في ظل الجفاف الشديد والمستمر الذي تعاني منه العديد من البلدان الزراعية الرئيسية بما فيها الولاياتالمتحدةوروسيا، تتصاعد المخاوف من ظهور جولة جديدة من ارتفاع أسعار الأغذية في أنحاء العالم وتتزايد المخاطر التي يواجهها الأمن الغذائي. وذكرت وكالة أنباء (شينخوا) في تقرير لها أن الولاياتالمتحدة تشهد أسوأ موجة جفاف منذ نصف قرن من الزمان، ويواصل الجفاف انتشاره في منطقة الغرب الأوسط الأمريكي التي تشتهر حول العالم بإنتاجها لمحاصيل رئيسية مثل الذرة وفول الصويا، مما يعمل علي تدهور توقعات إمدادات وأسعار الغذاء العالمية. ومن المتوقع أن تبلغ محاصيل الذرة في الولاياتالمتحدة هذا العام 274 مليون طن، بانخفاض نسبته 13% مقارنة بالعام الماضي، وهي أدني إنتاجية لهذا النوع من المحاصيل منذ عام 2006. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تبلغ محاصيل فول الصويا الأمريكية هذا العام 72.9 مليون طن، بانخفاض نسبته 12% مقارنة بعام 2011. وذكرت منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعية (الفاو)، في تقرير لها أن الجفاف الحاد في الغرب الأوسط الأمريكي سيؤدي إلي قفزة كبيرة في أسعار المواد الغذائية العالمية، مؤكدة أن أسعار الذرة قد ارتفعت بالفعل بنسبة 23%. وأشارت المنظمة الدولية إلي أن مؤشر أسعار الأغذية العالمية قد ارتفع بنسبة 6%، لكنه لم يصل إلي الذروة التي بلغها في فبراير عام 2011، إذ يشمل المؤشر أسعار الحبوب والزيت واللحوم والسكر ويعد الأساس لمعرفة تقلبات أسعار الأغذية واتجاهاتها. وقالت منظمة (أوكسفام) الخيرية البريطانية إن الولاياتالمتحدة، وهي دولة رئيسية مصدرة للذرة وفول الصويا والقمح، تعاني من جفاف لم يسبق له مثيل، الأمر الذي سيوجه ضربة قوية للكثير من البلدان التي تعتمد علي استيراد الأغذية. وحذرت أوكسفام من أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية سيعرض ملايين الناس للجوع، ويضع ضغوطا إضافية علي المنظمات الإنسانية المنهكة أصلا. ولن تتوقف المخاطر عند هذا الحد فحسب، بل ستتزايد بعدما نشرت تقارير عن ظهور حالة جفاف في إحدي المناطق المهمة لزراعة القمح في العالم ألا وهي منطقة البحر الأسود التي تضم روسيا وأوكرانيا وقازاقستان. ورغم أن ارتفاع أسعار القمح في العالم أقل من الذرة وفول الصويا، إلا أن الجفاف في منطقة البحر الأسود مازال مستمرا ويمتد إلي مناطق نهر الأورال وغرب سيبيريا، وبهذا قد يتغير الوضع ويتم خفض توقعات صادرات القمح في هذا الإقليم . وقالت (شينخوا) ان الجفاف والفيضانات تسببا في خسائر اقتصادية مباشرة بلغت 232.9 مليار يوان (36.97 مليار دولارأمريكي) في الصين العام الماضي وفقا لبيانات صدرت حديثا. كما تضرر نحو 89.42 مليون شخص جراء الفيضانات في عام 2011، مع مقتل 519 شخصا وفقدان 121، طبقا لتصريحات تشانج تشي تونج، المسئول البارز في مصلحة الدولة للسيطرة علي الفيضانات والاغاثة من الجفاف ببلدية تشونج تشينج جنوبي الصين. وفي الوقت ذاته، أثر الجفاف في 244 مليون مو "الفدان يعادل 6.2 مو" من المحاصيل، وخلف 28.95 مليون شخص يعانون من نقص في مياه الشرب، الأمر الذي نتج عنه خسائر اقتصادية مباشرة بقيمة 102.8 مليار يوان، حسبما ذكر تشانج. ومن ناحية أخري، أعلنت وزارة الزراعة الروسية أنها خفضت توقعات إنتاج الأغذية لهذا العام لتتراوح بين 70 و75 مليون طن، بانخفاض يتراوح بين 11 و17% مقارنة بالتوقعات السابقة. وافادت بأن حجم الخسائر التي تسبب بها الجفاف في روسيا وصل إلي ما يعادل 1.150 مليار دولار. كما أشارت إلي أن الجفاف قد قضي علي المحاصيل في 21 اقليما علي مساحات تزيد علي 5.56 مليون هكتار الهكتار يعادل 2.47 فدان مما يشكل 7.3% من كل المساحات المزروعة في البلاد. كما أشارت وزارة الزراعة الأوكرانية إلي أن حجم محاصيل البلاد هذا العام سيصل إلي 54.3 مليون طن، بانخفاض قدره 11 مليون طن مقارنة بالعام الماضي. علاوة علي ذلك، يمثل إنتاج القمح في دول البحر الأسود ربع إجمالي الإنتاج العالمي، وبالتالي فإنه إذا قررت الحكومة الروسية التحكم في تصدير القمح مثلما حدث في عام 2010، سوف يشهد سوق الغذاء المزيد من التقلبات.