رغم الأزمة المالية التي تعاني منها أوروبا علي مدي أكثر من عامين مازال يتمسك المدافعون عن وحدة عملة اليورو بسياسات التقشف بحجة رئيسية تتمثل في أنه إذا استمرت اقتصاديات منطقة اليورو الضعيفة في تبني سياسات التقشف حتي في حالة انهيار النمو وزيادة معدل البطالة ستتم مكافأتها بإقبال المزيد من المستثمرين علي شراء سنداتها. لكن فشلت هذه الطريقة في اليونان وأيرلندا والبرتغال وهي تخضع لتجربة صارمة الآن في اسبانيا التي يهرب المستثمرون فيها من سحب السندات فوفقاً لإنيجو فيجا المحلل المصرفي لدي بنك كريديت أجريكول شيفرو شهدت اسبانيا في السنة الماضية تدفقات نقدية للخارج تقدر بنحو 100 مليار ونتجت معظم هذه التدفقات عن خفض شركات التأمين وصناديق المعاشات والثروة السيادية لما بحوزتها من سندات إسبانية. وما يقود إلي هجر المستثمرين لإسبانيا وجهة النظر المتمثلة في أن سياسة أوروبا الحالية الرامية إلي إرغام البلدان علي تحسين درجة تنافسها من خلال خفض الإنفاق والأجور لا ينتج عنها نمو سواء في اليونان أو إيطاليا أو اسبانيا. ويقول مات كينج استراتيجي الائتمان لدي سيتي جروب في لندن في صحيفة انترناشونال هيراليد تريبيون: زمن الطبيعي أن يهرب المستثمرون عندما يتقلص النمو في وقت يقلل فيه المسئولون من دور انتشار العدوي. وأشار كينج إلي التراجع الكبير في معدل سندات الأجانب في اسبانيا وإيطاليا مع توقع المزيد في ظل عمليات خفض التصنيف التي تعمل علي تعزيز فقدان المستثمرين للأمل. ولأي من هذين البلدين فإن المزيد من خفض التصنيف ربما ينتهي بهما إلي مصير اليونان والبرتغال وأيرلندا التي لم يكن في مقدورها جمع أموال من أسواق الديون العالمية مما لم يعطها خيارا سوي البحث عن برامج إنقاذ من أوروبا. وحتي قبل وضعها في قائمة تصنيف أسوأ إلا أن المزيد من الخفض يجعل من الصعب علي البنوك الإسبانية استخدام السندات الحكومية التي تملكها كضمان يتم بموجبه الحصول علي قروض جديدة من البنك المركزي الأوروبي. و إن اسبانيا وحلفاءها في أوروبا علي قناعة من أنه إذا تم القيام بالإصلاحات الاقتصادية في مكانها المناسب فمن المنتظر أن تساعد علي تحرير أسواق العمل ذات القوانين الصارمة بطرق من شأنها توفير المزيد من الوظائف. لكن وكما ظهر ذلك في حالة اليونان وأيرلندا فإن مثل هذه التغييرات تتطلب الكثير من الوقت لتنفيذها. ومؤقتاً ينتج عن خفض الإنفاق والركود ارتفاع معدل البطالة وليس انخفاضها مما دفع بالمحللين إلي توقع ارتفاع معدل البطالة إلي30% قبل أن تبدأ في التراجع. وتتفق أوروبا وإسبانيا في الوقت الراهن علي الأقل علي أن هذه الطريقة هي المثلي للمضي نحو تحقيق التعافي.