النية وحدها لا تكفي للنجاح ولأن حسن التصرف والمصداقية هما الأساس في جني الثمار فإن الصناديق الإسلامية التي تشهد نموا بازغا خلال السنوات القليلة الماضية تحقق تقدماً ملحوظاً في حجم اصولها وفقاً للتقارير العالمية ورغم أنها في مصر لازالت في مرحلة حبو لم تصل إلي النضج فإن النية وحدها لا تكفي لإيصالها إلي هذه المرحلة إذن لابد من حزمة قوانين وقواعد حاكمة كما أكد الخبراء تحكم عمل البنوك والمؤسسات المالية المصدرة لها وينبغي من مراعاة الإطار الأخلاقي الذي تخضع له جميعها بحسب الخبراء الذين أكدوا أن غياب هذه الشروط يقلل من مصداقيتها ويجعلها تدخل في دائرة مفرغة والولوج في غياهب سؤال: هل تأتي البيضة من الدجاجة أم العكس؟ وكلها أسئلة من مدرسة الجدل العقيم. ترتيب الأداء كان أداء الصناديق متقدماً حتي الربع الثالث من العام الجاري حيث احتل المركز الثالث صندوق البنك الوطني المصري الحياة والذي تديره الوطني كابيتال بارتفاع بلغت نسبته 30.24% يليه في المركز الرابع صندوق استثمار بنك فيصل الإسلامي والذي تديره هيرمس لإدارة صناديق الاستثمار محققا ارتفاعاً قدره 29.73% منذ بداية العام. المركز الخامس كان من نصيب صندوق نعيم مصر الذي تديره شركة النعيم وحقق نمواً 27.21% يليه في المركز السادس صندوق بنك الشركة المصرفية سنابل والذي تديره إتش سي محققاً ارتفاعاً قدره 73.26%. جاء في المركز السابع صندوق استثمار بنك فيصل والتجاري الدولي امان الذي تديره سي اي استس مانجمنت وحقق ارتفاعا قدره 23.23% يليه في المركز الثامن صندوق بنك البركة المتوازن الذي تديره شركة التوفيق المالية وحقق ارتفاعا قدره 64.18%. احتل المركز التاسع صندوق الاهلي المصري والبركة مصر "بشائر" وتديره شركة الاهلي لإدارة صناديق الاستثمار وحقق ارتفاعاً قدره 17.07% يليه في المركز العاشر صندوق بنك الاستثمار العربي هلال وتديره شركة القاهرة وحقق ارتفاعا قدره 35.6%. أرقام ونمو كان بيت التمويل الكويتي "بيتك" قد ذكر أن إجمالي قيمة الصناديق الإسلامية في العالم وصل إلي 60 مليار دولار، بنسبة نمو بلغت 3.5% العام الماضي، مقارنة ب 58 مليار في العام 2010.. وأضاف "بيتك" في تقريره الاقتصادي الصادر عن شركة بيتك للأبحاث المحدودة أن الأسهم تعد الفئة الرئيسة لأصول الصناديق المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في جميع أنحاء العالم، وتمثل ما يقرب من نصف مجموع الأصول وذكر أن ماليزيا تعد أكبر سوق للأسهم الإسلامية بالنسبة للصناديق الإسلامية، وتتضمن الأسواق الرئيسة الأخري السعودية والولايات المتحدة وأيرلندا والكويت، حيث تم تخصيص جزء لأسواق النقد والصكوك من قبل المستثمرين، مع انخفاض حجم المخاطرة المسموح بها، التي تنشأ عن المخاوف المتعلقة بالاقتصاد العالمي. وأوضح التقرير أنه تم تحويل اتجاه استثمارات الصناديق الإسلامية خلال عام 2011 نحو السعودية وماليزيا بصورة فردية بنسبة 21.8%، و19.2% من حصة السوق. وأشار إلي أن الأغلبية العظمي من الصناديق التي تم إنشاؤها في السعودية وماليزيا موجهة إلي الأسواق المحلية في هذه البلدان، علي الرغم من أن السعودية وماليزيا تستحوذان علي الجزء الأكبر من السوق، موضحاً أن الصناديق الإسلامية