموعة من الدول في أوروبا والعالم العربي تتنافس فيما بينها بشكل كبير لاستقطاب رساميل تشترط آلية التمويل الإسلامي، مشيرا إلي أن المغرب يسعي لأن يكون حاضرا ضمن هذه السوق الاقتصادية والمالية، لأن المستقبل هو للمصارف الإسلامية. وأما الدوافع الخارجية، وفق الخبير ذاته، فتعود إلي تصاعد الطلب الداخلي من لدن بناء البنوك علي إنشاء البنوك الإسلامية في البلاد، وذلك من خلال قراءة في خلفيات الأرقام التي تتحدث عن كون 52% من المغاربة لا يتعاملون مع البنوك الحالية لأسباب كثيرة. وسرد بلاجي أبرز هذه الأسباب التي تدفع أكثر من نصف المغاربة إلي عدم التعامل مع البنوك التقليدية، منها ضعف القدرة المالية علي مجاراة تعاملات هذه البنوك، وأيضا عدم توفر المؤسسات المصرفية في القري والبوادي، زيادة علي الاعتقاد الديني متمثلا في رفض الكثيرين للتعاطي مع الفوائد لكونها ربوية. ومن جهته أفاد الدكتور عمر الكتاني، أستاذ الاقتصاد الإسلامي في جامعة الرباط، بأن البنوك التقليدية الحالية لا تقوم بتوجيه المال لصالح الاستثمار في المجتمع، وبالتالي فالمغرب يحتاج حتما إلي بدائل ومصادر جديدة للاستثمار، ومن ضمنها تمويلات البنوك الإسلامية. ونبه الكتاني إلي أن إنشاء بنوك إسلامية بالمغرب سيجنب الاقتصاد المغربي هزات ومخاطر محدقة به، لكونه قد يضيع علي نفسه في حالة عدم إحداثها رءوس أموال عربية كثيرة من دول الخليج والمشرق العربي تسعي إلي الاستثمار في البلاد، مردفا بأن هناك أيضا احتمال ?هروب? المهاجرين المغاربة نحو التعامل مع البنوك الإسلامية في أوروبا، وبالتالي المخاطرة بمداخيل الجاليات التي تلعب دورا مؤثرا في إنعاش الاقتصاد الوطني. وأرجع الخبير التماطل في إنشاء البنوك الإسلامية بالمغرب إلي ما سماه ?لوبي? البنوك التقليدية الربوية الحالية، حيث إن أصحابها يمارسون ضغوطا كبيرة لمنع ولوج التمويلات الإسلامية إلي البلاد، بدعوي أنها ستقوم باكتساح شامل للسوق المالية المغربية، مشيرا إلي أن هذا أمر غير صحيح علي الأرض لإمكانية تواجد الصنفين معا من البنوك في البلاد.