إذا كانت حركتا فتح وحماس قد نجحتا في تجاوز أهم عقبة كانت تقف في طريق تنفيذ اتفاق الدوحة الأخير بعدما وقعتا اتفاقا تنفيذيا إلي القاهرة يتضمن جدولا زمنيا لتطبيق اتفاق الدوحة فإن هناك ألغاما في الطريق وسط شكوك وعدم ثقة في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه ويمكن أن يؤدي إلي مصالحة حقيقية فالخشية تنبع من أن الاتفاق يمكن أن يكون اتفاقا علي إدارة الانقسام وليس انهاء الانقسام فمن وجهة نظر المراقبين فإن الاتفاق يخلو من نقاط أساسية يمكن أن تقود إلي مصالحة مثل البرنامج السياسي للحكومة والاشارة إلي توحيد وهيكلة المؤسسات الأمنية والعسكرية وحصر مهمة الحكومة في البدء في إعمار قطاع غزة وإجراء الانتخابات والمحك الحقيقي يكمن في التطبيق والقدرة علي تعديل مسار المصالحة لتتحقق المصالحة! ينص الاتفاق الذي وقعه صخر بسيسو وعزم الأحمد عن فتح وموسي أبو مرزوق ومحمد نصر عن حماس برعاية مصرية علي أن تبدأ لجنة الانتخابات المركزية عملها في قطاع غزة هذا الشهر وأن تشكل الحكومة التي سيرأسها محمود عباس الشهر المقبل وتستأنف لجنة الانتخابات المكلفة بإعداد قانون انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني عملها اعتباراً من يوم 27 من الشهر الجاري لتهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني بالتزامن بعد تحديد موعد إجرائها بالتوافق بين الفصائل والقوي الفلسطينية جميعا في ضوء إنجاز عمل لجنة الانتخابات المركزية. لقد حدد الاتفاق مدة عمل الحكومة التي سيتم تشكيلها بفترة لا تزيد علي ستة أشهر لتنفيذ المهمات المتفق عليها بما في ذلك إجراء الانتخابات والبدء في إعادة اعمار غزة مع ربط مدة هذه الحكومة بالموعد الذي سيتم التوافق عليه لإجراء الانتخابات. وفي حال تعذر إجراء الانتخابات في الموعد المتفق عليه نتيجة أي سبب خارج عن إرادة الأطراف يلتقي الطرفان لبحث إمكان تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة برئاسة شخصية مستقلة يتم التوافق عليها. ستقوم مصر بالمراقبة والاشراف علي تنفيذ كل طرف لالتزاماته بما في ذلك قضايا الحريات العامة وبهذا الاتفاق تكون فتح وحماس قد تجاوزتا أهم عقبة وهي السماح للجنة الانتخابات المركزية ببدء عملها في قطاع غزة وإذا كانت حماس تمنع اللجنة من تحديث سجل الناخبين هناك وهي المسألة التي اشترط الرئيس الفلسطيني محمود عباس تحقيقها لتشكيل حكومة التوافق باعتبار أنه لا يريد تشكيل حكومة وحسب دون حسم يوم الانتخابات. الفصائل الفلسطينية أرادت بعد مناقشة الاتفاق الذي تم في القاهرة التريث ودرس الاتفاق حتي لا يصاب الشارع الفلسطيني بإحباط وإذا كانت الفصائل الفلسطينية قد طالبت بعدم الافراط في التفاؤل فإن الشارع الفلسطيني لم يظهر كثيرا من البهجة لاتفاق المصالحة الجديد بعدما اختبروا الكثير من الاتفاقات السابقة بين الحركتين التي لم تجد طريقها للتطبيق. كان الاتفاق الأول بين الحركتين قد وقع في مكة عام 2007 وحمل اسمها "اتفاق مكة" تبعه اتفاق صنعاء عام 2008 واتفاق الدوحة عام 2012 وحمل الاتفاق الجديد الذي بني علي اتفاقي القاهرةوالدوحة اسم اتفاق "النقاط الثماني" لأنه تضمن ثماني نقاط أبرزها الشروع في مشاورات لتشكيل حكومة برئاسة الرئيس محمود عباس والسماح للجنة الانتخابات ببدء العمل في تسجيل الناخبين في قطاع غزة وبدء عمل اللجنة المكلفة بوضع قانون الانتخابات للمجلس الوطني واتفق علي أن يجري كل ذلك في يوم واحد هو 27 من الشهر الجاري. ان الكثير من السياسيين والمراقبين تنتابهم الشكوك العميقة إزاء فرص تطبيق الاتفاقات السابقة بسبب عدم تطبيق الاتفاقات السابقة المماثلة وهناك من يري أن التجارب السابقة تشكل دليلا واضحا علي ذلك لأن الإجراءات الفعلية علي الأرض حتي اللحظة لم تبشر بانفراج في ملف المصالحة ومن هنا لم يعد المواطن الفلسطيني مهتما بمثل هذه الاتفاقات لكثرة ما سمع ورأي عن المصالحة وأي اتفاق لن تكون له مصداقية إلا من خلال التنفيذ علي الأرض. غير أن أصحاب الاتفاق بدوا أكثر تفاؤلا هذه المرة وان كانوا دوما بعد كل اتفاق يعبرون عن هذا التفاؤل إذ يري موسي أبومرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي وقع علي الاتفاق عن الحركة وكان ممن تحفظوا