كعادته منذ ثورة 25 يناير أثبت الشعب المصري، مرة أخري، من خلال الجولة الأولي لانتخابات الرئاسة، قدرته علي اثارة دهشة المراقبين.. وخاصة أولئك الذين ينخدعون بظواهر الأمور.. وحين بدأت تكتمل ملامح نتائج الانتخابات كانت أكثر التعليقات انتشارا علي ألسنة "الخبراء الاستراتجيين" إياهم، وضيوف البرامج الحوارية المألوفين، كلمات من نوع "نتائج محيرة" "مفاجآت" "تصويت متناقض".. "مثير للدهشة".. الخ. ولاشك أن نتائج الجولة الأولي لانتخابات الرئاسة تحتاج إلي دراسة متأنية ومتعمقة من جميع الأطراف المعنية، حيث إن مثل هذه الدراسة هي التي ستحدد سلوكهم في الجولة الثانية من الانتخابات.. والتي ستكون نتائجها فارقة بالفعل في تحديد مستقبل البلاد لسنوات قد تطول وخاصة بعد أن وضعت نتائج المرحلة الأولي بلادنا أمام اختيار شديد الصعوبة بين عودة نظام مبارك ممثلا في الفريق أحمد شفيق، ومن يدعمونه، ووصول الدكتور محمد مرسي ممثل الإخوان المسلمين إلي سدة رئاسة الجمهورية، ومن خلفه جماعة الإخوان، بكل ما لذلك من معني ومن تداعيات. وفي الحالتين فإن البلاد تبدو مقبلة علي مرحلة ربما تطول من الصراع السياسي المحتدم، والثورة تبدو مهددة بخطر الموت، بعد كل التضحيات الجسيمة التي دفعها شعبنا من دماء الشهداء وآلام الجرحي، فضلا عن المعاناة القاسية الاقتصادية والأمنية التي تحملها الشعب صابرا.. أملا في غد أفضل. رسالة إلي جميع المرشحين أولي "المفاجآت" كانت رسالة من جمهور الناخبين إلي جميع المرشحين، تعبر عن الاحباط وخيبة الأمل، تمثلت في نسبة التصويت الضعيفة (45%) مقارنة بنسبة التصويت في انتخابات مجلس الشعب (أكثر من 60%).. ومقارنة بالاهتمام الكبير بمتابعة مختلف وسائل الإعلام، وخاصة برامج الحوار التليفزيونية مع المرشحين وممثلي حملاتهم الانتخابية، والمعلقين علي برامجهم.. الخ وخاصة تلك البرامج التي اتخذت شكل المناظرات، التي ذهب البعض إلي اعتبارها "تاريخية".. الخ. والواقع أن من تابعوا حالة "الحمي الإعلامية" التي اجتاحت البلاد خلال الأسابيع الماضية، لم يتوقعوا نسبة الاقبال الجماهيري المحدودة تلك (45%) بل ذهبوا إلي توقع نسبة تصويت لا تقل عن (60 70%).. علي الأقل. وبالغ بعضهم فتوقع نسبة أكبر من هذه. والواقع أن جمهور الناخبين قد عبر بهذا الاقبال الضعيف أولا وقبل كل شيء عن خيبة أمل بسبب استمرار تدهور الاوضاع المعيشية والأمنية، وتخبط السلطات الحاكمة في إدارة شئون البلاد سواء كان المجلس العسكري أو الحكومة، أو مجلس الشعب الذي كان أداؤه مثار احباط كبير. ثم كانت الطريقة السيئة التي تمت بها إدارة "المهزلة السوداء" التي قام ببطولتها حازم أبوإسماعيل. مثار غضب مشوبا الازدراء، منذ بدايتها حتي نهايتها.. وهي مهزلة كان ينبغي علي المجلس العسكري والحكومة عدم السماح بحدوثها أصلا، بم أضفته من ظلال غير محترمة علي عملية انتخابات الرئاسة منذ بدايتها. ثم جاءت قصة تقديم عمر سليمان لأوراق ترشيحه.. ثم عدم قبولها، وبروز أسهم أحمد شفيق، ومارافق ذلك من عبث تشريعي، وأخطاء من جانب اللجنة العليا.. الخ وكذلك العفو المنقوص عن خيرت الشاطر (خطأ جسيم في حد ذاته) ثم قبول أوراقه، ثم رفضها ودخول المرشح الإخواني البديل.. جاء ذلك كله ليضفي المزيد من ظلال عدم الجدية علي العملية برمتها، بما لذلك من أثر سلبعلي هيبة منصب الرئيس، الذي يجيء فوق ذلك كله دون تحديد واضح لصلاحياته الدستورية. ومن ناقلة القول أن نتحدث عن الاتهامات المتبادلة بتوزيع الرشاوي الانتخابية، وما لمسه الناس من صحتها. ولو جزئيا، وما شاع علي نطاق واسع عن انحياز أجهزة الدولة وأجهزة الحكم المحلي لأحد المرشحين.. الخ الخ.. كل ذلك كان له أثر كبير في اضعاف ثقة قطاعات واسعة من الناخبين بنزاهة العملية الانتخابية برمتها.. وبالتالي في إعراض أكثر من نصفهم عن المشاركة فيها.. وهذه رسالة علي جميع أطراف العملية السياسية في البلاد التأمل جيدا في مغزاها.. موسي وأبوالفتوح.. إلي المؤخرة ظلت استطلاعات الرأي العام تعطي عمرو موسي وعبدالمنعم أبوالفتوح المركزين الأول والثاني لفترة طويلة، وتتوقع أن تكون انتخابات الاعادة بينهما، ورغم عدم جدية مراكز استطلاعات الرأي لدينا، وضعف ثقة الناس بها، فإن