1- برغم الأزمة إلا أن الاقتصاد مازال يملك مقومات تعافيه 2- لا يمكن أن تستمر الطبقات الفقيرة في دفع فاتورة صراع النخب السياسية 3- يجب أن لا تقل نسبة الإنفاق علي الخدمات والاستثمارات العامة عن 35% 4- تحديد الحد الأعلي والأدني للأجور، يرشد مخصصاتها بالموازنة 5- تحقيق كفاءة النفقات العامة ومكافحة الفساد فيها يقلص تلقائيا عجز الموازنة 6- مستحيل أن يتحمل ربع الموازنة دعما لا يذهب لمستحقيه 7 - من يشتري أرضا من الدولة ولا يستخدمها يتحمل ضريبة تصاعدية عادلة 8 - علي مجتمع الأعمال المبادرة بتسديد المتأخرات الضريبية التي بلغت 63 مليار جنيه 9 - إعادة شركات قطاع الأعمال إلي وزاراتها يرفع كفاءتها ويقلص خسائرها 10 - الضرائب التصاعدية تحقق العدالة الاجتماعية وكذا العائد القومي 11- علي الدولة أن توقف فورا نزيف التهرب الجمركي الذي بلغ 25 مليار جنيه عام 2012 دراسة أعدها /د.وجيه دكروري الخبير الإقتصادي مع بداية شهر نوفمبر 2012 أصدرت وزارة المالية منشور اعداد مشروع الموازنة العامة للعام المالي المقبل 2013/2014 الذي يضع القواعد والأسس التي سيتم مراعاتها عند إعداد الموازنة التقديرية، وحددت الوزارة 7 أهداف استراتيجية وهي مراعاة البعد الاجتماعي كاستراتيجية ثابتة لتنفيذ السياسة المالية والعدالة الاجتماعية واستخدام الانفاق العام كأداة لرفع معدلات التنمية الاقتصادية، ودعم الخدمات والاحتياجات المجتمعية، وتنمية الموارد العامة للدولة وتعظيمها ورفع كفاءة المخزون السلعي وموجودات المخازن الحكومية، وتفعيل الشراء المركزي حفاظا علي المال العام، ودعم سياسة اللامركزية وتعظيم دور المحليات، والنظر للاستثمارات العامة باعتبارها أداة مهمة لتحقيق التنمية وقاعدة لبناء أصول المجتمع والثروة القومية. ولاشك أن الإصلاح الشامل المطلوب لهيكل الموازنة الجديدة للعام 2013/2014 يمر الآن بمنعطف خطير ومأزق حاد يجسده تباطؤ النمو الذي يشهده المجتمع نتيجة للغفلة القومية التي سببها فقدان الاستقرار والأمن وتسارع المطالب الفئوية، لذلك فإن هذا الوضع يفرض علي الموازنة سرعة تبني سياسة عاجلة ذات تطلعات انمائية تزداد فيها نسبة الإنفاق علي الاستثمارات والخدمات العامة لتصل إلي 35% علي أقل تقدير، وبعبارة أخري فإن سياسة المعالجات الجزئية وسد الذرائع والحلول السريعة المؤقتة وغيرها من اجراءات عشوائية نراها الآن سوف تزيد الموقف الاقتصادي تعقيدا، فالحكومة يجب أن تعترف بأنها لم ترض حتي الآن مشروع النهضة وأهدافه الاقتصادية متضمنا حدود التصرف في مدخراتنا الاقتصادية، وحدود الدين العام الخارجي والداخلي، وكيفية جذب رأس المال الأجنبي وغيرها من التوجهات العامة لدعم الاقتصاد، كما أن القوي المجتمعية وشركاء التنمية لا يطرحون علي الحكومة رؤي اقتصادية تستنير بها، فهي في مأزق حقيقي يستوجب سرعة الاتفاق علي الأهداف التي تحرك السوق بجميع أشكاله "صناعية - تجارية - مالية.. إلخ". وبعد أن أصبح لمصر دستور جديد، يسرع في استقرار المؤسسات الشرعية للدولة، فلقد بات من الضروري علي الاقتصاد أن يقدم الدعم