مشاريع قومية عديدة تعلن عنها الحكومة ويعلق المواطن عليها آماله في مستوي معيشة أفضل وفرص عمل لأولاده.. ولكن عادة يتحول الحلم إلي كابوس وبعد فترة طويلة كانت أو قصيرة يتم الإعلان عن فشل المشروع والسبب دراسات الجدوي.. ومن أبرز الأمثلة علي ذلك مشروع توشكي أكبر المشاريع القومية التي أعدت لها دراسات جدوي (350 دراسة) ومع هذا لم يحقق المشروع أي عائد حتي الآن رغم أن البنية الأساسية تكلفت أكثر من 9 مليارات جنيه وقد جاء تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات ليعلن أن القضية الخطيرة تكمن في أن هذا المشروع الذي أنفق عليه مليارات الجنيهات بدأ بدون دراسة جدوي حيث تم إعداد دراسة جدوي للمشروع في مايو 1998 أي بعد البدء في تنفيذ المشروع ب17 شهرا وأكد التقرير أن جميع الدراسات السابقة للمشروع كانت دراسات علمية وليست دراسات اقتصادية. كما جاء تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات للحساب الختامي للموازنة العامة للعام المالي 2008 2009 والصادر في مارس 2010 ليكشف العديد من أسباب فشل أغلب المشاريع القومية التي روجت لها الحكومة حيث أشار التقرير إلي عدم دقة دراسات الجدوي السابقة للمشروعات سواء من الناحية المالية أو الفنية مما ترتب عليه عدم الاستفادة من تلك المبالغ أو التأخر في تنفيذ المشاريع وتوقفها لعدم كفاية الميزانية المخصصة لها. نموذج آخر أكده تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات وهو مشروع فوسفات الوادي الجديد أبوطرطور والذي يعد نموذجا واضحا لاهدار المال العام نتيجة سوء التخطيط والتقصير الشديد في إعداد دراسات الجدوي الاقتصادية والاخطاء الجسيمة والتشغيل والتنفيذ وما صاحب ذلك من تضارب في القرارات والسياسات التي اتخذت بشأنه دون تحقيق أي من الأهداف المرجوة منه وأشار التقرير إلي أن ما تم استثماره في المشروع وما تم انفاقه علي المشروعات التكميلية نمو 10 مليارات و780 مليون جنيه منذ بداية المشروع في 1976 وحتي 30 يونيو 2004 وكشف التقرير عن وجود طاقات معطلة وأموال غير مستغلة تتراوح بين 132 و137 مليون جنيه في وقت تجاوزت فيه المصروفات الإدارية للمشروع نحو 576،58 مليون جنيه عبارة عن رواتب وبدلات وحضور جلسات وانتقالات وأوضح التقرير أنه توجد أصناف راكدة بالمشروع بنحو 33 مليون جنيه تمثل قيمة قطاع غيار خاصة بمعدات سبق تكهينها ولم تستخدم منذ عام 2000 نتيجة تغير نظام المشروع من النظام الروسي إلي النظام الانجليزي. مشروع آخر يمثل دليلا واضحا علي فشل دراسات الجدوي وهو جراج رمسيس والذي اكتشفت الحكومة بعد بناء سبع طوابق كاملة تكلفت أكثر من 47 مليون جنيه أن قرار إقامته كان خاطئا ثم خرج علينا رئيس الوزراء بقرار سيادي بهدم الجراج قبل اتمامه بحجة أنه يشوه وجه مصر الحضاري رغم حصول المشروع علي موافقة 8 جهات رسمية. ثم نفاجأ بتكلفة الهدم التي وصلت إلي 6 ملايين جنيه. وعلي الجانب الآخر نجد مأساة لا تقل خطورة السبب الرئيسي فيها دراسات الجدوي الخاطئة.. وتتمثل في فشل معظم المشروعات الصغيرة والمتوسطة التابعة للصندوق الاجتماعي للتنمية والسبب دراسات الجدوي النموذجية التابعة للأمم المتحدة والتي يقدمها الصندوق للشباب والتي تصطدم عادة بالهيكل التمويلي والمشاكل المحلية الخاصة بالبعد البيئي والجهات الرقابية. ومؤخرا خرج علينا وزير التنمية الاقتصادية عثمان محمد عثمان ليعلن أن التنمية الاقتصادية تركز علي أهمية دراسات الجدوي للمشاريع وهو الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات في ظل فشل العديد من المشروعات القومية والخاصة بسبب دراسات الجدوي وأخطاءها ومنها علي أي أساس يتم تنفيذ المشروعات وهل هناك دراسات جدوي يستند إليها في اتخاذ القرار؟ وهل السبب في فشل المشروع دراسة الجدوي الخطأ منذ البداية أم التطبيق؟ وهل تتحمل بيوت الخبرة المسئولية وحدها أم أن فساد بعض الجهات يلعب دورا أساسيا في عملية التنفيذ؟ وهل هناك جهة رقابية تحاسب المخطئ في اتخاذ القرار؟ بداية يوضح عباس عبدالعزيز عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب أن تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات علي مدار السنوات المتتابعة تؤكد فشل العديد من المشروعات القومية بسبب دراسات الجدوي، مضيفا أنه بناء علي هذه التقارير يتم تقديم استجواب لمجلس الشعب بشأن قروض ومنح تقدر ب 6 مليار دولار ثم الحصول عليها من جهات خارجية ولم تستخدم في المشاريع التي خصصت لها بسبب ضعف دراسات الجدوي الخاصة بهذه المشارع رغم الفوائد الكبيرة التي يتم دفعها لهذا الغرض بجانب عمولات الارتباط.