تمر البورصة المصرية بمنعطف خطير في الوقت الحالي وبخاصة منذ اندلاع ثورة يناير الماضي، وبات مصيرها متعلق بقرارات المحاكم والقرارات السياسية، والتي تنظر في إعادة الانتخابات البرلمانية من عدمها، وكذلك البت في الغاء تأسيسية الدستور من عدمها والغاء مجلس الشوري والغاء الاعلان الدستوري المكمل، علاوة علي الأحداث والتوترات والاضطرابات السياسية التي تشهدها الساحة حالياً، من صراع علي السلطة وحرب تصريحات فيما بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية. وقال خبراء ومراقبون اقتصاديون إن الوضع مرتبك للغاية، والمشهد يكاد يكون ضبابياً ولا يجرؤ أي من كان أن يتنبأ بما ستؤول إليه الأوضاع خلال الأربع والعشروين ساعة المقبلة، لتصبح البورصة هي الضحية الأولي بل ورهينة، لما يحدث علي الساحة حالياً من توترات وتغيرات في المشهد برمته. وما زالت الأحداث السياسية التي تشهدها مصر منذ اندلاع ثورة يناير، تلقي بظلالها السلبية علي البورصة المصرية، وتؤثر في تعاملاتها، علاوة علي القضايا المنظورة حاليا في المحاكم ما بين حل البرلمان ومجلس الشوري والاعلان الدستوري المكمل، وحل تأسيسية الدستور، كلها عوامل أثرت بشدة علي أداء البورصة وتغيير سلوكيات المستثمرين سواء المحليين أو العرب أو حتي الأجانب. وقال الخبراء إنه من الصعب فصل البورصة أو عزلها عن الأحداث السياسية التي تشهدها مصر، مؤكدين أن خسائرها جاوزت المليارات خلال الأشهر الماضية بسبب تردي الأوضاع السياسية، حتي بلغت الخسائر نحو 36 مليار جنيه في شهر مايو الماضي فقط. وأكد خبراء الاقتصاد أن ضبابية الموقف السياسي الذي يكتنف مصر في كثير من الأحيان، سيكون له آثار سلبية كبيرة علي الاوضاع الاقتصادية وبخاصة اداء البورصة، لافتين إلي أن المخرج الوحيد والطريق الاساسي لعودة النشاط إلي البورصة وتعافيها من جديد، بات يتمثل في الاستقرار السياسي وبدء الاعلان عن الحكومة الجديدة وتسمية رئيسها وهو ما سيكون له تداعيات ايجابية كبيرة في حال الانتهاء منها. بداية أكد خبير الاقتصاد محسن عادل أن الصراع ما بين جماعة الإخوان المسلمين والنظام السابق علي الرئاسة في مصر فيما بعد اندلاع الثورة، انعكس سلبا علي أداء البورصة المصرية وكبدها خسائر تجاوزت عشرات المليارات خاصة في الفترات التي تبلور فيه هذا الصراع بشكل ظاهر، أولها عندما تقدم المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للاخوان المسلمين بأوراق ترشحه أعقبها ترشح اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق، وجاءت المرحلة الثانية من الصراع، بعدما أتت نتيجة الانتخابات بمرشح إخواني في مواجهة آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس السابق. وأضاف عادل أن إحصاءات البورصة المصرية أظهرت خسائر رأسمالها السوقي خسر ما يقرب من 40 مليار جنيه في أوقات المواجهة المباشرة بين الجانبين، والتي تمثلت في وقت التقدم بأوراق الترشح للرئاسة في إبريل الماضي وبعد نتيجة الانتخابات الرئاسية في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي. وأشار إلي أن الاسهم المصرية شهدت خلال فترتي احتدام الصراع ما بين الاسلاميين ورموز النظام السابق، عمليات بيع محمومة من قبل المستثمرين سواء في فترة الترشح للإنتخابات أو بعد نتيجة الانتخابات، مما أدي إلي هبوط حاد لأسهم الشركات الكبري والقيادية، ووصلت بأسعارها إلي مستويات لم تسجلها منذ نحو العام، ومع تصاعد وتيرة القلق السياسي يعني تزايد المخاوف من الصدام سواء بين قوي الاسلاميين والليبراليين واليساريين والثوريين. من جهتها قالت الدكتورة أمنية حلمي المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، أن هناك اهمية قصوي لضرورة توضيح وتفسير الاحداث السياسية والقرارات والاحكام التي تصدر بين الحين والاخر، من الناحية القانونية والتواصل مع المواطنين لعدم إثارة الشائعات التي قد تهدد الوضع الاقتصادي في مصر ويترك اثارا سلبية خطيرة علي اداء البورصة. وأوضحت أن الأحداث السياسية تنعكس في المقام الأول علي البورصة المصرية والتي قفزت بنسبة مرتفعة بعد إعلان فوز الدكتور محمد مرسي بالرئاسة الجمهورية كما تأثرت في مناسبات عديدة من التأثر بقرار إعادة مجلس الشعب لتتراجع بشكل حاد في الدقائق الاولي ثم الاحكام القضائية، الا انه بات من الواضح ان البورصة تجاهلت تلك الاحداث والمتغيرات وبدأت في طريقها. إلي ذلك قال رئيس قسم البحوث الفنية بإحدي شركات الاستشارات المالية احمد حنفي إن البورصة لا يمكنها أن تنفصل عن الأحداث السياسية الجارية سواء بداخل مصر أو خارجه، وإن كانت الاحداث السياسية الداخلية هي الاكثر تأثيرا، لأنها غيرت كثيرا من سلوكيات المستثمرين علي مدار العام ونصف العام الماضية، لافتا إلي أنه مرت بالكثير من المطبات نتيجة توتر الوضع السياسي حتي أصبحت البورصة المصرية رهينة له.