علي مدار أكثر من عام مضي منذ اندلاع ثورة يناير وبسبب عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني تجنب المستثمرون الخليجيون العمل في مصر خلال تلك الفترة ولكن بعدما تحول المشهد السياسي وأصبح مستقرا مع إعلان الدكتور مرسي رئيسا للبلاد بدأت المؤشرات علي تسوية الأوضاع السياسية وفرص شراء أصول بأسعار زهيدة تغري المستثمرين الخليجيين حيث بدأوا يوجهون استثماراتهم من جديد إلي البلاد. ويقول ديكلان هايز العضو المنتدب لخدمات الصفقات في ديلويت الشرق الأوسط للاستثمارات في تقرير لوكالة رويترز للأنباء: "هناك تحسن جديد في إقبال مستثمري الخليج علي مصر هذا العام، لا ينحصر هذا في صناعة المال بل يمتد إلي مختلف القطاعات". ولا تزال آفاق الاقتصاد المصري في الأجل القريب غائمة. فلم يشهد الاقتصاد نموا يذكر العام الماضي بسبب الاضرابات العمالية وهروب رءوس الأموال الذي أعقب الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في فبراير 2011. ورغم توقعات صندوق النقد الدولي ألا يتجاوز النمو 5.1% هذا العام وهي نسبة لا تكفي حتي لتخفيف حدة البطالة المرتفعة. ومع أن بعض فصول المشهد السياسي لم تكتمل بعد مثال كتابة الدستور الجديد والانتخابات البرلمانية المقبلة يبدو أن كثيرا من المستثمرين الخليجيين يرغبون في تحمل مثل هذه المخاطر لأنهم يظنون أن انتخاب مرسي يمثل بداية علي الأقل لحل المشكلات. وذكر أحمد بدر الدين الشريك الرئيسي والرئيس المشارك في أبراج كابيتال: "أوجدت خطوات الرئيس الأخيرة لتجديد قيادة الجيش والتغلب علي جمود سياسي محتمل حالة من الثقة". وأضاف: "الزيارة إلي الصين تعد أحد الأمثلة علي تأكيد رسالة مفادها أن مصر ترحب بأنشطة الأعمال وأن حقوق المستثمرين ستكون محفوظة ومصانة". ومن بين المؤشرات علي تحسن الثقة في مناخ الأعمال انتعاش البورصة المصرية التي قفزت هذا الأسبوع لأعلي مستوياتها منذ يونية 2011 ووصلت مكاسبها منذ بداية العام إلي 53% بالرغم من أنها لا تزال أقل بنسبة 24% عن الذروة التي بلغتها العام الماضي ويبدو أن الاختيارات الأسهل للمستثمرين الخليجيين في مصر ستتمثل في العمليات المصرفية التي تطرحها للبيع بنوك أوروبية تقلصت عملياتها علي مستوي العالم أما المصارف الخليجية التي تتمتع بسيولة ضخمة بسبب ارتفاع أسعار النفط فلا تحتاج للسعي وراء أرباح قريبة الأجل في مصر فبمقدورها أن تعول علي النمو السكاني لمصر في تحقيق أرباح في الأجل الطويل. كما أن محادثات تمهيدية بين بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي التي انطلقت الأسبوع الماضي مع بنك قطر الوطني لبيع حصة 2.77% في وحدته المصرية البنك الأهلي سوسيتيه جنرال بأكماله وقال بنك الاستثمار المصري المجموعة المالية هيرميس إن قطر الوطني قد يضطر لتقديم عرض إلزامي لمساهمي الأقلية وهو ما سيفضي لاستحواذه علي البنك بأكماله وأضاف أن البنك القطري قد يدفع ما يصل إلي ثلاثة مليارات دولار مقابل الاستحواذ علي الوحدة المصرية من سوسيتيه جنرال. وذكرت مصادر مطلعة أن بنكا فرنسيا آخر هو بي. إن. بي باريبا يسعي إلي بيع وحدته المصرية التي يمكن أن تدر ما بين 400 و 500 مليون دولار وقال مصرفي مقيم في دبي "نبلغ عملاءنا في الخليج أن هذه ربما تكون أفضل فرصة بالنسبة لهم علي الاطلاق لدخول مصر من خلال شراء أصول نوعية بأسعار مغرية". في الوقت نفسه تعتزم كيو انفست وهي شركة استثمارية قطرية تملك الدولة جزءا منها الاستحواذ علي المجموعة المالية هيرميس بعد أن حرمت التوترات الاقتصادية في العام الماضي هيرميس من القدرة علي التوسع في أنحاء المنطقة. كما أن هناك قطاعات أخري غير البنوك مثيرة للاهتمام إذ يتوقع المستثمرون أن تعزز حكومة مرسي مشروعات البنية التحتية وتنتهج سياسات رامية لتعزيز انفاق السكان البالغ عددهم نحو 91 مليون نسمة غالبيتهم من الشباب وسيتم تمويل بعض المشروعات من قبل حكومات خليجية إذ تعهدت السعودية وقطر في الأسابيع القليلة الماضية بتقديم مليارات الدولارات لمساعدة مصر يقول هايز من ديلويت: "لا ينحصر الاهتمام في الصناعة المالية فقط بل يمتد إلي قطاعات أخري بينها الطاقة والنفط والغاز والسلع الاستهلاكية وفي بعض الحالات الاستثمارات المتعلقة بالطاقة المتجددة".