القوي لمشروع الموازنة القادمة، وأن يسانده بكل التضحيات اللازمة لإنجاحه وذلك عن طريق سرعة بناء سياسات وآلية سريعة الحركة ومهيأة علي نحو أفضل لضبط وحسم التعاملات وتحقيق الاستقرار اللازم لجميع عوامل الإنتاج، كما يجب أن تدرك الحكومة أهمية التأمين الكامل لقوي الانتاج والحفاظ علي كفاءتها لقد أصبح من المحتم علي الموازنة العامة أن توفر الموارد لتنفيذ سياسة نشطة لتنويع الإنتاج والانتاجية لجعلهما أقل اعتمادا علي الخامات المستوردة وتحسين نفاذ منتجاتنا إلي أسواق العالم المتقدم وتحسين تنافسية الصادرات، كما يجب علي الخطة الاقتصادية والاجتماعية الملازمة للموازنة أن تعترف بشرعية الاقتصادات الصغيرة غير الرسمية، وأن تعمل علي سرعة دمجها بحكمة في الاقتصاد الرسمي دون الإضرار بمصالحها أو مصلحة المجتمع، كما أن حركة المجتمع لمحاربة الفساد، لا يجب أن تتحول إلي فزاعة قومية لتخويف الشرفاء من أصحاب الأعمال ولا يجب أن تدفع الاستثمارات علي اختلاف أنواعها إلي توخي الحذر وإيثار السلامة والبعد عنا، ان محاربة المفسدين يجب أن تفسخ في نفس الوقت وبنفس القوة الطريق إلي جموع الراغبين في التنمية، فالبديل المطروح لن يقوي المجتمع علي تحمل تبعاته المدمرة إلي الدولة ليست شركة تستخدم المواطن لتحقيق الثروة وعلي العكس فالدولة تستخدم ثروتها لرفاهية المواطن. الموازنة ومناخ الاقتصاد لقد أوردت وزارة المالية في تقديمها للموازنة العامة الجديدة أنها تأمل أن تتمكن من زيادة معدل النمو من 2.2% إلي أكثر من 5.5% في العام المالي وذلك في ظل تحد كبير للأوضاع الاقتصادية التي تؤكد أن هناك مشكلة اقتصادية حقيقية فالدين العام الإجمالي وصل إلي 24.1 تريليون جنيه مصري وميزان المدفوعات في وضع مختل فمصر تصدر سنويا بنحو 22 مليار دولار وتستورد تقريبا بضعف هذا الرقم أي ما يقارب ال 45 مليار دولار، كما أن الاحتياطي من العملات الأجنبية انخفض إلي أكثر من النصف وبلغ حاليا 5.15 مليار دولار وارتفع عجز الموازنة إلي 11% من الناتج المحلي، وانخفض معدل الادخار إلي 13% من الناتج المحلي وانخفض أيضا معدل الاستثمار إلي 15% من الناتج المحلي، وتحتاج مصر الآن إلي 25% من الناتج القومي كاستثمارات حتي تصل إلي معدل نمو 7% وهو المعدل الذي يضمن ايجاد 750 ألف فرصة عمل سنويا للشباب علي أقل تقدير، أما بخصوص الاستثمار الأجنبي فقد وصل إلي أدني مستوي له علي الإطلاق، ويقترب معدل نموه أحيانا من الصفر بعد أن كان يمثل 8% من الناتج القومي حيث بلغ 12 مليار دولار قبل ثورة 25 يناير 2011. وأخيرا فبعد أن كانت السياحة تدر مليار دولار شهريا تقهقر هذا الرقم كثيرا حتي بلغ حاليا من 500 إلي 600 مليون دولار بالكاد، والجدير بالاهتمام أن التحدي الكبير أمام الحكومة يشير بوضوح إلي أن الاستثمار أصبح الآن قضية مصر الملحة، والجدير بالاهتمام في مجال الاستثمار أن حكومات ما بعد الثورة 25 يناير وحتي الآن، مازالت ترحب برؤوس الأموال الأجنبية التي أعلنت عن نيتها في القدوم لدعم النمو وتغطية فجوة الادخار المحلي في اقتصادنا وذلك للحاجة