لم يكن من قبيل المفاجأة أن جولة المفاوضات بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد والتي عقدت في بغداد علي مدي يومي ،23 24 من مايو الحالي حول الملف النووي الإيراني، لم تسفر عن شيء يذكر، بل إنها بددت الآمال في جسر الهوة بين طهران والمجموعة التي تضم أمريكا، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا وبدا أن الغرب بقيادة أمريكا هو الذي يعرقل الوصول إلي تفاهم واحراز اتفاق مقبول للطرفين، فما تحاوله أمريكا وبضغط دائم من إسرائيل هو تحقيق الهدف الرئيسي الذي أفصح عنه "باراك" وزير دفاع الكيان الصهيوني في التصريحات التي أدلي بها وبالتزامن مع عقد جولة مفاوضات بغداد عندما أكد أن إسرائيل لن تتخلي عن أي خيار من أجل معالجة المشكلة النووية الايرانية وأنها تصر علي أن توقف إيران وبشكل كامل تخصيب اليورانيوم ونقل المواد المخصبة التي بحوزتها إلي دولة أخري!! أكثر من ذلك طالب الغرب برفع سقف المطالب أمام إيران وتشديد العقوبات عليها حتي توقف تطوير برنامجها النووي. لهذا لم تسفر جولة المفاوضات في بغداد عن نتائج ايجابية، فالغرب يطالب إيران بالتخلي عن حقها في تخصيب اليورانيوم وهو شرط اذعان لا يمكن لإيران القبول به، بالاضافة إلي استمرار الغرب في فرض الضغوط علي إيران من خلال تشديد العقوبات عليها وكان المنطق يدعوه إلي تخفيف العقوبات الدولية والاحادية المفروضة من أجل تمهيد الأرضية لاحراز اتفاق معها وهو ما لم يحدث، بل إن ما قدمته مجموعة خمسة زائد واحد من مقترحات لم تكن متوازنة، فعلي العكس بدت مراوغة وتعمدت الدخول في تفاصيل هامشية فارغة ولعلها تعمدت بذلك تعطيل المباحثات وتكوين مناخ صعب يتعذر في إطاره حلحلة أي موضوعات معلقة، ولهذا يؤمل عندما تعقد جولة جديدة في موسكو في ،18 19 الشهر القادم أن يتم رتق الثغرات وجسر الهوة بين إيران ومجموعة الدول الست حتي لا تكون مماثلة لجولة مفاوضات بغداد التي اتسمت بالصعوبة. ويكفي أن المقترحات الغربية قد بعدت كلية عن مبدأ خطوة خطوة الذي تم الاتفاق عليه من قبل في جولة المحادثات التي عقدت في اسطنبول في منتصف ابريل الماضي والتي جري فيها التفاهم علي أن معاهدة الحد من الانتشار النووي هي الإطار الذي يجب العمل من خلاله ومبدأ الخطوة مقابل الخطوة. ولاشك أن جولة المفاوضات في بغداد بدا فيها الخلاف واضحا بين مقترحات غربية تستهدف في الأساس وقف إيران لعمليات تخصيب اليورانيوم وفتح منشآتها النووية أمام المفتشين مقابل حصولها علي يورانيوم للأغراض السلمية وهو ما يبدو أمرا لا يذكر مقابل العقوبات المشددة التي تضمنت حظرا علي استيراد نفطها. ولقد رأينا هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية تؤكد مؤخرا استمرار الولاياتالمتحدة في فرض عقوبات مشددة رغم مشاركتها في جولة المفاوضات المقبلة التي ستعقد في موسكو بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد أما إيران فلقد قدمت في جولة بغداد مقترحات تتضمن إزالة العقوبات الدولية المفروضة عليها والتشبث بعدم التنازل عن حقها في تخصيب اليورانيوم. كان بإمكان أي مراقب منصف الوقوف علي أن القوي العالمية هي التي عمدت إلي عرقلة المحادثات التي جرت في بغداد من خلال ايجاد مناخ صعب يتعذر معه حلحلة البنود المتعلقة بالملف النووي الايراني ولقد تأكد بالفعل أن أمريكا هي رأس الأفعي التي تعمل علي تعطيل المحادثات من خلال تعقيد المواقف ولهذا ظلت الثقة مفقودة بين الطرفين. وعلي الرغم من أن ايران قد أكدت عبر مسئوليها أن برنامجها سلمي وأن استخدام أسلحة الدمار الشامل حرام ولا مكان له في العقيدة الإيرانية، إلا أن الغرب وتتصدره أمريكا لايزال علي موقفه المتزمت الخاضع لإسرائيل في كل توجهاته، فرأيناه وقد حمل مقترحات تعد امتدادا لتلك التي سبق ل"نتنياهو" أن عبر عنها من أنه يتعين علي إيران وقف جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم من دون استثناء والتنازل عن جميع كميات اليورانيوم المخصب الموجودة بحوزتها، ولهذا استنكف الغرب تقديم أية خطوة لبناء الثقة مثل عرض تخفيف العقوبات المفروضة علي إيران وهو عرض دعمته روسيا وأيدته أما إيران فطالبت برفع العقوبات المفروضة عليها خاصة ما يتعلق منها بمجال النفط. لقد بح صوت إيران في معرض التأكيد علي أن برنامجها النووي لأغراض مدنية بحتة ورغم ذلك استمرت أمريكا في تصعيد الموقف ضدها تنفيذاً لأهداف إسرائيل ولا أدل علي ذلك من أنه وعشية اجتماع بغداد الأخير بين إيران