حذر ملحوظ من جانب المصارف الخليجية في اتخاذ أي مخاطر جديدة والفوضي التي تسود أسواق المال العالمية أضرت بالمحافظ الاستثمارية تحسن أنشطة البنوك سيكون متواضعا وتدريجيا مما سيفسح المجال للبنوك لتقوية ميزانياتها وتعزيز سلامتها المالية برز في أواخر عام 2009، أي بعد عام تقريبا من اندلاع الأزمة المالية العالمية، إجماع قوي علي أن المخاطر التي تواجه اقتصادات دول الخليج العربي في طريقها إلي الزوال وأن الانتعاش الاقتصادي قد أصبح وشيكاً . وفي ذلك الوقت، جاءت معظم المؤشرات الرئيسية علي امتداد دول الخليج لتدعم وجهة النظر هذه، وخاصة أسعار النفط ومؤشرات الثقة لدي المستهلكين وقطاع الأعمال وأداء الأسواق المالية الخليجية . وفي الوقت الراهن، وعلي الرغم من الضغوطات التي تتعرض لها اليونان والدول ذات المديونية المرتفعة في أوروبا، فإن التطلعات الإيجابية لاقتصادات الخليج لم تتأثر بشكل ملموس، وبالتالي فإن مسيرة الانتعاش الاقتصادي ما زالت علي المسار الصحيح، حيث يتوقع أن تسجل دول الخليج نمواً اقتصاديا يتجاوز 4% هذا العام، وذلك في أعقاب تراجع بنسبة 5 .0% تحقق في العام الأسبق . وضمن هذا الإطار كما يشير تقرير حديث لبنك الكويت الوطني فإن البنوك الخليجية قد حققت في عام 2009 نتائج مرضية تفوق مثيلاتها في أقاليم أخري حول العالم . ومن المفترض أن يؤدي الانتعاش الاقتصادي المتوقع لدول المنطقة ومستويات السيولة المريحة لدي البنوك الخليجية إلي دعم أداء البنوك في عام 2010، وخاصة في جانب الإقراض بعد التراجع الحاد المسجل في العام الماضي . ولسوء الحظ، فإن أحدث البيانات المتاحة عن القروض الممنوحة من البنوك الخليجية لا تدعم وجهة النظر هذه، حيث ما زالت تظهر ضعفاً مستمرا في إقراض البنوك وفي نتائجها المالية . فالبنوك ما زالت تحتفظ بسيولة فائضة نتيجة تباطؤ النشاط الائتماني وتعزز نظم إدارة المخاطر لديها . وهذا الواقع لا يؤثر فقط علي ربحية البنوك، بل يمتد تأثيره السلبي علي نمو القطاع الخاص . ضعف متواصل في نمو القروض ولحظ الوطني أن حجم القروض الممنوحة من بنوك الخليج للقطاع الخاص كما في نهاية شهر مارس من العام الحالي قد ارتفع بما نسبته2 .1%فقط علي أساس سنوي، وذلك مقابل نمو بواقع 18% في الفترة ذاتها من العام الأسبق . وقد جاء هذا التباطؤ علي الرغم من غياب أي تشريعات أو معوقات جديدة من جانب البنوك المركزية، ورغم تحسن مستويات الثقة . ومنذ شهر ديسمبر من عام 2009، يلاحظ أن معدل نمو القروض قد تراوح ما بين تراجع بواقع 1 .1% في البحرين ونمو بنحو 7 .2% في قطر . ومع أنه يعتبر متواضعاً، فإن إجمالي النمو في حجم القروض الممنوحة من جانب البنوك الخليجية يعتبر الأقوي منذ شهر أكتوبر من عام 2009، الأمر الذي يوفر مؤشراً مبكرا علي تحسن محتمل في الإقراض . وبالمقابل، يلاحظ أن الودائع لدي البنوك قد ارتفعت بما جملته 3 .5% خلال نفس الفترة وذلك محصلة لنمو الودائع الخاصة بما نسبته 7% وتراجع الودائع الحكومية بنحو 9 .3% وبالتالي، فإن نسبة القروض لإجمالي الودائع في أبسط تعاريفها قد تراجعت3% إلي 73%، والتي تعتبر متدنية مقارنة بالنسبة التي تفرضها بعض دول الخليج والتي تتراوح ما بين 85% و100% وتجدر الإشارة هنا أن الودائع الحكومية تدخل في احتساب نسبة القروض للودائع لدي العديد من دول المنطقة . وقد يشير النمو الضعيف في حجم القروض إلي ثلاثة حقائق، أولها أن البيئة التشغيلية للبنوك ما زالت محفوفة بالمخاطر بدرجة عالية، الأمر الذي يحتم علي البنوك أن تبقي حذرة جدا في اتخاذ أي مخاطر جديدة، مما يدفعها للتنافس علي شريحة ضيقة من فرص الإقراض ذات الجودة العالية . وبالطبع فإن مثل هذا السلوك يعتبر عقلانياً من جانب البنوك في مرحلة تسعي فيها إلي استعادة سلامة ومتانة ميزانياتها . أما الحقيقة الثانية، فإنها تتمثل في رغبة البنوك تعويض أو استبدال القروض ذات المخاطر باستثمارات قليلة المخاطر . ويستدل علي ذلك من خلال الزيادة البالغة 25% في عام 2009 في استثمارات البنوك في السندات الحكومية والمطالب علي البنوك المركزية والقروض الممنوحة للحكومة، هذا إلي جانب زيادة إضافية بنسبة 2 .1% خلال الربع الأول من العام الحالي . وأخيراً، فإن تعافي إقراض البنوك بوتيرة مرضية قد يأخذ وقتاً أطول مما كان متوقعاً، وقد لا يتحقق هذا التعافي حتي اوآخر العام الحالي . وبالنتيجة، فإننا نتوقع أن يتراوح النمو في القروض الممنوحة للقطاع الخاص هذا العام ما بين 3 إلي 5% وذلك مقابل 8% توقعناها في مطلع العام . ضغوط علي الأرباح ووفقاً لتقرير الكويت الوطني، فإن النمو الضعيف في القروض يؤثر بلا شك علي ربحية البنوك علي امتداد دول الخليج،