أثار صدور قرار وزير الزراعة م. محمد رضا إسماعيل بإلغاء حظر استيراد الأقطان القصيرة من الخارج، المعمول به منذ نهاية نوفمبر الماضي، ردود أفعال متباينة من جانب المنتجين والمستهلكين والتجار. بالنسبة للمنتجين فالضرر الواقع عليهم أقل من غيرهم نظراً لقيامهم ببيع الغالبية العظمي من كميات الأقطان الموجودة بحوذتهم حسب بيانات هيئة التحكيم واختبارات القطن، التي أشارت إلي أن الكميات المفروزة من محصول الموسم الحالي تبلغ 3 ملايين قنطار زهر، تقدير يقل بمائة ألف قنطار زهر عن تقديرات الهيئة للمحصول الحالي الكميات المتبقية من أقطان الموسم الجاري، موجودة بحوزة بالإضافة إلي كميات أكبر من الأقطان الشعر، الأقطان الزهر بعد الحلج، وبالتالي فالضرر الواقع عليهم أكبر من غيرهم مقارنة بالمنتجين. الحديث عن أن المنتجين متضررون من قرار إلغاء حظر استيراد الأقطان، حديث غير صحيح، والهدف منه ممارسة ضغوط علي الحكومة للعودة عن قرار الإلغاء، وهو احتمال غير متوقع في المدي المنظور. أسباب مجهولة من غير المعروف بدقة الأسباب التي دعت وزارة الزراعة للسماح باستيراد الأقطان القصيرة من الخارج، في ظل وفرة المعروض من الأقطان المحلية، وتمتع مستهلكيها من المغازل الوطنية بدعم حكومي يبلغ 100 جنيه/ قنطار شعر، مما يضع شركات الغزل المحلية المستهلكة للأقطان الوطنية في منافسة غير عادلة مع الأقطان المستوردة المستهلكة من جانب مغازل أخري بالداخل. السماح باستيراد الأقطان جاء في وقت هبوط الأسعار بالخارج وبالتالي تمتع الأقطان القصيرة المستوردة بميزة سعرية تنافسية مقارنة بالأقطان المحلية. تتفوق الأقطان الأخيرة علي الأولي بارتفاع الجودة وانخفاض "العوادم" مما يجعل الأقطان المحلية متعادلة سعرية، من حيث تكاليف التشغيل، مع الأقطان المستوردة حالياً. الميزة التنافسية ميزة ارتفاع الجودة للأقطان المحلية مهددة بالضياع إذا انخفض سعر الأقطان الأجنبية أكثر، ساعتها سيتجه مستهلك الأقطان المصرية إلي البديل الأجنبي لأن فارق السعر بين الأول والثاني يشجع علي استهلاك الأجنبي حتي مع ارتفاع جودة الأول. في هذه الحالة سينتهي الموسم الجاري بفضلة تاريخية من معروض الأقطان المصرية. نوايا الزراعة احتمالات انتهاء الموسم الحالي بفضلة، أقطان غير مبيعة من الموسم الجاري، سيؤثر سلباً علي احتمالات الزراعة للموسم الجديد 2012/2013 إذ سيقوم المنتجون بالعزوف أكثر عن الزراعة لعلمهم بأن هناك أقطانا من الموسم الحالي بحوذة التجار وشركات التجارة العامة وبالتالي لن يكون هناك مجال لارتفاع الأسعار الموسم الجديد، مما سيجعلهم يتجهون إلي محاصيل بديلة خصوصاً لو حققت لهم ميزة السعر الأعلي والربح الأكبر. هذه التقديرات من المستبعد أن تكون خارج حسابات وزير الزراعة عندما قام بإلغاء قرار حظر الاستيراد، الذي اتخذه سلفه بالوزارة قبل نهاية العام الماضي. ويظل من حق الرأي العام معرفة الأسباب التي أدت إلي قرار إلغاء الحظر ومن يتحمل مسئولية ما يترتب عليه من نتائج؟ مع الاعتبار أنه لا صحة لأقوال التجار حول تضرر المنتجين من قرار إلغاء الحظر، فهو لم يصدر إلا بعدما باع المنتجون الأقطان الموجودة بحوذتهم. لصالح المنتجين اليونانيين القرار الحكومي أتي مفاجئاً ودون مقدمات مما أدي إلي بلبلة بالأسواق، واستفادت الأقطان اليونانية من القرار المصري الذي أدي إلي ارتفاع أسعارها مؤخراً بالأسواق الدولية. علماً بأنه لا أحد يستطيع نفي أو إثبات أن قرار رفع الحظر أتي بضغوط دولية من جانب الاتحاد الأوربي الذي سعي لخدمة المنتجين للأقطان اليونانية، ومصر هي السوق الرئيسي لهم خلال الأعوام الأخيرة. رؤية الهند التخبط المصري علي مستوي صنع السياسة بقطاع القطن والغزل والنسيج يقابله وضوح رؤية هندية في نفس القطاع. قررت نيودلهي مد العمل بخطة إحلال وتجديد وحدات القطن والمنسوجات الهندية. في ظل مخاوف المتعاملين من عدم وضوح الرؤية لمسار الاقتصاد الدولي وما قد يواجهه من صعوبات تهدد الخروج البطيء من الركود حسب تصريحات مسئولي صندوق النقد الدولي.