الملحة إلي ما يقرب من 10 مليارات دولار سنويا من الاستثمارات الأجنبية المباشرة لضخها في شرايين الاقتصاد المصري لمدة لا تقل عن عشر سنوات متتالية لضمان سرعة تصحيح معدل النمو الذي هبط إلي أقل من 5.2% وعلي الرغم من كل الجهود التي بذلت خلال العامين الماضيين إلا أن المناخ العام الجاذب للاستثمار لم يهيئ ويؤهل حتي الآن، ومازالت الصعوبات والمعوقات والمخاوف تحتاج إلي رؤية وتشريع وآليات جديدة لابد من الإسراع في ايجادها. قضية الديون في الموازنة لقد أثيرت قضية طلب القروض الأجنبية في بداية حكومة الدكتور عصام شرف وذلك بطلب 2.3 مليار دولار من صندوق النقد الدولي إلا أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة رفض هذا الطلب في 25/6/2011 عند التصديق علي الموازنة العامة لعام 2012/،2013 وناشد الحكومة أن تعتمد علي الداخل في تمويل عجز الموازنة موجها لها رسالة ضمنية مفادها أن تلجأ إلي اقتحام المشكلات بدلا من البحث عن الحلول السهلة الميسرة التي لا تتفق وروح الثورة، والجدير بالذكر أن تدهور الأوضاع الاقتصادية دعا الحكومة الحالية برئاسة الدكتور هشام قنديل للعودة إلي السعي للحصول علي قرض خارجي من صندوق النقد بقيمة 8.4 مليار دولار كجزء من سياسة اقتراض عامة تستهدف منها مصر الحصول علي 11 مليار دولار خلال الفترة القصيرة القادمة وهو ما سيؤدي إلي ارتفاع حجم الدين الخارجي إلي ما يقرب من 46 مليار دولار. وببساطة شديدة يمكن القول بأن 25% من حجم الموازنة العامة لمصر تذهب لسداد أقساط الديون والفوائد عليها، وفي ظروف حتمية الاقتراض من الخارج فلقد بات هناك التزام كامل علي الحكومة في مواجهة الطلب المتزايد علي الاقتراض بأنواعه، أن ترشد نفقات الموازنة القادمة 2013/،2014 وتحقق لها مبدأ الفاعلية والكفاءة من حيث توجيه الانفاق إلي المشروعات الضرورية ذات التأثير المباشر ثم الرقابة المشددة علي عمليات الانفاق للقضاء علي الفساد والهدر والنهب المنظم الذي ساد عمليات الصرف علي المشروعات القومية في الحكومات السابقة وأوصل كفاءة الانفاق إلي 45% فقط، كما أصبح لزاما علي الحكومة أن تسرع في ايجاد وتوليد الموارد الداخلية بكل الطرق والوسائل المتاحة والمبتكرة. الموازنة وفاعلية الدعم ان تحقيق العدالة الاجتماعية هو أحد أهم أهداف الموازنة العامة والخطة الاقتصادية والاجتماعية للتنمية، بمعني أن يحظي الفقراء بنصيب من مكاسب نمو المجتمع عندما ينمو وأن يتحمل الأغنياء في أوقات الأزمة نصيبا من آلام المجتمع، لذلك فإن سياسة الحكومة يجب أن تولي اهتماما بقضايا التوزيع أو العدل. إن أنصار السياسات القديمة بالحكومة الحالية مازالوا بعيدين عن فكر السوق الاجتماعي وآليات تحقيق المسئولية الاجتماعية للرأسمال الخاص بعيدا عن آليات التبرعات والصدقات، ان اقتصاد تساقط الثمار علي الجميع لم يكن أبدا أكثر من مجرد اعتقاد، إن "تحقيق النمو" لا يعني أن يستفيد منه الفقراء ومن الواضح، أن النمو وحده لا يحسن دائما حياة كل الناس، لذلك فإن أفضل استراتيجية يجب أن تتبناها الموازنة الجديدة وخطتها