سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن دول الخليج العربي في طريقها لإلغاء نظام الكفيل المعمول به حاليا. وكل ما يحدث حاليا من خطوات وقرارات تصدرها بعض دول مجلس التعاون الخليجي بشأن العمالة الوافدة يدخل في نطاق حملات العلاقات العامة لتحسين صورة هذه الدول في مجال حقوق الإنسان ولتفادي الإدانات الدولية في هذا الصدد ولمحاولة تحريك سوق العمالة الوافدة داخل هذه الدول لحل المشكلات المتعلقة بقطاع العمل. فلن تستطيع هذه الدول في ظل السيطرة القوية لرجال الأعمال والقطاع الخاص علي صناعة القرار أن تصدر قرارات ملزمة تتيح للعمالة الوافدة حرية الحركة والعمل بدون كفيل. والقرار الأخير الذي أصدرته دولة الإمارات العربية المتحدة الذي يطبق في مطلع العام القادم بعد عدة أيام هو قرار منظم لحركة انتقال العامل الأجنبي من عمل إلي آخر ولكنه لا يلغي نظام الكفيل ولا علاقة له بالنظام نفسه. والقرار لا يعني في حقيقته الكثير إذ إنه يتعلق بشرط واحد كان يحظر علي العامل الأجنبي الانتقال من شركة لأخري دون الحصول علي موافقة صاحب العمل. فالتعديل الجديد يمنح العامل الحق في الانتقال إلي عمل آخر دون انتظار لشرط الأشهر الستة الذي كان عليه أن يقضيها قبل التوقيع لعمل آخر ودون انتظار الحصول علي موافقة كفيله السابق. ولكن القرار اشترط أن يقوم الطرفان (صاحب العمل والعامل) بفسخ العقد بينهما وديا وأن يكون العامل قد عمل لدي صاحب العمل مدة عامين علي الأقل. وفي حالة عدم فسخ العقد بصفة ودية سيتمكن العامل من الانتقال لوظيفة أخري إذا ثبت أن رب العمل قد أخل بواجباته التعاقدية والقانونية. والقرار بهذا الشكل يعني أن الأمر سيظل دائما مرهونا بموافقة الكفيل الأول الذي يملك السلطة والمال والنفوذ لإثبات أن العامل هو الذي أخل بواجبات وظيفته واستصدار قرار يكبله ويمنعه من العمل في مكان آخر وقد يلزمه بدفع تعويض لصاحب العمل أيضا.. وقد يستغل أصحاب الأعمال القرار في ابتزاز العاملين لديهم للحصول علي أموال منهم مقابل السماح لهم بالانتقال إلي عمل آخر أكثر دخلا بالنسبة لهم. إن قضية الكفيل في دول الخليج العربي بالغة التعقيد ومتشعبة الاتجاهات والحديث عن إلغاء هذا النظام هو نوع من الوهم الآن.