علي الرغم من تعالي أصوات الخبراء والمحللين بضرورة إعادة النظر في قوانين سوق المال، التي باتت لاتتناسب والظروف الاقتصادية الحالية سواء كانت الظروف الداخلية أو حتي الظروف العالمية، خاصة بعد انتخاب أول برلمان حقيقي، إلا أنه انغمس فقط وركز كل اهتمامه علي القوانين ذات الطابع السياسي، علي حساب القوانين ذات الطابع والجدوي الاقتصادية، الأمر الذي أعاد إلي الساحة تجدد مطالب الخبراء بضرورة إعادة النظر في قوانين سوق المال، خاصة فيما يتعلق بتغليط العقوبات علي المخالفين وتشديد قواعد الإفصاح والشفافية وإجبار الشركات علي الالتزام بتلك القوانين لحماية حقوق المستثمرين وحماية السوق أيضا. وفي الوقت الذي ارتفعت فيه حدة الضغوط السياسية علي الاقتصاد تعتزم الهيئة العامة للرقابة المالية إجراء حزمة من التعديلات التشريعية والتنظمية لإحكام الرقابة علي تحركات رؤوس الأموال، وفي مقدمتها الضوابط المنظمة لعمليات الاستحواذ والاندماج والتخارج، في إطار ما توصلت إليه الهيئة من نقاط ضعف تشريعية فجرتها التحركات العنيفة لرؤوس الأموال قبل وبعد إندلاع الثورة. وكشف مصدر مسئول بالهيئة العام للرقابة المالية المصرية في تصريح ل "العالم اليوم" عن أن الهيئة بصدد إجراء تعديل علي قواعد الاندماج والاستحواذ بقانون سوق المال لتعميم تطبيقها علي جميع الشركات المقيدة بالبورصة المصرية سواء تم طرحها عبر الاكتتاب العام أو الخاص، إضافة إلي تطبيقها علي كل الملكيات سواء مباشرة أو غير المباشرة. وأكد أن التعديلات ستتطرق للنص علي عقوبات تدريجية للمخالفين، نظرا لعدم توافرها بالنصوص الحالية، وعلي صعيد التعديلات المرتقبة علي قواعد القيد والشطب، وأوضح الشرقاوي أن الهيئة ستبدأ بإعادة صياغة قواعد القيد والشطب كاملة لتفادي تعارض بعض البنود المضافة حديثا أم الأخري، وتوحيد المعايير والمصطلحات التي تم الخلط في استخدامها تبعا للقائمين علي تحديثها بالإدارات المتتالية للهيئة، وعلي رأسها مصطلحي الشركات "التابعة" و"الشقيقة" واللذان يختلف تعريف كل منهما من المنظور المحاسبي. وأكد خبراء ماليون أن هناك قصورا ملحوظا بالقانون المصري المنظم لسوق المال، مطالبين بإعادة هيكلته من جديد خلال هذه المرحلة الانتقالية المهمة في تاريخ مصر. من جهته أكد إيهاب سعيد خبير سوق المال أن الخطوة المقبلة لابد أن تشمل إجراء سلسلة من التعديلات المدخلة علي قانون سوق المال كل مواد القانون المختلفة، والتي أثبتت خلال الفترة الماضية قصورها في معالجة العديد من المشكلات التي واجهت السوق بشكل عام، مثل مشكلة التلاعبات التي يشهدها عدد من الأسهم المختلفة بالسوق سواء من قبل صانعي السوق أو من الشركة نفسها. من جهيته أكد الخبير الاقتصادي والمحلل المالي محسن عادل بأن هناك حاجة ماسة لتعديل جميع المواد واللوائح المتعلقة بالافصاح والشفافية كي تكون هناك عقوبة أكثر ردعا وقوة ضد كل الشركات المخالفة لهذا المبدأ سواء كانت عقوبة مالية ضخمة أو عقوبة فنية تقع علي كاهل تلك الشركات بصورة مباشرة دون المساس بحقوق المساهمين. وأضاف أن الباب الحادي عشر من اللائحة لمنع التلاعبات بالسوق المصرية من المادة 316 إلي المادة 342 ناقش مسألة التلاعبات بشكل موسع، إلا أن هناك قصورا وتحايلا علي القانون من قبل الشركات وأعضاء مجلس إدارتها قد شهدتها البورصة المصرية خلال الفترات الماضية. وأشار إلي ضرورة إعادة تعديل المواد المتعلقة بتشكيل مجلس إدارة البورصة لتشمل مادة تخص وجود ممثل عن المساهمين بمجلس الإدارة بالإضافة إلي انتخاب رئيس البورصة مثل باقي أفراد المجلس وليس تعيينه. وقال إن هناك عددا من المواد أيضا لابد وأن تشملها تعديلات كبيرة مثل المادة رقم 23 بقانون سوق المال رقم 95 سنة ،1992 والتي تناولت تنظيم صندوق المخاطر الذي تحول من كونه صندوقا لدعم المستثمرين وتعويضهم في حالة تعرضهم إلي مخاطر غير استثمارية إلي صندوق ل "النهب القانوني للمستثمرين" بالإضافة إلي تعديل المواد المتعلقة بشركات السمسرة وحسم إشكالية أسهم شركات السمسرة المتداولة بالبورصة التي يشوبها أشكال مختلفة من التلاعبات. من جهته أكد خبير التحليل الفني محمد الأعصر أن اللوائح المنظمة لشركات السمسرة من أهم إشكاليات القانون مطالبا بضرورة وجود تنظيم أكثر جدية لعمل المحللين الفنيين، مقترحا ألا يتم السماح لأي محلل فني بالعمل بالمجال، إلا بعد أن يكون قد حصل علي شهادة من الاتحاد الدولي، بالاضافة إلي ثلاث سنوات عمل كمتدرب مع أحد كبار المحللين في السوق. ورأي الأعصر أن تلك النقطة تحديدا من أهم النقاط التي يجب ادخالها علي قانون سوق المال حتي لا تقع السوق فريسة للشركات التي تقدم تقييمات أو تحليلات فنية قام بها محللون لا يمتلكون الخبرة، وهم كثر بالسوق. وأشار عضو الجمعية المصرية للمحللين الفنيين محمد عبدالعال إلي أن قانون سوق المال يحتوي علي العديد من المواد التي يجب تعديلها، والتي أظهرت عجزها التام خلال الفترات الماضية عن حل مشكلات السوق. وأوضح أن أهم تلك القوانين هي تلك التي تتعلق بالشطب الاجباري والاختياري من البورصة، والتي سببت العديد من المشكلات مؤكدا أنه لابد وأن يترك أمر الشطب من عدمه للشركات نفسها "شطب اختياري" وإلغاء كل المواد التي تناولت الشطب الاجباري، لأنه يعد جورا علي حق المستثمرين والاكتفاء فقط بتوجيه عقوبات علي الشركات غير الموفقة لأوضاعها. وأكد عبدالعال أن من أهم المواد التي يجب أن يتم تعديلها هي مسألة السنة المالية بالشركات، مشيرا إلي أن توحيد السنة المالية للشركات العاملة بالبورصة المصرية سوف يكون من شأنه تفعيل أقوي لسوق المال.