الاقتصادية، هي ببساطة اعادة صيغة منظومة الضرائب التصاعدية لتخفيف الأعباء عن الطبقات الفقيرة والمتوسطة في منظومة جديدة تراعي عقلانية التوزيع مع التركيز علي نمو المشروعات التنموية صغيرة الحجم التي تهم الفقراء مع التوجه إلي اقتحام مشكلات مثل تطوير العشوائيات وتعليم الإناث والصحة ووضع برامج قومية موجهة مباشرة لدعم الطبقات الفقيرة والضعيفة والمهمشة. لقد أصبح من المسلمات أيضا أن حجم الدعم أصبح يمثل 25% من حجم أي موازنة عامة للدولة اعتبارا من التسعينيات من القرن الماضي والدعم سواء كان عينيا أو نقديا، كليا أو جزئيا فهو موجود في كل اقتصادات العالم بأشكال مختلفة وضمن مسئوليات الدولة تجاه فئات محددة، منها علي سبيل المثال الضعفاء والمعاقون والمحاربون القدماء والمتعطلون وغيرهم كما يشير الواقع أيضا أن هذا الدعم يتزايد كما زادت الديمقراطية والحرية الاقتصادية ابتداء من الولاياتالمتحدة وحتي الاقتصادات المتصاعدة في اسيا والدول التي تمر بمراحل التحول الاقتصادي والجدير بالذكر أن الدعم في ظل الحكومات السابقة، تعرض لأكبر منظومة فساد ونهب وسطو طالت كل مكوناته ابتداء من استيراد القمح المخصص لرغيف الخبز وحتي البوتاجاز والسولار والعلاج والدواء، وعموما فإن تصحيح الدعم وتفعيل كفاءة ادارته في الموازنة القادمة يجب أن يرتكز علي منظومة جديدة ترشد الدعم بشكل تدريجي تتواكب مع دعوة المجتمع إلي تغير أنماط استهلاكه، وبآليات تحكم الرقابة علي الصرف للطبقات المستحقة فقط، ولا تتعسف مع فئة لصالح أخري وتحمي غير القادرين ولا تهدد القادرين، ان الدرس الكبير الذي يجب استخلاصه من قصة اندونيسيا حيث أصر صندوق النقد الدولي علي إلغاء دعم الغذاء والكيروسين، "الوقود الذي يستخدمه الفقراء في الطهي"، في الوقت الذي كان يعاني فيه هذا البلد، من انهيار الدخول والأجور وارتفاع البطالة بمعدلات كبيرة، فقد أدي ذلك إلي أعمال الشغب التي أعقبت تلك القرارات والتي مزقت النسيج الاجتماعي، وهنا تأكد أن الغاء الدعم لم يكن فقط سياسة اجتماعية سيئة، انما كان أيضا سياسة اقتصادية أسوأ واذا كان مواطنو البلدان المتقدمة يقلقون بشأن قصور نظام التأمين ضد المرض فإن الفقراء في مصر ليس لديهم أي نوع من التأمين - لا ضد البطالة، ولا ضد المرض، ولا ضد التقاعد - وأن شبكة الأمان الوحيدة هي التي تؤمنها الأسرة من خلال القيم والتقاليد الموروثة في مجتمعنا. إشكالية الأجور في الموازنة مازالت الأجور وما يرتبط بها من علاوات دورية وتشجيعية وترقيات ومزايا تأمينية وغيرها من أكبر بنود المصروفات في كل الموازنات العامة لمصر، ووصلت نسبة الأجور إلي اجمالي المصروفات إلي 25% وهو رقم كبير بكل المقاييس خاصة وهو ينفق علي حوالي 5.6 مليون من موظفي الحكومة، وذلك في مقابل انتاجية يمكن أن يحققها بكفاءة أكبر ثلث هذا العدد من موظفي الدولة لذلك فإن ترشيد بند الأجور في الموازنة أصبح مطلبا ملحا وأصبح التقيد بالحدود العليا والدنيا في أجور العاملين بالدولة أمرا ابتدائيا للترشيد ليس فقط لعلاج الاختلالات الكبيرة حاليا، ولكن لتصحيح هيكل الموازنة العامة للدولة وتحقيق العدالة بين مستويات الأجور هو أمر مطلوب مهنيا ومجتمعيا لذلك فقد بات من الضروري قيام الحكومة الحالية بتفعيل استراتيجية متكاملة للتعامل مع الأجور، تقوم علي ثلاثة أسس هي: 1- تنفيذ وتطبيق الحد الأدني للأجور والذي يضمن مستوي معيشة لائقا للعاملين ولا يكون طاردا للعمالة فيؤدي إلي مزيد من البطالة. 