لا تترك ألسنة الانتقاد الحادة مائدة افطار المصريين في حالها ، وتأبي الا أن تسمم اللقمة التي يأكلونها بعد ساعات الصيام ، معظم تلك الألسنة نهمة الي رصد صورة سلبية باستمرار عن المجتمع المصري في كل مناسبة ، حتي مناسبة احتفاء المصريين بشهر الصيام . قرأت في أحد مواقع الشبكة الدولية أن المصريين في رمضان يتحولون الي مبذرين ينفقون الأموال علي الأطعمة يمينًا ويسارا دون حساب لتكون مائدة الإفطار عامرة بكل ما لذ وطاب ، المشكلة الأكبر أن اغلب الأسر يلقون اكثر من نصف الطعام في القمامة ولا يأكلونه في اليوم التالي . صحيح ، شهر رمضان هو شهر تهذيب النفس بالصيام .. شهر الروحانيات بتركيز العبادة، ولكن ذلك ليس مبررا علي الاطلاق لاتهام الناس بالنهم والتبذير واهدار الطعام والقائه في القمامة لمجرد شروعهم في التوسعة علي أنفسهم وعيالهم في الشهر الفضيل ، حتي ولو كان استهلاكهم من الغذاء يساوي 14 مرة استهلاكهم في غير رمضان . تكاليف الحياة وأعباؤها أصبحت جسيمة ، الغلاء يشوي الناس ودخولهم مهما زادت فهي محدودة ، ومع ذلك ، ورغم كل المشكلات المادية يجد الناس طريقة للتخفيف عن أنفسهم في رمضان ، من باب اشاعة الفرح والسرور في الأسرة ، والحقيقة أن الظروف المعيشية القاسية جعلت مسألة القاء الطعام في القمامة شيئا من الخيال ، ربما كان ذلك يحدث في وقت مضي ، أما الآن فلا أظن أن أحدا يجد لديه الجرأة لالقاء طعام في القمامة . بعض الأسر وهي في الحقيقة كثيرة لا تأكل اللحم أو الدواجن أو بعض الماكولات المميزة سوي مرات قليلة في السنة ، يعني في المواسم ، فاذا أتي رمضان كان موسما ممتدا لمدة شهر يعقبه العيد ، في هذا الموسم يجد الناس من غير القادرين موارد متنوعة تتيح لهم فرص التوسعة علي انفسهم . انتشرت في مصر عادة توزيع السلع الرمضانية علي سبيل الهبة من القادرين لغيرهم مما يوفر موارد مالية وعينية للعديد من الأسر لا تتوافر لها في غير رمضان ، ويضغط علي سوق تلك السلع لاقبال المتبرعين بها علي شرائها وتوزيعها . أما السفه الذي أصيب به بعض القوم الذين لا يعرفون أين ينفقون أموالهم ويقيمون الولائم للشهرة والتباهي فتلك حالات خاصة خارجة عن القواعد ولا تقبل التعميم ، وعلي حد علمي فان تلك الموائد العامرة لا تذهب الي القمامة كما يزعم البعض ولكنها تتحول الي أرزاق لناس آخرين يأكلون منها ويبيعون ويوزعون علي غيرهم . ويقولون لبعضهم رمضان كريم ، وسيظل كذلك باذن الله رغم أنف ...... الأزمات الاقتصادية والنقاد المغرمين بشتم المصريين .