بدأت الخطوات الحثيثة والأخيرة لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد والذي سيواجه تحديات اقتصادية قوية علي رأسها تراجع النمو الاقتصادي لأقل من 1.5% وارتفاع البطالة الي حوالي 13% و نمو التضخم الي 11% وتراجع الاحتياطي الاجنبي لأقل من 16.2 مليار دولار إلي جانب الضغوط علي أسعار الصرف ونمو الفائدة إلي ما يزيد علي 15.5% مع توقعات بزيادة عجز الموازنة إلي 140 مليار جنيه وارتفع الدين الاجمالي لنحو تريليون جنيه وهي أرقام تعتبر تحديات أساسية أمام أي رئيس قادم. إن نجاح الثورة المصرية يسهم في وضع عملية الإصلاح الاقتصادي علي الطريق الحقيقي والصحيح فالمشهد السياسي الذي يتكون تباعا مع كل حدث هو مشهد مختلف بكل معني الكلمة. والنظر في عمق هذه التحولات يفضي إلي استنتاج منطقي بأن الشأن الاقتصادي يقع في صلبها، وسيكون حتما في صدارة نتائجها بعد بلوغ مرحلة الاستقرار. كذلك فان الجميع متفق علي أهمية تعميم الإصلاح بمفاهيمه الشاملة كنتيجة طبيعية لتحركات ثورة 25 يناير الواسعة التي تتفاعل في العديد من النواحي. بما يشمل تداول السلطات، والتوزيع العادل للدخل القومي الذي يحقق النمو والتنمية معا، ومحاربة الفساد عبر نهوض المؤسسات وتفعيل القضاء، وإنتاج فرص عمل حقيقية تستقطب معدلات البطالة المرتفعة خصوصا في أوساط الشباب . أن العقد الاجتماعي الاقتصادي الجديد المطلوب إبرامه لا يشمل تحقيق النمو ومكافحة التضخم والتقدم علي مسارات تحقيق الأهداف المالية والنقدية والتنموية فحسب، إنما ينبغي التأكد من أنه يجري التقدم اللازم علي صعيد الاستثمارات الجديدة في القطاع الموفرة لفرص العمل الجديدة وكذلك في إيجاد المساكن الملائمة للشباب بما يسهم في خلق مستوي أفضل من الطمأنينة بشأن مستقبلهم. من جهة أخري التأكيد علي العمل علي تمكين الشباب من خلال مستويات أفضل من التعليم والتدريب التقني تتلاءم مخرجاته مع حركة الاقتصاد ومجالات نموه وتطوره المستقبلي. فرئيس الجمهورية الجديد سيكون مطالبا بالعمل أيضا علي إنشاء المؤسسات القادرة علي دفع الإصلاحات السياسية والديمقراطية وكذلك الاقتصادية والاجتماعية قدما، وذلك مع تفعيل قدرة هذه المؤسسات علي ممارسة الرقابة وتحقيق التوازن بينها. هناك ضرورة حقيقة الآن لزيادة معدلات النمو إلي نسبة تتراوح ما بين 5% و 7% سنويا لتوفير 500 ألف فرصة عمل علي الأقل سنويا بما يخفض معدل البطالة إلي اقل من 8% بالاضافة إلي ضرورة الوصول بنصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي إلي ما يتراوح ما بين 10 آلاف و12 ألف دولار سنويا، كما ان ضرورة للعمل علي دعم احتياطي النقد الأجنبي ليصل مرة أخري إلي حدود 30 مليار دولار لتخفيف الضغوط علي اسعار الصرف المحلية مع دعم البدائل التمويلية الأكثر مرونة حاليا لتخفيض الدين الاجمالي إلي نحو 600-650 مليار جنيه كمستوي آمن مع عدم السعي لزيادة الدين الخارجي بما يسهم في خفض متوسطات أسعار الفائدة الي ما بين 8% و10% ويهبط بعجز الموازنة إلي ما بين 25 مليار جنيه و30 مليار جنيه مع العمل علي تخفيض العجز في الميزان التجاري بزيادة الصادرات والحد من الواردات واعادة الفائض من جديد لميزان المدفوعات المصري. ان مصر تمتلك بدائل استثمارية عريضة علي رأسها القوة الاقتصادية للمصريين في الخارج والذين يمكن ربط دعمهم للاقتصاد المصري باستثمارات محددة إلي جانب امكانية طرح صكوك تمويل بعملات أجنبية لتمويل مشروعات تنموية مثل تشجيع زراعة القمح محليا بما يعني زيادة فرص عمل وتنشيط اقتصادي بالاضافة إلي زيادة في النقد الأجنبي اخذين في الاعتبار أن تحويلات المصريين في الخارج العام الماضي قد بلغت رقما قياسيا تجاوز 12 مليار دولار. كذلك فان من البدائل الاقتصادية حاليا تحصيل الضرائب المتأخرة وترشيد الانفاق الحكومي مع وضع خطة تحفيزية لاستغلال ودائع القطاع المصرفي في بدائل تنموية آمنة واعادة النظر في الأصول الحكومية غير المستغلة وتشغيل المصانع المعطلة وتحويل قناة السويس إلي منطقة اقتصادية للخدمات اللوجستية عالميا بالاضافة الي اعادة النظر في الحوافز الاقتصادية والضريبية وربطها في الأساس بمؤشرات العائد الاستثماري والقيمة المضافة.