يقول بن زهانج الطالب في كلية تجارة بوث بشيكاغو إن كثيرا من زملائه يذهبون إلي آسيا وأمريكا اللاتينية لقضاء فترات تدريبهم هناك وأنه شخصيا سيذهب مع مورجان ستانلي إلي هونج كونج وان ذلك كله يحدث رغم متاعبه بحثا عن الخبرة التي تساعدهم بعد التخرج علي العمل في هذه الأسواق التي تتوافر فيها كثير من الوظائف المالية التي صارت قليلة نسبيا في أسواق الغرب. وتقول مجلة "الايكونوميست" إن نسبة خريجي كليات التجارة الذين يختارون العمل في قطاع المال كمهنة نقص قليلا منذ الأزمة المالية العالمية الأخيرة ويرجع هذا بدرجة كبيرة إلي حدوث انخفاض ملحوظ فيما صارت تدفعه صناعة المال من أجور. اضف إلي ذلك أن أولويات المهنة تغيرت علي الاقل فيما يخص أماكن العمل. فالمواهب والمعاملات المالية علي حد سواء صارت تهاجر من لندنونيويورك إلي أسواق المال سريعة النمو وبوجه خاص في آسيا. ورغم أن بعض وكالات التوظيف تفتقد باحتمال حدوث زحام شديد علي الوظائف المتاحة في كل من هونج كونج وسنغافورة وشنغهاي هذا العام بعد موجة الإفراط في التعيينات التي جرت اخيرا فإن الكثيرين لا يزالون متفائلين بشأن امكانات العمل في المنطقة علي المدي الطويل. ويمكن القول: إن هذه المسيرة المتجهة شرقا من طالبي العمل في الوظائف المالية قد تعاظمت عقب الأزمة المالية العالمية. وتقول بيانات شركة التوظيف شيفيلد هاوورث أن 31% من العمالة الأجنبية التي هبطت علي شركات المال في آسيا خلال عام 2010 كانت من بريطانيا وأمريكا في حين أن هذه النسبة لم تكن تجاوز 8% فقط في عام 2009. وهذا التحول واضح أيضا في موقع التوظيف الإلكتروني "ايفاينانشال كاريرز" وهو أحد المواقع الالكترونية المهمة للتوظيف في هذه الصناعة. تعدد طالبي الوظائف في شركات المال التي تعمل في مدن آسيوية من جانب أبناء الغرب والدارسين فيه في تزايد مستمر. وعلي سبيل المثال فإن البريطانيين يفضلون العمل في كل من الولاياتالمتحدة تليها سنغافورة ثم هونج كونج علي الترتيب والاعان اختاروا بريطانيا ثم سويسرا فالولاياتالمتحدة وابناء هونج كونج ثم بريطانيا ثم الولاياتالمتحدة أما أبناء الولاياتالمتحدة فكانت تفضيلاتهم في التوظف هي بريطانيا تليها هونج كونج ثم سنغافورة علي التوالي وذلك كله حسب بيانات 2010 وهذه القوائم تعكس كما هو واضح تراجع مركز دولة الامارات العربية كهدف لطالبي العمل في الوظائف المالية وذلك بعد أزمة دبي في ذلك العام. ورغم أن أمريكا اللاتينية لم تدخل بعد قائمة الاماكن الثلاثة المفضلة إلا أنها الطلب عليها في تصاعد مستمر من جانب طالبي الوظائف المالية وقد سجل مديرو صناديق الاستثمار في البرازيل زيادة كبيرة في عدد من يقصدونهم من طالبي الوظائف الحاصلين علي ماجستير إدارة الأعمال من الجامعات الأمريكية. ويمكن القول إن كثيرا من حديثي التخرج لا يزالون يفضلون قضاء سنوات عملهم الأولي في لندن أو نيويورك أو بالدقة في فروع شركاتهم في هاتين المدينتين علي حد قول كونستاني ميلروز الخبير في"إيفاينانشيال كاريرز" ولكن العديد من مستشاري التوظيف في كليات التجارة ومديري التوظيف في البنوك الذين حاورتهم مجلة "الأيكونوميست" يرون أن هناك أعدادا كبيرة من راغبي التوظف في شركات المال صاروا مستعدين لإسقاط هذه الفترة الانتقالية والتوجه مباشرة للعمل في المقار الرئيسية لشركات شرق آسيا لإيمانهم بأن المستقبل في صالح هذه المنطقة، وينطبق هذا بوجه خاص علي شباب الخريجين الجدد الذين تربطهم روابط ثقافية مع بلدان آسيا مثل المهاجرين ذوي الأصل الآسيوي أو ابنائهم وذلك إلي جانب أبناء الغرب الذين يجيدون اللغات الآسيوية كما يقول جولي مورتون رئيس قسم التوظيف في كلية تجارة بوث. وتتعين الإشارة إلي أن البنوك صارت تشجع هذا الاتجاه ففي بنك جولدمان ساكس يوجد برنامج لفرص التوظيف في أسواق النمو السريع مهمته إتاحة فرصة العمل أمام أبناء آسيا وأمريكا اللاتينية الحاصلين علي درجة الماجستير في إدارة الأعمال من الجامعات الغربية وتضعهم في لندن أو نيويورك لمدة عام واحد ثم تنقلهم إلي وظائف أكثر استقرارا في الصين والبرازيل وغيرهما من الأسواق الناشئة سريعة النمو، كما تحاول جولدمان ساكس أيضا تقوية روابطها مع كليات التجارة المحلية لالتقاط خريجيها من أصحاب المواهب، ولتحقيق هذا الغرض قامت ساندرا هيرس بقضاء معظم شهر مارس الماضي في آسيا وأجرت ما يكفي من الاتصالات مع كليات التجارة الآسيوية.