2- ان يتحرك هذا الحد الأدني للأجور وفقا لمستويات الأسعار مرحليا. 3- اجراء مراجعة شاملة لاصلاح الخلل في هيكل الأجور الحالي بحيث يتضمن الحدود القصوي التي تم التوصل إليها والتي لا يجب تجاوزها تحقيقا لتوازن هياكل الأجور في اطار ظروف البيئة المصرية التي يخضع لها جميع العاملين مع مراعاة عدم المبالغة في أجور الكفاءات الخاصة المطلوبة للعمل. 4- اجراء مراجعات شاملة للوظائف الاضافية بالوحدات الحكومية وعلي رأسها الخبراء والمستشارين ومن في حكمهم. ضعف الإنفاق علي الخدمات والاستثمارات العامة لقد بات من المسلمات ان الإنفاق علي الخدمات العامة في أي موازنة لمصر لا يتعدي 25% فقط من حجمها حيث يستهلك الدعم 25% وفوائد القروض واقساطها 25% ثانية وأجور ومرتبات الجهاز الحكومي 25% أخري، ممثلين في مجموعهم 75% من حجم الموازنة والربع الباقي وهو -عادة ما يمول بالعجز - يتحمل كل النفقات الاخري للدولة من استثمارات عامة وصحة وتعليم ومرافق عامة وبرامج اجتماعية فعلي سبيل المثال، فإن الفقر في مصر يبدأ كمشكلة اقتصادية بالدرجة الأولي ثم يتحول إلي اجتماعية وأمنية بعد ذلك ولقد أدي تنامي مساحة الطبقات الفقيرة في مصر ووصولها طبقا للاحصاءات الرسمية إلي 25% وغير الرسمية إلي أكثر من 40% من السكان، إلي حتمية أن تشتمل أي موازنة عادلة علي تدابير قوية ترمي إلي مساندة الطبقات الفقيرة باعتبار ذلك ضرورة لحل مشكلة عدم عدالة التنمية الذي ساد الفترة ما قبل 15 يناير ،2011 ان الحد من الفقر ينبغي أن يتحقق من خلال اعادة توجيه الانفاق العام من أجل التصدي لأعراضه. والجدير بالذكر أنه من غير المحتمل أن يكون لمثل هذه السياسة تأثير مستدام مادام التغيير الهيكلي بطيئا وتراكم رأس المال غير كاف لتعزيز النمو وزيادة القدرة الانتاجية، وايجاد فرص العمل للفقراء. ان البرامج الانمائية للدولة في الموازنة القادمة يجب ألا تقل نسبتها من النفقات عن 35% وان تتوجه لتوفير الخدمات العامة والاحتياجات الحتمية لجموع الفقراء ورفع الحد الأدني للأجور واتاحة فرص العمل عن طريق تنمية وتيسير المشروعات الصغيرة والمتوسطة والانفاق العمدي علي انشاء المدن التنموية للطبقات الأقل فقرا والضعيفة والقضاء علي العشوائيات التي تقدر بأكثر من 1100 منطقة يسكنها 6.5 مليون فقير مصري قاموا ببناء مساكنهم بأنفسهم عندما توجهت الدولة إلي الاسكان الفاخر وفوق المتوسط وتركتهم بلا رعاية وانحازت إلي المدن علي حساب الريف، إن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام القادم يجب أن تركز علي تضييق الفوارق بين الطبقات ليس فقط في مستوي الدخل، بل في مستوي الثروة أو حيازة الأصول. لقد