تشهد الأسواق العالمية اضطرابات أثبتت أن أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو مازالت خامدة تحت الرماد فاليورو والذهب والدولار دخلوا في دائرة جديدة مفرغة من لعبة القط والفأر كنتيجة طبيعية للعلاقات المتضادة التي تربط هذا الثالوث ببعضه حيث قفزت أسعار الذهب محلقة إلي معدلات ضخمة مخلفة وراءها مخاوف متنامية من اشتعال جذوة أزمة جديدة قد تولد من رحم الأزمة المالية العالمية الأم التي انطلقت قبل ثلاثة أعوام مخلفة هي الأخري موجات من المد والجذر أدخلت أقطارا عديدة في فلك التقشف في مقدمتها اليونان التي تعد بؤرة الأزمة عندما تفاقمت معدلات الدين العام، بما أدي إلي عجز الاقتصاد اليوناني عن الإيفاء بالتزاماته وازداد الأمر سوءا بسبب امتناع بلدان الاتحاد الأوروبي وعلي وجه الخصوص ألمانيا وافرة الثراء عن القيام بالإجراءات الإسعافية العاجلة لدعم الاقتصاد اليوناني، إضافة إلي سعي بلدان الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الاقتصادية الأوروبية والدولية إلي فرض المزيد من الشروط التقشفية الصعبة كخيار وحيد لحل أزمة الإعصار في الاقتصاد اليوناني. لسوء الحظ، لم تكن اليونان هي الدولة الوحيدة التي تواجه مشكلة تفاقم معدلات الدين العام، فهناك إيطاليا وإسبانيا والبرتغال إضافة إلي ايسلندا، ونضيف من دول الاتحاد الأوروبي الصغيرة الأخري التي انضمت مجددا لعضوية الاتحاد الأوروبي والتي تحاول إطفاء نيران الأزمة التي بدأت تلحق بأطراف ثيابها وبالتالي فإن شرارة الأزمة اليونانية أصبح من المحتمل أن يعقبها المزيد من الشرارات الأخري، وعلي هذه الخلفية، فقد سارع خبراء الاتحاد الأوروبي إلي تحذير هذه البلدان من مغبة التمادي في رفع معدلات تضخيم الديون طالما أن ذلك لن يؤدي بالضرورة إلا إلي الوصول إلي مرحلة الإعسار، واللحاق بقطار الأزمة اليونانية. أما الذهب الذي أرهقه التململ المفرط علي مدار ثلاث سنوات راقصا علي أنغام الكر والفر بين الدولار واليورو بات لا يستطيع الاحتفاظ بمكاسبه لفترة طويلة فخلال سويعات من تحقيقه لأرباح جمة بات يتنازل عنها طواعية كاستجابة لعلاقاته التاريخية العكسية التي تربطه بالإخوة الأعداء النفط والدولار وأضاف إليهما علاقة حميمة مع اليورو الذي بات عاملا مهما في التأرجح الذي يشهده الذهب فضلا عن سيادة حالة من اللا يقين في الأسواق العالمية حيث جعلت الاقتصادات المهتزة تلجأ إلي الابتعاد عن معمعة الاضطرابات في أسواق الصرف إلي شراء الذهب حيث المعدن النفيس الذي لا يخبأ ضؤه. صراع كبير من جانبه يؤكد محمود المصري - المحلل المالي - أنه من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة صراعا قويا بين الذهب والدولار الأمريكي والعملات الرئيسية الأخري مثل الين الياباني واليورو الأوروبي للفوز بنصيب أكبر في احتياطيات بلدان العالم المختلفة، متابعا أنه يجب في ضوء التحولات والتغيرات الحالية في أسواق العملات ضرورة وضع استراتيجيات جديدة في التعاملات المالية الدولية. وقال إن أسواق الصرف الأجنبي بدأت تتحرك بعوامل لم تكن في السابق تدخل في إطار منظومة التعاملات المالية التقليدية، فبعد أن كانت الأحداث السياسية هي الدافع نحو التحول إلي الملاذات الآمنة أصبح الخوف من المخاطر هو المحور الرئيسي في حركة التداولات خصوصا بين الين الذي يعتبر أكثر أمانا حاليا والدولار الأمريكي المتأرجح بقوة حيث إنه وفي ظل الوضع الحالي بدأت العديد من بلدان العالم في تعزيز احتياطياتها النقدية بعيدا عن العملة الخضراء التي يبدو أنها بدأت تفقد بريقها شيئا فشيئا وعلي غير العادة يبدو أن الجنيه الاسترليني بات يغرد خارج السرب ولم يعد له موقع في حركة التداولات العالمية، وأصبحت حركته - علي عكس الين والدولار واليورو - ترتبط بعوامل داخلية بحتة. أسباب عديدة