شهدت مصارف الاستثمار في الشرق الأوسط تراجعاً إضافياً في عائداتها هذا العام، في ظلّ حالات عدم الاستقرار الناتجة من الربيع العربي والتي تؤثر سلباً في تعافي إبرام الصفقات. وتراجع صافي العائدات من الاتفاقات في الشرق الأوسط بنسبة 29% إلي 207 ملايين دولار في النصف الأول من العام 2011، متراجعاً من 290 مليون دولار في السنة الماضية وهو الأدني منذ النصف الأول من العام 2004، بحسب نتائج صادرة عن مزود البيانات "ديالوجيك". وأفاد مسئولون مصرفيون ومحللون بأن نشاط قطاع صيرفة الاستثمار في الشرق الأوسط تراجع لأسابيع كثيرة بسبب الأزمة المالية العالمية وتداعياتها التي أدت إلي انهيار القطاع العقاري في دبي وبعض الدول الخليجية الأخري في العام 2009، وتلاشت الآمال بأن السوق قد يعاود الانتعاش هذه السنة في ظل الانتفاضات السياسية في تونس، ومصر، وليبيا، وسوريا، واليمن، ودول عربية أخري التي نشرت حالة من عدم الاستقرار في المنطقة. تداعيات الازمة المالية وقال نيك غارلاند، الشريك في مكتب "لينكلاترز" القانوني في دبي، إن "تداعيات الأزمة المالية لاتزال متواصلة، وجزء مما يحصل ناتج من الأحداث الحاصلة مؤخراً ومن إعادة التعديل التي يشهدها الشرق الأوسط عموماً". وزادت المصارف العالمية، مثل "جاي بي مورجان تشايس أند كو"، و"سيتي جروب"، عدد موظفيها في دبي ومراكز مالية إقليمية أخري في الأيام الماضية، بفعل التدفقات التجارية في المنطقة، ومصادر النفط والغاز الهائلة. لكن العمل علي عمليات الدمج وطروحات الاكتتاب العام تراجع، وكان علي المصارف تعديل موقعها للتركيز علي نطاقات أخري في السوق، مثل تمويل التجارة، وإدارة الأموال النقدية، والسلع الأساسية. وقال جراهام هايوارد، رئيس قسم الخدمات المالية في منطقة الشرق الأوسط في شركة "برايس وترهاوس كوبرز" إن "الصيرفة الاستثمارية في الشرق الأوسط لم تنمُ في الأعوام القليلة الماضية، وتراجعت أرباحها بشكل ملحوظ". ويشار إلي أن نمو العائدات في منطقة الشرق الأوسط يتعارض مع النمو في الأسواق الناشئة الأخري، استناداً إلي شركة "ديالوجيك" للبيانات. وارتفع صافي العائدات من حركة الصيرفة الاستثمارية في جميع الأسواق الناشئة، ومن ضمنها الشرق الأوسط، من 5.9 مليار دولار خلال النصف الأول لسنة 2010 إلي 7.1 مليار دولار، بحسب ما أفادت شركة البيانات. وشكلت منطقة الشرق الأوسط 3% فقط من مجموع عائدات الصيرفة الاستثمارية في الأسواق الناشئة. قطر وأبوظبي وكانت قطر وأبوظبي من النقاط المضيئة القليلة في هذا المجال، ويعود ذلك بشكل كبير إلي صفقات تشمل صناديق الثروات السيادية والشركات المرتبطة بالحكومة. وخلال النصف الأول من السنة، رفعت "قطر القابضة" حصتها في شركة "هوختيف" الألمانية من 9.1% إلي 10%. وتمكنت "آبار للاستثمار" في أبوظبي من جمع 1.8 مليار دولار علي شكل سندات قابلة للمبادلة بأسهم "دايملر"، كما أصدرت "الاستثمارات البترولية الدولية" (أيبيك)، التي تمتلكها أبوظبي أيضاً، سندات بقيمة 4.3 مليارات دولار. ويذكَر أن مصرف "دويتشه بنك" كان منخرطاً في العمليتين الخاصتين بشركتي "آبار" و"أيبيك"، ما يسهم في المحافظة علي موقع المصرف الذي حقق أكبر العائدات من صفقات الصيرفة الاستثمارية في الشرق الأوسط، بحسب "ديالوجيك"، يليه "بنك أوف أمريكا" و"مورجان ستانلي". أما المصارف الاستثمارية المحلية علي غرار "شعاع كابيتال" في دبي، و"بيت الاستثمار العالمي" أو "جلوبل" الكويتي فلم تحقق نتيجة جيدة من حيث أحجام الصفقات، استناداً إلي أرقام "ديالوجيك". ويشار إلي أن المصرفين كانا يخضعان لعمليات إعادة هيكلة نتيجة تراجع الأرباح العائد بشكل رئيسي إلي تدهور أسعار العقارات. وأفاد السيد هايوارد لدي "برايس وترهاوس كوبرز" أن المصارف العالمية "كانت ربما أفضل استعداداً لأنها بالتحديد جزء من مجموعة أكبر وبإمكانها اجتياز الأزمة، إلا أنها ليست بمنأي عن الأمر".