كانت قضية البطالة هي أول المطالب التي خرج من أجلها الشباب في 25 يناير 2011 ومازالت قضية البطالة تمثل تحديا قوميا أمام حكومة الثورة حيث زاد عدد المتعطلين من 5.2 مليون عاطل "منهم 845 ألف امرأة" عام 2000 إلي 5.4 مليون "منهم 5.1 مليون امرأة" في يونية ،2012 بنسبة 2.12% من قوة العمل، وذلك مع وجود نحو نصف مليون عامل أحيلوا إلي المعاش المبكر من قطاع الاعمال العام تحت برنامج الخصخصة ويشير الواقع أن 97% منهم عاطلون بالفعل لأنهم مازالوا في سن العمل مع تحميلهم علي موازنة المعاشات. ويشير الواقع إلي أن تراكم البطالة سوف يتزايد باضطراد نتيجة تباطؤ نمو الاقتصاد الذي تشهده مصر الآن، مع وجود تشبع كامل في الجهاز الحكومي الذي بلغت العمالة به نحو 5.6 مليون عامل، ووسط انشغال المجتمع حاليا بقضايا ومطالب متعددة ومتشعبة، تأتي خطورة أن تفقد قضية البطالة الجهد الواجب والتركيز العاجل والمطلوب لوضعها علي رأس أهداف الاستثمارات العامة للخطة القادمة خاصة أن الاحصاءات القومية تؤكد أن هناك فئة تتكون من 7 ملايين نسمة أي 11% من المصريين معاقون أي عاطلون، ومازالت الدولة تفتقر إلي استراتيجية متكاملة للتعامل معهم خاصة وأن 98% من هؤلاء المعاقين يعانون الحرمان من الوظائف المناسبة والعمل. إن حجم الاستثمارات العامة الذي يقرر دائما في كل الموازنات لم يعد يتناسب مع أهداف التشغيل وايجاد فرص العمل اللازمة لاستيعاب قوة العمل الوافدة علي المجتمع سنويا وتفاقم البطالة، كما ان الاعتماد علي استثمارات القطاع الخاص بات أمرا مشكوكا فيه، لذلك فإن الاستخفاف بحجم وخطورة الآثار المترتبة علي مشكلة البطالة لا يمكن قبوله كما لم يعد مقبولا غياب سياسة قومية مؤسسية ترتكز علي موازنة مقبولة لتقديم خدمات الشباب والثقافة والشئون الدينية وذلك في اطار البعد الاجتماعي للسياسة المالية والاجتماعية للدولة. الموازنة الداعمة للاقتصاد لا يختلف اثنان علي أن الموازنة العامة في مصر دائما في وضع الداعم للاقتصاد، والتساؤل هو: متي يدعم الاقتصاد الموازنة؟ وللإجابة عن ذلك، فإن الشروط الحقيقية المطلوبة لزيادة معدلات الانتاج في ظل الاقتصاد الحر غير متوافرة في مصر فلا توجد منافسة حقيقية، ولا حقوق ملكية راسخة بوضوح ولا محاكم متخصصة تدعم هذه الحقوق، ولا نظام جديد لاتاحة المعلومات.. فالمنافسة محدودة والمعلومات أبعد ما تكون عن التوافر أو الكمال وتقول كل النظريات الاقتصادية ان اقامة اقتصاد سوق كفء تتطلب تحقيق كل تلك الافتراضات ومن خلال نسف منهجي متتال لانه وفي بعض الحالات قد يؤدي القيام باصلاحات في مجال ما دون أن يصاحب ذلك اصلاحات في مجالات اخري إلي أن تصبح الأمور في نهاية المطاف أسوأ مما كانت عليه فإن أحد أهم أهداف الموازنة العامة الجديدة يجب أن يسرع في تحقيق السوق لرفع معدلات الانتاج وتحقيق النمو. ان زيادة معدلات الانتاج تتطلب سرعة العمل علي محورين رئيسين: الأول هو تشجيع القطاع الخاص والتعاوني علي اقامة المصانع الجديدة بجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والعالمية لاضافة