هل يعقل التحدث عن التنمية و استرداد الاقتصاد القومي عافيته دون المبادرة بوضع خطة استثمارية؟! تساؤل بريء أثاره تصريح مصدر رفيع المستوي بوزارة التخطيط والتعاون الدولي، بأنه حتي الآن لم يتم وضع البنود الأولية للخطة الأستثمارية الجديدة لعام 2012- 2013، نظرا لانشغال الحكومة بالقضايا الحياتية اليومية المتمثلة في غياب الأمن ومواجهة المطالب الفئوية والمشكلات الإجتماعية الخاصة بنقص السلع الأساسية بالأسواق. المعروف أن إعداد الخطة يرتبط بالتنسيق بين الوزارات المختلفة وعلي رأسها وزارتا التخطيط والمالية اللتان تشهدان اجتماعا بين رئيس الحكومة ووزيري المالية والتخطيط، نظرا لأن وزارة المالية تعرف مواردها وعلي أساس ذلك يتم تخصيص الاعتمادات بالباب السادس من الخطة الاجتماعية والاقتصادية وهو مالم يحدث حتي الآن، والتصريحات الحكومية تشير إلي أن الخطة السنوية لعام 2012- 2013 ستكون بداية لخطة خمسية جديدة تستمر حتي عام 2016-2017. الخبراء والمستثمرون من جانبهم ربطوا بين التعجيل بوضع هذه الخطة وجذب استثمارات جديدة لمصر، ومن ثم الوفاء بمتطلبات ثورة يناير من تحقيق العدالة الاجتماعية والتخفيف من وطأة الفقر والبطالة، شريطة أن يتزامن مع إعدادها جهود لاستعادة الأمن والأستقرار، آملين في أن تشمل الخطة هذه المرة مشروعات تلامس طموحات المواطنين وتطرق أبوابا جديدة للاستثمار. بداية يوضح محمد فريد خميس - رئيس الاتحاد العام لجمعيات المستثمرين - أن مصر تحتاج حاليا إلي خطة استثمارية لمدة عامين علي أن يليها خطة خمسية والتي يعد اللجوء إليها مرة أخري أمرا ضروريا خلال المرحلة القادمة نظرا لأنها تتسم بالتكامل والرؤية، مضيفا أن أي دولة تسعي للتقدم تحتاج إلي وجود استراتيجية للتنمية والاستثمار والتي تنفذ عادة عن طريق خطة خمسية، منوها أن ملامح الخطة الاستثمارية والتي يجب العمل بها بعد يونيو القادم هي اتخاذ الحكومة لبعض الإجراءات التي من شأنها اعادة الانضباط للاقتصاد المصري بالإضافة إلي إعادة التعامل مع المشكلات التي طرأت مؤخرا علي الساحة الاقتصادية المصرية وأبرزها كان التهريب وإهمال القطاع الصناعي خلال السنوات الخمس الأخيرة، مشيرا إلي أنه ومن خلال التعامل الجيد مع هذه القضايا سوف تصبح مصر جاهزة للانطلاق في الإنتاج وبالتالي الاستثمار من خلال رؤية تنطلق لخطة خمسية قائمة علي التنمية والأولوية لزيادة الإنتاج المحلي وإيجاد فرص عمل وأيضا زيادة القدرة التنافسية للمنتج المصري. ويضيف خميس أن تنفيذ أي خطة لتنمية الاستثمار خلال المرحلة القادمة يتطلب تكاتفا وتعاونا بين كل من الحكومة والمستثمرين معا ومن خلال التوزيع الجيد لأدوار المستثمرين يقع علي عاتقهم في ظل المناخ الجيد الذي ستحاول الحكومة إيجاده وفي ظل رعاية الحكومة للإنتاج والصناعة في مصر والقضاء علي التهريب والتهرب الجزئي من الجمارك واستخدام كل الأدوات التي تسمح بها قواعد منظمة التجارة الدولية، والتي تمنح الدول الأحقية في استغلالها مثل فرض الحماية وفرض رسوم إغراق وغلق باب الاستيراد لبعض السلع اكتفاء بالمنتج المحلي لفترات محددة وأيضا زيادة الرسوم الجمركية وكلها إجراءات غير مبتدعة، فكثير من الدول تستخدمها في الظروف الاستثنائية وعلي سبيل المثال جاء آخر حديث للرئيس الأمريكي باراك أوباما حول حماية الإنتاج المحلي حيث قرر فرض رسوم إغراق علي بعض السلع القادمة من بعض الدول مثل الصين بسبب منافسة هذه السلع للمنتج المحلي الأمريكي بطرق غير شريفة، منوها وبعد قيام الحكومة بهذا الدور المستثمر هنا مطالب بالعمل علي فتح فرص أكبر للاستثمار والاستمرار في بناء التوسعات إلي جانب إشاعة جو من الثقة بين المستثمرين المصريين بعضهم البعض ثم بينهم وبين المستثمرين الأجانب لجذبهم مرة أخري للعمل بالسوق المصري في القطاعات التي تحددها الحكومة بالإضافة إلي قيامهم بالوفاء بما عليهم من التزامات تجاه الدولة مثل دفع الضرائب في مواعيدها وفتح فرص توظيف ما أمكن كذلك القيام بالدور الاجتماعي لرأس المال. ويلتمس خميس العذر للحكومة في عدم قيامها بوضع خطة استثمارية واضحة المعالم حتي الآن، مؤكدا أن الوضع الذي تمر به البلاد حاليا يعد وضعا استثنائيا فهناك أولويات تتعامل معها الحكومة حاليا وفي ظل تقلص الموارد وانخفاض معدلات الإنتاج وعدم وجود فرص عمل وتراجع معدلات التصدير وزيادة التهرب الجمركي وقصور في الموارد المالية وتزايد في المطالب الفئوية كل هذا كبل الحكومة بأعباء وجعل لديها ما يكفيها وما لا يمكنها من وضع