التي تقع خارج هذه البلدان نادراً ما تستهدف السوق السعودي أو الماليزي بغرض الاستثمار. الأسس الأخلاقية يقول الدكتور سمير الشيخ خبير تطوير الصيرفة الاسلامية إنه لا يمكن للمستثمرين أن يقوموا بالاستثمار إلا إذا اطلعوا اطلاعا تاماً علي الأسس الأخلاقية والدينية التي تعتبر ضرورية لديهم للخوض في عمليات الاستثمار.. إن هذا الشرط يضع التزامات علي الدول والمنظمات التي تعمل في مجال إدارة صناديق الاستثمار لزيادة تدفق المعلومات التي تقدم إلي المستثمرين. وتابع: فعلي صناديق الاستثمار الإسلامية أن تكون علي قدر كبير من المسئولية تجاه عملائها، كما يجب أن تكون خاضعة لمسألة الوكلاء نحو أصحاب الأموال، فضلاً عن كونها شفافة في عملية الاستثمار، وأن تقدم كشفاً تاماً عن المعلومات المهمة والأداء المالي وأوضاع السوق في أسواق رأس المال التي تركز علي الاستثمار فيها مما يعزز ثقة المستثمرين في هذه الصناديق الاستثمارية.. وفي هذه الحالة يمكن تجنب الضبابية التي تسيطر علي فكر المستثمرين لعدم كفاية المعلومات لهم في سوق المال في مختلف الحالات، ويمكن وبسهولة تقديم المعلومات الوافية من نشرة إدارة الصناديق والشركات من دون البحث عن المعلومات نفسها. وأضاف قائلاً: إن نمو الصناديق الاسلامية واتساع انتشارها مرتبط بتوجه المجتمع ورؤيته وصعود رئيس للحكم ممثلا عن جماعة الإخوان المسلمين يخلق فرصة أمامها للانتشار.. وقال إن الظروف ستكون مواتية لنمو صناديق الاستثمار الإسلامية في مصر تزامنا مع الاقبال علي خدمات الصيرفة الإسلامية التي تقدمها بعض البنوك لأن الصناديق الجديدة تستهدف عملاء هذه البنوك للاكتتاب في وثائقها حيث تتسع كعكة الاستثمار لجميع الشرائح ولفت إلي عدم وجود منافسة بين هذه الصناديق ونظيرتها التقليدية لأن كلا منها يخاطب شرائح خاصة بها. واستطرد: إن الميزة الأساسية للمنتجات الإسلامية هي في مشاركة المخاطر، والملكية، وارتباط حامل السهم في عملية صنع القرار.. لذا أصبحت الأوراق الإسلامية أكثر شهرة.. ويعتبر سوق الصكوك عالمياً ولديه القدرة علي التأثير في حياة ملايين المسلمين حول العالم وقال إن توفر ظاهرة نمو صناعة التأمين الإسلامية "التكافل" فرصاً جديدة في وضع قواعد قانونية واضحة من شأنها تشكيل اتجاهات مستقبلية للصناعة، ويتشابه مع الأمر ذاته نمو صناعة صناديق التحوط. يقول محمود المصري المحلل المالي إن الإقبال زاد علي صناديق الاستثمار الإسلامية وكان هذا طبيعياً نتيجة ابتعادها عن المجازفة، وهو ما جعل منها مركز جذب أمام المستثمرين، وتحديداً بعد مرحلة الاضطرابات التي مر بها الاقتصاد العالمي، وانعكاساتها المباشرة علي القطاع المالي وحجم الاستثمارات في هذا القطاع وتابع قائلاً إن مستوي المخاطر في الصناديق الإسلامية، يظل منخفضاً بكثير مقارنة بمستوي المخاطر التي تتعرض لها مثيلاتها التقليدية.. مشيراً إلي أنه رغم كونها تعتبر أكثر تقييداً للاستثمار، إلا أن حذرها في المخاطرة جعلها تكتسب مزيداً من الاهتمام وشعبية كبيرة، خاصة بعد مرحلة الأزمة المالية الأخيرة، مما جعلها تحقق نتائج أفضل من الصناديق الاستثمار التقليدية خلال تلك المرحلة. الشروط الصحيحة ويقول الباحث محمد سلامة المحلل المالي حول