تعلمت من كبار الأساتذة ألا يطول اللسان ليصل إلي حبر القلم الذي أكتب به ما لم يكن هناك ظلم فادح قد وقع علي كرامة إنسان ما . هكذا حدثني إحسان عبد القدوس، وتبعه أحمد بهاء الدين، ثم جاء فتحي غانم ليؤكد أن قلم الصحفي وكلماته يجب أن توزن بميزان حساس لأن هدر كرامة الغير واتهامهم بما ليس فيهم هو قمة الجهل النشيط.. لمن لا يعرف معني الجهل النشيط عليه أن يراجع عشرات المقالات التي تناولت قرار أسامة هيكل بوقف إرسال "الجزيرة مباشر مصر" من القاهرة . عن نفسي، أؤكد أن قناة الجزيرة منذ نشأتها وهي تحاول فرض هيمنة تحدثت عنها كتب الحرب النفسية، فأثارت البلبلة في المحيط العربي بأجمعه، وتجنبت بعض من دول مجلس التعاون الخليجي فقط لا غير . وليست سطوري تلك دفاعا عن إهدار حقوق الإنسان في أي بلد عربي، ولكنها محاولة لفهم حقيقة "التقزيم" الذي تريده الجزيرة ومن ورائها من أجهزة تتلاعب بالمصير العربي بأكمله . ولا أدري أي نهضة ديمقراطية تلك التي تريدها الجزيرة وتدعي أنها رسالتها، فالهدف هو سيادة التطرف، والانحياز إلي تيارات تدعي أنها تملك مفاتيح الإيمان والإسلام، وتريد السلطة بأي ثمن وأي طريق، خصوصا في مصر.. وما أعلمه شخصيا من وقائع وحقائق عن تلك التيارات وكيف لعبت منذ أن أخرجها السادات علي سطح المجتمع المصري ووجدت في الوجدان الديني العربي لمحة محبة، تلك الوقائع يمكن أن تكشف لنا كيف استخدموا الدين لتأكيد سيطرة الولاياتالمتحدة علي مقدرات العرب أجميعين . وأبسط دليل هو تجاهل قناة الجزيرة ومن يقفون وراءها عن تأهيل المجتمعات العربية لقبول ما جاء في مؤتمر القمة الاقتصادي الذي عقد منذ عامين بالكويت . وإذا ما كانت هناك حملة مسعورة ضد زميلنا الكاتب الصحفي الدارس لمهنته والمقدس لها أسامة هيكل، حملة بسبب رغبته في تأسيس قواعد محترمة للإعلام، فلا أقل من أن نسانده لا أن نقذف في وجهه كل صباح بسخائم إدعاءات الوقوف بجانب حرية الرأي.. تري هل هناك من يناقش حرية وجود قاعدة السيلية والعديد في الدوحة؟ أليست مصر هي الدولة التي تقف رافضة لوجود قواعد عسكرية علي أرضها؟ أيها السادة لقد ذهب حسني مبارك بفساد قام بتأسيسه، ولا يمكن أن نقوم بتزوير شعارات يبيعها البعض منا باسم حرية الإعلام، ونحن نعلم أن النائب العام سيفتح خلال أيام ملف المائة وواحد وثمانين مليون جنيه التي وصلت إلي مصر لمزيد من كعبلة حكومتها وشعبها في مزيد من الالتهاب . ارفعوا أيدكم عن رجل قبل منصبا لم يكن يريده لنفسه ولكنه كمقاتل يعي قيمة الوطن قبل الوقوف في الصف الأول للدفاع عنه.. أرفعوا أيديكم عن أسامة هيكل الذي يحاول صيانة حرية الرأي بما لا يدهس كرامة الوطن بنقود مصدرها مشبوه.