شهدت البنوك العاملة -اليوم- حالة من الهدوء النسبي سيطرت علي جميع الوحدات والفروع، فيما انتهت معظم المصارف من صرف المرتبات الذي بدأ نهاية الشهر الماضي. وتمثل حالة الهدوء التي تسيطر علي البنوك في الفترة الأخيرة ترجمة للأوضاع الحالية داخل المجتمع المصري حيث لم تعد المؤسسات والهيئات الاقتصادية فضلا عن العديد من القطاعات تعمل بكامل طاقتها. وتشكل العمليات المصرفية التقليدية متمثلة في السحب والإيداع النشاط الأبرز داخل البنوك بجانب التمويلات القادمة من الخارج مثل دول الخليج والاتحاد الأوروبي بالإضافة إلي التحويلات الداخلية وصرف الشيكات. أما العمليات المصرفية الأهم وهي منح التسهيلات الائتمانية والقروض وما يرتبط بها من دراسات وإجراءات فهي مازالت تتم ببطء داخل وحدات القطاع المصرفي رغم وجود بعض عمليات فتح الاعتمادات المستندية اللازمة لعملية الاستيراد علي المستوي الحكومي والخاص. ويتوقع المراقبون أنه مع عودة الأوضاع السياسية وسوق المال إلي العمل من جديد سوف يسهم ذلك في تنشيط الجهاز المصرفي وتحريك المياه الراكدة في الأوساط الاقتصادية. وقال أيمن محمود مسئول خدمة العملاء بأحد البنوك العامة إن حالة الهدوء التي تسيطر علي البنوك منذ فترة تعود إلي العديد من الأسباب أبرزها أن حالة التخوف مازالت تسيطر علي العملاء والمستثمرين في ظل عدم التواجد الكامل لأجهزة الأمن وتعطل العديد من النشاطات الحيوية مثل النشاط السياحي وجميع الأنشطة التابعة له. ويضيف أنه مع عدم وجود نشاط اقتصادي طبيعي فإن العمليات المصرفية المرتبطة بالنشاطات الاقتصادية بطيئة، مشيرا إلي أن المستثمر الذي كان يجري عمليات إيداع وسحب يومية تتجاوز المليون جنيه بينما لا تتجاوز المعاملات الآن ال100 ألف جنيه، وهو ما يدل علي التراجع الكبير الذي تشهده الحركة الاقتصادية. وربط أيمن بين تأثر النشاط السياحي وبين العديد من القطاعات المرتبطة بينه وبين حركة تعاملات البنك حيث إن معظم الفنادق الآن لا تتعدي فيها نسبة الإشعال 5% وحسابات التسهيلات الائتمانية المرتبطة بها تعطلت وأصبحت متجاوزة في كثير من الأحيان. أما طلعت شاهين مسئول العمليات المصرفية بأحد البنوك الخاصة فيري أن البنوك بنفسها تسهم في هذا البطء، حيث ترفض منح أي تسهيلات ائتمانية جديدة.. لكنه يعود ليؤكد أن موقف البنوك ينطلق من البعد المهني الذي يرفض تقديم أي قروض جديدة في ظل حالة الغموض وعدم الاستقرار التي تشهدها السوق حاليا، كما أنه من المخاطرة العالية الإقدام علي مثل هذه الخطوة. وأشار شاهين إلي أن معظم العملاء أيضا يعيشون حالة ترقب وقلق في ظل الأوضاع الحالية التي تضع مخاطر واشارات مستقبلية غامضة لعائد الاستثمار وجودته في الوقت الحالي. وقال إنه من الطبيعي أن يحرض العملاء علي الاحتفاظ بأموالهم وعدم تعريض أنفسهم لأزمات مالية في ظل هذه الظروف حيث تلوح الحاجة للأمور في تدبير النفقات اليومية والحاجات الأسرية الأساسية.. لكنه يتوقع أن تعود الأمور لطبيعتها مع استقرار الأوضاع.. بل من الممكن أن تكون هناك انتعاشة قوية للاقتصاد المصري. ويلفت محمود سامي نائب مدير أحد فروع البنوك العامة إلي أن الوحدات والفروع التي كانت تعمل حتي الساعة الخامسة مساء لم تعد إلي سابق عهدها منذ عودة البنوك للعمل عقب ثورة 25 يناير وجميع البنوك تغلق مع الساعة الثانية ظهراً.. وذلك بسبب عدم وجود عمليات تستدعي بقاء البنوك لهذا الوقت المتأخر من ناحية، فضلا عن المخاطر المرتبطة بالغياب الأمني من ناحية أخري. ويوضح طلعت أن البنوك كانت تعاني قبل الأحداث الأخيرة من ضيق الوقت وعدم كفاية ساعات العمل لإنهاء طلبات العملاء علي الخدمة المصرفية، فيما كانت العملية الأمنية كافية وتغطي جميع الفروع والبنوك العاملة بخلاف هذا الوقت الذي لم تعد فيه الأوضاع الأمنية كافية. ونظراً للحالة الأمنية تحديداً فإن العديد من البنوك التي كانت تفتح مكاتبها الخاصة بتغيير العملة خلال الفترة المسائية لم تعد كذلك واكتفت بفتح هذه المكاتب أثناء ساعات العمل. يأتي ذلك في الوقت الذي شهدت فيه بعض البنوك استمراراً لحالة الاحتجاج والمطالبات العمالية التي تفجرت عقب ثورة 25 يناير مثيرة حالة من التوتر داخل القطاع المصرفي. وعلي الرغم من استجابة إدارات البنوك العليا لمعظم المطالب التي تقدم بها العاملون إلا أن حالة عدم الثقة من ناحية