أشعل اتفاق المصالحة الفلسطينية الذي تم التوقيع عليه نهائيا الأسبوع الماضي في القاهرة، حرب التصريحات وردود الأفعال المتبانية في الداخل الاسرائيلي فعلي الرغم من مواصلة الحكومة الاسرائيلية حملتها ضد اتفاق المصالحة خرجت في الأيام الأخيرة أصوات مغايرة خصوصا من معاهد أبحاث وأوساط في المعارضة تدعو إلي التأني في الرد إلي دراسة الاتفاق في شكل معمق حتي أن وزارة الخارجية الاسرائيلية اعتبرت في تقرير سري المصالحة الفلسطينية مصلحة لاسرائيل. غير أن ذلك لم يثن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عن خطته القاضية باجهاض الاتفاق، السفر إلي أوروبا لاقناع دولها برفض المصالحة الفلسطينية باعتبارها تشجيعا للارهاب، وبالتالي عدم الاستجابة للمطلب الفلسطيني بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس في سبتمبر المقبل. ووسط المساعي الحثيثة التي يقوم بها نتنياهو ووزير خارجيته ليبرمان لافشال المصالحة والاعتراف بالدولة الفلسطينية يفاجئنا التقرير الداخلي السري الذي اعد في وزارة الخارجية الاسرائيلية بأيدي خبراء سياسيين وأمنيين اسرائيليين الذي يعتبر هذه الخطوة الفلسطينية بالذات فرصة استراتيجية إيجابية، من الممكن أن تفيد إسرائيل. ويؤكد التقرير الذي نشرته صحفية هاآرتس الاسرائيلية بأن الخطوة الفلسطينية ليست خطرا أمنيا بل بالعكس هي فرصة لإيجاد تغيير حقيقي في الساحة الفلسطينية وأن هذا التغيير من الممكن أن يفيد المصالح الاسرائيلية علي المدي البعيد. وعلي عكس التوجه العدائي العلني الذي اتخذه نتنياهو ضد السلطة الفلسطينية فور التوقيع علفي اتفاق المصالحة، وأوضح التقرير أن تتخذ اسرائيل توجها بناء يدفع في اتجاه احتدام الصراع بين الفلسطينيين بشأن البرنامج السياسي للحكومة الفلسطينية خاصة أن حركة حماس غير جاهزة حتي الآن لقبول نهج منظمة التحرير الفلسطينية في المفاوضات ومصرة علي عدم الاعتراف باسرائيل ويعتبر التقرير أن التوجه الإيجابي من طرف اسرائيل تجاه الخطوة الفلسطينية سوف يعزز العلاقات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وأن علي تل أبيب أن تعمل كلاعب ضمن مجموعة وأن تنسق مع الإدارة الأمريكية الرد علي حكومة الوحدة الفلسطينية، الأمر الذي يعزز دور واشنطن ويخدم المصالح الاسرائيلية. كما ينتقد التقرير بشكل غير مباشر الموقف الاسرائيلي المتسرع من الاتفاق الفلسطيني وينصح بأن يكون رد الفعل الاسرائيلي حذرا أكثر فالموقف الصحيح يجب أن يأخذ في الاعتبار سبل مواجهة الجهد الفلسطيني لنيل اعتراف دولي بدولة مستقلة، ومن هنا يجب تفادي اطلاق تصريحات مناوئه، أو القيام بخطوات من شأنها أن تقيد إسرائيل أمام الفلسطينيين وفي الحلبة الدولية بالذات حيال التحديات الاستراتيجية المتوقعة خلال العام الحالي. القلق الإسرائيلي الذي ظهر واضحا من اتفاق المصالحة وان كان يأخذ التعبير عنه أشكالا مختلفة، يرجعه البعض إلي موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية في مجال مسيرة السلام، خاصة بعد أن تعززت شعبية ومكانة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في أعقاب مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن فالقيادة السياسية الإسرائيلية لديها مخاوف من أن يصعد الرئيس الأمريكي الضغوط علي إسرائيل للموافقة علي إقامة دولة فلسطينية، لاستيعاب أوباما من وجهة نظرهم إلي إثبات أنه ليس معاديا للإسلام، ولذلك سيمارس ضغوطا علي إسرائيل لتقديم تنازلات، فقتل بن لادن رمم ثقة أوباما بنفسه، ومن هنا فهو بحاجة إلي تقديم بادرة حسن نية عاجلة للعالم الإسلامي الذي يحاول مصالحته منذ بداية ولايته وهذا من وجهة نظر إسرائيل سيكون علي حسابها وحساب أمنها ومصالحها بمعني آخر، أوباما سيحصد انتصارا دوليا علي جثة إسرائيل، فضلا عن امكانية فوز أوباما فترة ولاية ثانية وهو الأمر الذي يثير حفيظة إسرائيل. إسرائيل تري أن قتل بن لادن حول باراك أوباما بين ليلة وضحاها من مهزوم إلي بطل أمريكي، وهذه بالطبع أنباء سيئة بالنسبة لنتنياهو. إسرائيل التي ترفض الاتفاق مع حماس، باعتبارها منظمة إرهابية لا تعترف بالدولة اليهودية، حذرت السلطة الفلسطينية من إعلان فلسطين من جانب واحد، أي الاعتراف بالدولة الفلسطينية من جانب غالبية أعضاء الأممالمتحدة معتبرة أن هذا الاعتراف، لا يمكن أن يصبح بديلا لمعاهدة سلام في الشرق الأوسط التي يتم الاتفاق عليه بواسطة الجانبين.