كل ما يحدث يؤكد او ينذر بأننا لا نسير فقط في الطريق الخاطئ، لكننا ننحدر في هوة سحيقة قد تنتهي بنا إذا لم ننتبه إلي مصير لبنان في السبعينيات وأوائل الثمانينيات حين تصاعدت أعمال العنف الداخلي وتطورت الي حرب اهلية استمرت سنوات حصدت الآف الارواح ومهدت لغزو اسرائيل للبنان عام 1982. الاخطر ان مصر لو مضت لا قدر الله في طريق الاقتتال الداخلي او الحرب الأهلية فالنتيجة ستكون كارثية ليس علي مصر وشعبها فقط بل علي المنطقة بالكامل، ولا يظن احد داخل مصر او خارجها انه سيكون بمنأي عن النار التي ستأكل الأخضر واليابس حتي وان كان البعض قد رتبوا انفسهم وهربوا اموالهم للخارج . ان احداث المقطم الجمعة الماضية وما سبقها من أحداث حرق وقتل وسحق وسحل وتدمير وخرطوش ومولوتوف وغيرها تؤكد ان هناك من يدبر لحرق هذا الوطن وانهم اعتبروا ان هذا الطريق لا رجعة فيه، كما تؤكد ان البلطجية والمجرمين هم من يديرون المشهد حاليا وهم من يسيطرون علي الوضع وليس الحكومة ولا المعارضة الآن الكلمة العليا للبلطجية والمجرمين وهم الذين اصبحوا الثوار وقادة الثورة، وهم الذين لا يتورعون عن استخدام اي اسلوب واي طريقة للعنف حتي حصار المساجد وضربها بالمولوتوف، فضلا عن ذبح وحرق كل من يقع فريسة تحت ايديهم . الأمر خطير والعنف تزداد خطورته ويتوسع وكما يقولون فان لكل فعل رد فعل، واذا كان البعض قد ذهب للمقطم ليشتم ويسب ويرسم صورا بذيئة علي مقر الاخوان، فان هذا كان خطأ لأن من ذهبوا يعلمون انهم يجرون الشكل ويستفزون شبابا مثلهم وان المواجهات واردة ، كما انه كان من الخطأ الا يضبط بعض شباب الاخوان انفسهم ويضربون من جاءوا لاستفزازهم، وكانت خطيئة كبري ان يتم صفع فتاة علي وجهها مهما كان الامر. وكانت خطيئة اخري ان تدعو بعض الاحزاب والتيارات إلي حصار مقر الاخوان وهم يعلمون ان المواجهات قد تحدث، اما ما حدث من عنف وحرق وتدمير لشباب الاخوان ومقراتهم فهو جريمة بكل المقاييس . والاخطر ان يدفع الغضب لما حدث البعض لدعوات خطيرة لحصار مدينة الانتاج الاعلامي او مقرات بعض قادة جبهة الانقاذ الوطني، فالعنف مدان من اي فصيل وضد اي فصيل، والعنف لن بدفع الا لمزيد من العنف. ان جبهة الانقاذ وان كان بعض قادتها يعبرون عن رفضهم للعنف في بيانات باهتة الا ان ذلك لا يعفيهم من انهم يوفرون الغطاء لهذا العنف من خلال اشعال البلاد ودعوات التظاهر التي لا تنقطع ورفضهم اي بادرة للتهدئة ولا اعفي الرئيس والحكومة من المسئولية وعدم اجراء حوار جاد حقيقي مع من يسعون بالفعل لمصلحة الوطن دون اللهث وراء من يسعون لاحراقه ، كما لا اعفي الرئيس من مسئولية الابقاء علي حكومة ضعيفة هشة لم تقدم شيئا حقيقيا للمواطن يحل ازماته اليومية . اما ضعف النظام وعدم قدرته علي مواجهة البلطجية وفرض الامن وحماية الناس، والتردد في فرض القانون والضعف امام من يحرقون مصر ممن يسمون أنفسهم بالنخبة السياسية فهي مشكلة حقيقية احترنا فيها. وحدث بلا حرج عن الاعلام والفضائيات التي تجاوزت كل الخطوط في عدم احترام المهنية والحفاظ علي اقل قدر من الموضوعية وراحت تحرض وتكذب وتشعل النار في المجتمع، الحكومة المرتعشة التي لا تستطيع حماية مواطنيها وتطبيق القانون ومواجهة كل انواع البلطجة وفي مقدمتها البلطجة السياسية والاعلامية عليها ان تحمل عصاها وترحل والنخبة السياسية التي لا يهمها حرق الوطن ستكون اول من يحترق بالنار التي تشتعل، والشعب لن يسكت طويلا علي من يرقصون علي جثة وطن يحتضر .