* بعد فشل المفاوضات الاستكشافية في الأردن، وانسداد أفق السلام بفعل إسرائيل التي سدت الطريق أمام المفاوضات من خلال رفضها تقديم تصورات بشأن قصتي الحدود والأمن، فإننا نستطيع القول إن اللقاءات الاستكشافية تلك عبثية لا طائل منها، بالذات في ضوء رفض إسرائيل وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة.. وبدلاً من أن يبحث رئيس الوزراء الإسرائيلي عن حل عملي يقرب فيه مسافة المفاوضات المتباعدة بين الفريقين، بالعكس، فقد سعي نتنياهو لإرضاء اليمين المتشدد علي حساب المفاوضات وقام بتشكيل لجنة لفحص سبل تبييض البنود الاستيطانية غير القانونية علي أرض فلسطينية بملكية خاصة، أي تلك التي سلمت من غول المصادرة.. وجاء قرار نتنياهو رداً علي مشروع قانون البنود الاستيطانية الذي وقع عليه 20 نائبا من أحزاب اليمين المختلفة ويعتزمون طرحه في الكنيست للتصويت، ويقضي القانون عملياً بنهب قانوني للأراضي الفلسطينية الخاصة المقامة عليها عشرات البؤر الاستيطانية. الغريب أن هذه القرارات تأتي في وقت تسعي فيه الرباعية الدولية لتمديد اللقاءات الاستكشافية في عمان، والتي لا يمكن أن تستمر في هذا المناخ السلبي بأي حال، خاصة وأن الجانب الإسرائيلي عرض خلال هذه اللقاءات جملة من المواقف التعجيزية، إذ طالبت إسرائيل الفلسطينيين بالتسليم بسيطرتها علي آلحدود والمعابر الحدودية في أي تسوية سياسية مقبلة وإبقاء سيطرتها علي منطقة غور الأردن، وبأن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح علاوة علي رفضها حق عودة اللاجئين الفلسطينيين. وعرضت إسرائيل شفهياً في هذه المحادثات مبادرتها المتعلقة بالأراضي، فرسم الحدود من وجهة نظر إسرائيل يجب أن يتطابق عملياً مع مسار الجدار الأمني الذي بنته إسرائيل في الضفة الغربية، ويضع القدس بأكملها تحت سلطة الدولة العبرية، بما يعني أن القدس خارج التفاوض. وكان من الطبيعي أن يعتمد الجانب الفلسطيني لمواجهة هذه التطورات استراتيجية وطنية متكاملة تتضمن استكمال التحرك في المحافل الدولية والسعي الحثيث لتمكين فلسطين من الحصول علي عضوية كاملة في كل مؤسسات الأممالمتحدة، وليس فقط في الجمعية العامة، بالإضافة إلي السعي لتطبيق قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وبالذات قرارات المحكمة الدولية الذي اعتبر الاستيطان "جريمة حرب". إن أحد أهم مرتكزات الاستراتيجية الفلسطينية، هو العمل علي إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني الداخلي، وتحقيق المصلحة الوطنية، كما أن منظمة التحرير ملتزمة بشروطها لاستئناف المفاوضات التي تتضمن وقف الاستيطان والتهويد واعتراف وإسرائيل بقرارات الشرعية الدولية باعتبارها مرجعية لأي مفاوضات مستقبلية، أما رابع ركن في الاستراتيجية فيدعو إلي تكثيف المقاومة الشعبية للاحتلال بكل أشكالها علي اعتبار أنها بديل حيوي لمواجهة الواقع الجديد. ولأن نتنياهو يحاول كسب ود اليمين المتطرف في الوقت الذي انهارت فيه اللقاءات الاستكشافية في عمان وبسبب الخلافات الحادة التي فجرتها منطقة الأغوار الحدودية مع الأردن، يعود ليقرر دعم المستوطنات هناك كإحدي الأولويات القومية، بالإضافة إلي مستوطنات أخري داخل الضفة الغربية، بما يشير هذا الإجراء إلي نية إسرائيل تعزيز الوجود اليهودي في المنطقة التي تعتبر ثاني أهم عقدة في طريق الوصول إلي اتفاق علي الحدود والأرض بعد مدينة القدس. كما سيزيد القرار الإسرائيلي من التوتر مع الفلسطينيين الذين رفضوا مراراً اقتراحات إسرائيلية بتأجير منطقة الأغوار لعشرات السنين بعدما رفضت إسرائيل الانسحاب من المنطقة في حال تم التوصل إلي اتفاق شامل، ومن هذا جاء عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي علي السلطة الفلسطينية تبادل أراض في إطار التسوية الدائمة للصراع، يتم فيه تنازل الفلسطينيين عن مناطق حيوية لإسرائيل في الضفة الغربية وحصولهم بالمقابل علي أراض مساوية في المساحة في منطقة النقب جنوب الضفة الغربية. ورغم كل هذه العقبات والفشل الذريع الذي يلغي المفاوضات عموماً واللقاءات الاستكشافية في عمان خصوصا، فإن