تصاعد حدة التوتر بين القاهرة وواشنطن علي خلفية إحالة مجموعة من النشطاء والمسئولين الأمريكيين في منظمات غير حكومية للمحاكمة في مصر، جاء ليطرح تساؤلات حائرة حول مصير اتفاقية التجارة الحرة التي طالما لوحت بها الإدارة الأمريكية، وهللت لها القاهرة بوصفها من أهم محاور التعاون الاقتصادي "التجارية والاستثمارية والتكنولوجية" والتي تساهم في جذب الاستثمار وزيادة الصادرات وتحفيز معدل النمو الأقتصادي لدينا. جدير بالذكر أن مصر تسعي للتوصل إلي هذه الاتفاقية منذ عام 2003، بوصفها الخطوة التالية بعد توقيع بروتوكول المناطق الصناعية المؤهلة "الكويز" مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولكن الأمر لم يكتب له النجاح حتي الآن نتيجة عدم توافر بعض الشروط المطلوبة بالاقتصاد المصري، مما دعا إلي الاكتفاء بتوقيع اتفاقية "إطار تجارة حرة" تمهيداً لتأهيل الاقتصاد المصري للمتطلبات الأمريكية المطلوبة، والتي تؤهلها للوصول إلي توقيع "اتفاقية تجارة حرة شاملة"، وكانت أخبار عديدة قد ترددت مؤخرا في العديد من الصحف بعد ثورة 25 يناير حول فتح باب التفاوض لإقامة منطقة تجارة حرة بين البلدين، بمشروع قرار داخل الكونجرس الأمريكي يدعو لدخول الولاياتالمتحدةالأمريكية في مفاوضات مع مصر لتوقيع اتفاقية إقامة المنطقة، والتعليق الذي نتوقعه بشأن استئناف هذه المفاوضات في أعقاب الأحداث الأخيرة جعلنا نطرح من جديد تساؤلا حول مدي أهمية هذه الاتفاقية. بداية يقول جمال محرم - رئيس غرفة التجارة الأمريكيةبالقاهرة - أنه لا يمكن الجزم بأن التوتر السياسي الحالي بين الإدارة الأمريكية ونظيرتها المصرية سيعني ضياع فرصة إقامة منطقة تجارية حرة بين البلدين للأبد، وذلك لسببين أولهما أن هذا التوتر بين القاهرة وواشنطن مؤقت سرعان ما يزول لتعود الأمور إلي نصابها الطبيعي، وثانيها أن مسألة إبرام هذه الاتفاقية لم يكن مطروحا بشكل حاسم حاليا، فالأمر لم يزد عن محادثات متبادلة بين وزير الصناعة والتجارة المصري د.محمود عيسي ووزير التجارة الأمريكي تناولت وجهات النظر حول سبل تعميق العلاقات التجارية بين البلدين من خلال هذه الاتفاقية التي لن يتم إبرامها بين يوم وليلة. ويري جمال محرم أن ميزة هذه الاتفاقية تكمن حيث كونها علامة ثقة بأداء الاقتصاد المصري، ومن ثم جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية للاستفادة من منطقة التجارة الحرة هذه. منوها إلي أن هناك دراسة تعدها الغرفة في كيفية تعزيز الاستثمارات الأمريكية المشتركة داخل مصر بحيث تخدم الطرفين خارج نطاق هذه الاتفاقية، يتم فيها علي سبيل المثال شراكة الجانب الأمريكي بالمادة الخام و شراكة الجانب المصري بالقيمة المضافة، وبذلك تصنع 50% من السلعة داخل الولاياتالمتحدة و50% منها داخل مصر عن طريق الصناعات المغذية والتجميعية، وبذلك تتحقق مصلحة الطرفين في اتاحة فرص للتوظيف ودعم الإنتاج، مشيرا أيضا إلي أن الجانب الأمريكي يعي تماما حجم استفادته حال ابرام هذه الاتفاقية أو الدخول في مشروعات استثمارية مشتركة في مصر، حيث تعتبر الأخيرة بوابة لغزو الأسواق العربية والافريقية بحكم الاتفاقيات المبرمة مثل الكوميسا وغيرها. بوابة للاستثمار فيما يعلق السفير جمال الدين بيومي-امين عام اتحاد المستثمرين العرب ورئيس برنامج دعم المشاركة المصرية الأوروبية بوزارة التعاون الدولي سابقا- أنه ليست التوترات الأخيرة التي ستعرقل إبرام اتفاقية التجارة الحرة بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية لأن في رأيه - بعض من المستفدين من اتفاقية الكويز من المنتجين للتصدير ليس من مصلحتهم تنفيذ اتفاقية تجارة حرة حقيقية تخدم المنتج الحقيقي، ولعل الصراع الدائر في اتحاد الصناعات بين منتجي الملابس الجاهزة ومنتجي المنسوجات خير دليل علي ذلك. ويؤكد السفير جمال الدين بيومي أن اتفاقية التجارة الحرة تعد بوابة حقيقية للاستثمار وفتح أسواق جديدة شريطة أن يقترن إبرامها بقواعد منشأ تهدف إلي تعميق المكون المصري، ومن ثم دعم الانتاجية وزيادة معدلات النمو الاقتصادي وتوفير المزيد من فرص العمل خلال المرحلة المقبلة، مؤكدا علي مدي استفادة الطرف الأمريكي من هذه الاتفاقية أيضا خاصة وأن الواقع يشير إلي حصول مصر علي مزايا الاستيراد بدون جمارك من الكثير من الدول العربية ودول الكوميسا، فضلا عن حقيقة أن واردات مصر الصناعية من دول أوروبا ستكون معفاة من الجمارك بحلول 2013. مكاسب اقتصادية الخبير الاقتصادي د. مختار الشريف يؤكد أن ثمة مكاسب اقتصادية جمة كانت بانتظار الاقتصاد المصري حال إبرام