كشفت اجتماعات القمة الاسلامية التي عقدت مؤخرا بالقاهرة عن حرص منظمة التعاون الإسلامي علي زيادة التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الإسلامية، باعتبارها منظمة إقليمية كبيرة تضم 57 دولة موزعة علي أربع قارات، ويبلغ تعداد سكانها ما بين 1,3 إلي 1,5 مليار نسمة حيث لا بديل في عالم العولمة ونشأة الكيانات الاقتصادية والتجارية الكبري في ظل اتفاقية التجارة الحرة العالمية عن التكامل الاقتصادي الإسلامي، علي المستويين الاقليمي والدولي، لمجابهة التحديات المختلفة التي يطرحها النظام الاقتصادي والتجاري الجديد. وذكرت وكالة أنباء (شينخوا) في تقرير لها ان الإحصائيات الصادرة عن التقرير السنوي حول التجارة بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي لعامي 2010 و 2011، والذي يصدره المركز الإسلامي للتنمية التجارية، تشير إلي أن دول المنظمة لا تسهم بالفعل في الناتج العالمي إلا بنسبة تراوح 10% فقط، حيث بلغت قيمة التجارة الإجمالية للدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي في عام 2009 حوالي 1,28 تريليون دولار أمريكي بما يعادل 10,47% من التجارة العالمية، ثم ارتفعت قيمة هذه التجارة إلي 3,2 تريليون في عام 2010 (بنسبة 10,5% من حجم التجارة العالمية)، وبلغت 3,9 تريليون في عام 2011 بنسبة 10,8%. ولا ريب في أن هذا الاسهام الضعيف بالنسبة للحجم الكلي للتجارة العالمية لا يتناسب بأي حال مع تملك الدول الإسلامية لحوالي 73% من الاحتياطي العالمي من النفط (تنتج 38,5% من الإنتاج العالمي)، ونحو 40% من الاحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي، مع ملاحظة أن أكثر من 85% من صادرات هذه المواد هي عبارة عن مواد خام غير مصنعة. وأقرت قمة منظمة التعاون الإسلامي الثانية عشرة في بيانها الختامي ، سلسلة جديدة من الخطوات والإجراءات الهادفة إلي تعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية ودعم العديد من المشروعات التنموية والاقتصادية البينية في مجالات التجارة والزراعة والأمن الغذائي ومكافحة الفقر وتوفير وظائف جديدة للشباب وتنمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وبدوره، أكد أكمل الدين إحسان أوغلو أمين عام منظمة التعاون الإسلامي أن القمة الإسلامية تكتسب أهمية خاصة لأنها تعقد في ظروف استثنائية وفي ظل تحديات هائلة يتعرض لها العالم الإسلامي، معتبرا أن الفترة التي يمر بها العالم الإسلامي هي من أدق الفترات منذ نهاية الحرب العالمية الأولي. وقال أوغلو، إن الميثاق الجديد لمنظمة التعاون الإسلامي والخطة العشرية التي وضعتها المنظمة هما خير وسيلة لتجاوز الأزمة الحالية التي يمر بها العالم الإسلامي. وأضاف أن التعاون الاقتصادي والسياسي سيساعدنا في الخروج من هذه الأزمات، مشيرا إلي وجود عوامل داخلية وخارجية وراء هذه الأزمات. وأشار أوغلو إلي أن الوضع في مالي والساحل الإفريقي مثار قلقنا جميعا لما يمثله من زعزعة للاستقرار في المنطقة، معربا عن دعم المنظمة لجهود الحكومة الانتقالية الرسمية في مالي لاستعادة الأراضي التي سيطرت عليها الجماعات المسلحة. ولفت إلي أن هناك ظاهرتين خطيرتين يجب التعامل معهما، الأولي هي (الإسلاموفوبيا) التي تمثل تحديا للعالم الإسلامي من خارجه، مشيرا إلي أن المنظمة بذلت جهودا كثيرة في هذا الصدد. وأضاف أن الاقتراحات التي قدمها في المجلس الدولي لحقوق الإنسان، قبلت كأساس لقرار دولي بشأن هذه القضية، وبهذا انتهت المواجهة بيننا وبين الدول الغربية في هذا الشأن، والمرحلة الحالية نتجه نحو تطبيق هذه القرارات، وتحولت المواجهة إلي تنسيق المواقف مثلما حدث في اجتماع اسطنبول. وأوضح أن الظاهرة الثانية هي التطرف والجنوح واللجوء للعنف باسم الدين، مشيرا إلي أن الحل للتعامل مع هذه الظاهرة هو الخطة العشرية التي قررتها قمة مكة في عام 2005 ، التي كرست للأفكار الوسطية. ونوه باتساع الأنشطة الاقتصادية للمنظمة، وكذلك في المجال العلمي والثقافي، وتابع قائلا: لقد أصبحت المنظمة شريكا فاعلا في المحافل الدولية ، ولاعبا مهما لحل قضايا العالم الإسلامي. وذكرت (شينخوا ) ان القمة الإسلامية التي عقدت وافقت علي تفعيل نظام الأفضليات التجارية فيما بينها، وأصدرت قرارات تقضي بزيادة رأس مال (البنك الإسلامي للتنمية)، والذي يبلغ الآن 8,5 مليار دولار أمريكي، ودعم رأس مال وقفية صندوق التضامن الإسلامي الذي يعمل في مجال تمويل المشروعات الصغيرة والزراعية والأمن الغذائي والتدريب المهني والتنمية الاجتماعية، وإنشاء منظمة جديدة هي زالمؤسسة الإسلامية للأمن الغذائي، والتي سيكون مقرها في مدينة أستانة بتركيا، علي أن يتأسس كذلك مركز احتياط الأمن الغذائي في دولة جيبوتي. ومن جانبه، أكد وزير خارجية السنغال مانكور ناداي أن رئاسة بلاده للدورة ال11 لمنظمة التعاون الإسلامي، واجهت العديد من التحديات لإصلاح المنظمة ومحاربة الفقر، وزيادة التجارة البينية بين الدول الأعضاء ونشر الثقافة المشتركة. واستعرض ناداي الجهود التي بذلتها بلاده، رئيس الدورة المنقضية، خلال السنوات الثلاث الماضية لتنفيذ التوجهات الجديدة للقمة الإسلامية التي تم تحديدها في قمة داكار والتي تبنت ميثاقا جديدا للمنظمة. ونوه إلي أن المنظمة تواجه تحديات مهمة تتمثل في ?الإسلاموفوبيا? والإرهاب ويجب علي الدول الأعضاء في المنظمة أن تنطلق في هذا الطريق لمواجهة جميع التحديات خاصة ما تتعرض له مالي حاليا.