الجديد والحديث في القطاعات ذات الأولوية وهو يتطلب جهدا مكثفا من الحكومة لتحسين المناخ العام للاستثمار الصناعي من خلال توفير التمويل والتشغيل تحت مظلة نظم متكاملة سهلة وميسرة ومنخفضة التكلفة للقروض، ذلك بالإضافة إلي توفير الأراضي اللازمة للصناعة ومدها بالمرافق والخدمات العامة المطلوبة حتي لا يتم تحميل الصناعة بأعباء تؤثر سلبيا علي تكلفة الانتاج، المحور الثاني هو تشجيع المزيد من التوسعات في الطاقات الانتاجية الحالية التي لا تحتاج إلي تكاليف استثمارية كبيرة نتيجة لوجود البنية الأساسية الداعمة لتلك التوسعات، وهو يعتبر الوسيلة الأكثر سرعة اذا ما دعمتها الدولة بالحوافز الاضافية والاعفاءات الضرورية لتحقيقها، كما يمكن حصر الطاقات الانتاجية العاطلة لكل من شركات القطاع الخاص وقطاع الأعمال العام ووضع خطة لتحقيق أقصي استفادة ممكنة من اتاحتها للتشغيل بكل الأساليب والوسائل التي تحقق اضافة جديدة للطاقات الانتاجية وتعظيم الصادرات. دور الاقتصاد في الحد من عجز الموازنة تأسيسا علي ما تقدم من تحديات كبري تواجه الموازنة العامة الجديدة وعلي رأسها العجز المتزايد بين الموارد والنفقات، وعلي الرغم من كل الصعاب والمشكلات التي قد تعانيها الحكومة في تخطيط وتنفيذ الموازنة إلا أن هناك شواهد تؤكد انه بالامكان أن يلعب الاقتصاد دورا مهما في تقليل العجز وذلك من خلال توفير جزء كبير من احتياجاتنا من الموارد ذاتيا، وذلك من خلال اعادة الانضباط إلي ثرواتنا المحلية وكبح جماح الفساد والتسيب، وعموما يمكن رصد المصادر التالية لتحقيق ذلك، والتي تتمثل في الآتي: 1- تطبيق الضرائب التصاعدية التي تستند إلي فكرة عدم المساواة بين من يربح مئات الملايين ومن يربح مئات الآلاف، وكذلك العاملون بالجهاز الإداري الذين يسددون الضريبة من المنبع وذلك يرفع الشرائح علي ضرائب الدخل إلي 35% - 40% كما هو معمول به في كثير من دول العالم مع وضع الأسلوب الأمثل لتحديد الشرائح الجديدة. 2- وضع نظام صارم لتحصيل المتأخرات الضريبية التي بلغت 63 مليار جنيه. 3- مكافحة التهرب الجمركي الذي وصل حجمه إلي أكثر من 25 مليار جنيه خلال عام 2012. 4- تطبيق قانون الضريبة العقارية بعد تعديله واعفاء السكن الخاص في حدود "مليوني جنيه حاليا". 5- فرض ضرائب علي الشقق المغلقة والفيلات والشاليهات الساحلية، فلدينا في مصر 1.2 مليون شقة سكنية مغلقة و8.5 مليون شقة سكنية خالية أي ما يعادل 9.7 مليون شقة سكنية لو فرضنا ضرائب 1% فقط يمكن تحصيل 1.1 مليار جنيه تقريبا. 6- فرض الضريبة المقترحة علي الطرح الأول للشركات التي تدرج بالبورصة مما يوفر إيرادات تتراوح بين 6 و7 مليارات جنيه سنويا تزيد بزيادة حجم التداول. 7 - اصدار قانون عاجل "من مجلس الشوري المنوط بالتشريع حاليا" بفرض ضريبة تصاعدية ومتصاعدة سنويا علي تملك الأراضي التي تطرحها الدولة للبيع تستحق بعد عام من شرائها للأغراض السكنية والزراعية والصناعية، بحيث تنقضي الضريبة باستكمال تنفيذ المشتري للشروط الكاملة، وذلك منعا للشراء بغرض الاتجار والمضاربة والتربح من الاحتفاظ وسوف تؤدي هذه الضريبة إلي سرعة التوسع في أهداف التنمية وخفض أسعار الأراضي المتاحة للاستثمار واتاحة الفرص للمستثمرين الجادين واقصاء المضاربين وزيادة موارد الدولة. 