الشروط الواجب توافرها ليكون الاستثمار إسلاميا في ظل اللغط السائد حول مصداقية بعضها وكيف يمكن ترجمتها عمليا إلي قوانين وآليات إن الشروط الواجب توافرها في الاستثمار الإسلامي تتمثل في الجوانب التالية: الجدوي الشرعية، والجدوي الاقتصادية، والجدوي المالية، والجدوي الاجتماعية.. ويمكن ترجمة هذه الشروط من خلال تبني معايير كمية محددة لقياس مدي تحقيقها من قبل صندوق الاستثمار، ويتم متابعتها والإشراف عليها من قبل مؤسسات مالية إسلامية دولية متخصصة. ويضيف أنه إضافة إلي الشروط المتعلقة بأي استثمار من ناحية تحقيق الأهداف المتعلقة بالربح والسيولة والمحافظة علي رأس المال والالتزام بمبادئ الاستثمار المعروفة كالتنويع والاختيار والملائمة، فإن الاستثمارات في صناديق الاستثمار الإسلامية يهتم بالجدوي الشرعية للاستثمار، حيث يستثني في أدوات الاستثمار كل استثمار فيه فائدة ربوية كالسندات وأوراق الدّين قصيرة الأجل التقليدية، كما تستثني من الصناديق الاستثمارية الإسلامية أسهم الشركات التي تتعامل بالأنشطة المحرمة، وأكد العجلوني أن هذه الاستثناءات تشكل إحدي التحديات التي تواجه إدارة الصندوق لتدبير استثمارات أخري تتوافق مع أهداف إدارة الصندوق وتجعل من الوصول إلي التنويع أمراً ممكناً. الصعوبات والتحديات وحول الصعوبات والتحديات التي تواجهها قال الدكتور عاطف الخوانكي أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر إن أبرز المخاطر التي تواجه صناديق الاستثمار الإسلامية وتحول دون انتشارها، وهي ضعف الثقة بالاقتصاد العالمي والمؤسسات المالية عموماً، والإقبال الكثيف من المؤسسات المالية والحكومات الأجنبية علي استقطاب الأموال تحت مسميات إسلامية بحيث تنتهي هذه الأموال كقطعة في ماكينة النظام المالي الذي وجد التمويل الإسلامي كبديل عنه، إضافة إلي ضعف الإمكانيات الفنية والبشرية لدي المؤسسات المالية الإسلامية لتشغيل أموال الصناديق التي تديرها بشكل كفؤ ومنافس للمؤسسات المالية ، سواءً علي المستوي المحلي أو الدولي، ويضيف أن صناديق الاستثمار الإسلامية الحالية في مجملها أسهمت بشكل سلبي في تمويل التنمية في الدول الإسلامية لأنها تتوجه نحو أسواق المال في الدول المتقدمة وتحرم منها الدول الإسلامية. ويضيف الدكتور يسري إبراهيم أستاذ الاقتصاد الاسلامي قائلاً: إن نقص الكفاءات البشرية المؤهلة والمدربة للعمل في المصرفية الاسلامية وتطبيقها بشكلٍ صحيح وقادرة علي تطوير منتجاتها وضبطها بالضوابط الشرعية، حيث ان أغلب الكفاءات البشرية العاملة في القطاع المصرفي الإسلامي وإن كانت ذات أداء عال وعقلية مميزة بحسبه إلا أن الكفاءات التقليدية عند ادارتها للمنتجات الاسلامية تسعي لجعلها منتجات قريبة من المنتجات التقليدية أو تطبق بطريقة فيها مخالفات شرعية مما يوجد التشكيك بمصداقية المصرفية الاسلامية التي ترجع هذه الصناعة الي الوراء وتجعل أكثر المتحمسين لها يفقدون الثقة بها؛ لذا يجب أن يكون من أولويات المصرفية الاسلامية الاهتمام بدعم تخريج الكفاءات البشرية المؤهلة لقيادة العمل المصرفي الاسلامي بطريقة صحيحة ليس فيها مخالفات شرعية، وأن تكون هذه الكفاءات قادرة في الوقت نفسه علي تحقيق أرباح مرضية للمساهمين.