8 - إعادة تقنين الأوضاع بالنسبة لأراض الطرق الصحراوية حيث تبلغ المساحات التي تم بيعها علي تلك الطرق كأراضي زراعية حوالي مليون فدان تقريبا تم استخدامها لبناء فيلات ومنتجعات، واذا ما تمت عملية توفيق الأوضاع وتم تحصيل مبلغ 100 ألف جنيه علي الفدان الواحد فستقترب الحصيلة من 100 مليار جنيه. 9 - تعديل التشوه الحالي في حساب الحصة الاستيرادية المحددة للمدينة الحرة ببورسعيد ليكون علي أساس سعر الصرف المعلن من البنك المركزي بدلا مما هو متبع حاليا علي أساس 7.70 قرش للدولار وهو ما يهدر المليارات سنويا. 10 - دراسة بيع نسبة تتراوح من 25 إلي 30% من البنوك المصرية المملوكة للدولة للمصريين فقط مع حظر تداولها ولو بالوكالة من قبل الأجانب، ويوفر ذلك حصيلة تتراوح بين 250 و300 مليار جنيه، وهو ما يخفض المديونية من الدين الداخلي بما يقارب ال 25% أي حوالي 250 مليار جنيه تقريبا، حيث يتم استخدام الحصيلة بسداد عاجل لمديونية الحكومة تجاه البنوك فيكون المتبقي علي الحكومة المصرية من الدين الداخلي حوالي من 900 إلي 1000 مليار جنيه فقط. 11- ضم ما تبقي من أموال الصناديق الخاصة والتي تقدر ب 43 مليار جنيه إلي الموازنة العامة وربما يوفر ذلك من 2 - 3 مليارات جنيه. 12- اعادة دراسة موقف الدعم لكل سلعة أساسية وكل خدمة مدعمة كل علي حدة مع البدء بمشكلة اسطوانة البوتاجاز التي سعرها الرسمي 5.2 جنيه والحكومة تستوردها بحوالي 70 جنيها القادر يستهلك 4 اسطوانات في الشهر، وهذا يعني انه يحصل علي 300 جنيه دعما وغير القادر يستهلك واحدة وهذا يعني أنه يستفيد ب 50 جنيها فقط. 13- سرعة إقرار الحدود العليا والدنيا للأجور في الحكومة والقطاع العام والأعمال العام وتطبيقها علي القطاعات المختلفة - كل بما يناسبه - ويمكن بذلك تفادي أي زيادات جديدة علي الأقل في بند الأجور في موازنة 2013/2014. 14- ترشيد الدعم للصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة علي أن يكون دعمها في حدود 25 مليارا بدلا من 75 مليارا في موازنة الدولة حاليا مما يؤدي إلي وفر قدره 50 مليار جنيه. 15 - دراسة انشاء "صندوق قومي للتنمية" يمول أساسا من حصيلة الأموال العائدة التي تم الاستيلاء عليها داخليا وخارجيا، مع امكانية إسهام المستثمرين العرب والمصريين في الخارج، علي أن تقدم الدولة ضمانا لرأسمال هذا الصندوق. 16 - سرعة اتخاذ الاجراءات والخطوات العملية لتعميق التصنيع المحلي الذي أصبح ضرورة ملحة للحد من استيراد كثير من المنتجات التي يمكن تصنيعها في مصر بجودة عالية وهو ما يساعد علي التقليل العجز بالميزان التجاري والحد من زيادة العجز في ميزان المدفوعات. 17 - الغاء نظام الشركات القابضة والتابعة "قطاع الأعمال" والعودة إلي النظام السابق من حيث اشراف كل وزارة علي الشركات العاملة التي تمارس نشاطا يدخل في مسئوليات الوزارة المعنية.