* هل اصبح ملف المصالحة الفلسطينية أثراً بعد عين، في خضم الاحداث المتلاحقة التي تعج بها الساحة الفلسطينية؟ وهل تواري العمل الحثيث من أجل رأب الصدع في البيت الفلسطيني وانهاء حالة الانقسام التي احدثت شرخا عميقا في وحدة الصف الوطني والسياسي تحت وطأة اليأس وخيبة الامل؟ هل اصبح الانفصال السياسي والجغرافي بين قطاع غزة والضفة الغربية امرا واقعا لا مفر منه ولا مناص؟ لم يعد لهذه الاسئلة اجابات شافية في جلسات القادة السياسيين، ولا حتي علي صفحات الجرائد او في التحركات الدبلوماسية الفلسطينية والعربية حتي يدوم الاعتقاد بأن ثمة عمل يدور في خلفية الاحداث لم يغفل حقيقة ان هناك تمزقا وانقساما فلسطينيا اضعف وحدة المصير تدريجيا. واصبح هناك قراران ومصيران وحكومتان لكل منهما سياسته المعلنة والخفية. وعلي نقيض ذلك نري اسرائيل تتباهي بعنفوان قوتها وقدرتها العسكرية ووحدتها امام الاعداء وخطر الاعتداءات، اذ وهي تحتفل بيوم الاستقلال 62 وهو يوم النكبة علي الشعب الفلسطيني تفخر انه جاء في اوج انجازاتها فأحيت الذكري الثانية والستين لاغتصاب فلسطين وتأسيس الدولة الصهيونية في احتفالات شعبية وعسكرية ورسمية ابرزت أساسا اعتداد اليهود بدولتهم وبانجازاتها فيما يكرر اركان الدولة العبرية بفخر لا يخلو من الغرور انجازاتها في مجالات مختلفوالقوا الخطب الحماسية التي تدور حول امر جوهري واحد. الحق التاريخي لليهود علي هذه البلاد في مقابل تجاهل تام للنكبة الفلسطينية عام ،1948 والحقيقة ان الدولة العبرية قامت علي انقاض القري والمدن الفلسطينية من خلال قتل آلاف من ابنائها وترحيل مئات الالاف منهم. كما ان الاعلام الاسرائيلي يسهم بشكل فعال في ترويج الرواية الصهيونية والاسرائيلية وتجذيرها في اذهان الجيل الشاب من الاسرائيليين في كل ما يتعلق باحداث النكبة واصدار الملاحق الخاصة التي تمجد عمليات الترحيل في وقت يغّيب فيه الاسرائيليون الرواية الفلسطينية، او حتي محاولات "المؤرخين الجدد" شرح صورة قريبة اكثر من الواقع، والتأكيد علي ان ما حصل كان نتاج مشروع استعماري وان الحرب عام 48 كانت جزءا من عمليات تطهير عرقي، والأنكي ان وسائل الاعلام الإسرائيلية تصر علي تقديم عمليات القتل والتهجير التي اقترفتها العصابات الصهيونية المختلفة ثم الجيش الاسرائيلي في مئات القري الفلسطينية علي انها عمليات عسكرية جريئة وبطولات ما بعدها بطولات وتصبح هذه الروايات مسلمات تاريخية تصبح ذاكرة الشعب اليهودي التي تحاول طمس ذاكرة الشعب الفلسطيني او تشويهها. في المقابل ماذا يفعل الفلسطينيون لاحياء ذكري نكتبهم؟! المزيد من الصراعات والإغراق في تفاصيل لا جدوي منها، فنحن الآن علي سبيل المثال تصر حركة حماس علي فشل كل الجهود المبذولة لتحريك المصالحة الفلسطينية وإقناع مصر الاخذ في الاعتبار ملاحظات الحركة علي الورقة المصرية للمصالحة التي وقعتها حركة فتح ورفضت توقيعها حماس، ويقف إلي جانبها في الرأي حركة الجهاد الإسلامي التي تري في ورقة المصالحة التي صاغتها القاهرة "بمثابة اتفاق أوسلو جديد" يلزم كل الشعب الفلسطيني بحجة ما جاء فيها من دمج الملف الداخلي والملف السياسي، اذ كان يجب علي ورقة المصالحة ان تتضمن فقط الشق الإداري والتنظيمي وليس الوضع السياسي في الشكل المطروح الذي يدعو إلي انهاء الصراع. ونكتشف من هذه الإسهابات والاسترسالات أنها مزيد من الاغراق في التفاصيل مع تجاهل واضح للمعني الاعم والاشمل وهو لم الشمل الفلسطيني وإعادة اللحمة إلي الوطن وبعدها يأتي تحت هذا العنوان العريض التفاصيل المختلف عليها لمحاولة الاتفاق بشأنها بما يرضي جميع الاطراف. لكن هذه الخلافات والاختلافات تقع علي رأس أولويات الفصائل المعنية، ويبدو أن الاوضاع استقرت وبات كل طرف يعمل في فلكه، ومع الوقت بدأت حكومة حماس المقالة تقتنع بأنها حكومة مستقلة ووحدة متكاملة في صناعة قرارات مصيرية منفردة في قراراتها، حتي منتصف الشهر نفذت حركة حماس عملية إعدام، وتعتبر هاتين العمليتين الأوليين من هذا النوع منذ انقلاب يونية عام ،2007 بل وترفض وزارة الداخلية والامن في الحكومة المقالة الانتقادات الموجهة اليها من منظمات حقوقية إثر تنفيذ حكم الإعدام علي اعتبار أن تنفيذ أحكام بهذا الشكل لابد أن يصادق عليها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وهذا لم يحدث. ثم تقوم حكومة حماس بفرض ضرائب جديدة علي مبيعات السجائر، ولعل ذلك يكون مرتبطا بالازمة المالية هنا، بما يوحي أيضا أنها دويلة داخل دولة تنفرد بقراراتها بمعزل عن السلطة الفلسطينية وهذا ما يحدث منذ الانقلاب الذي نفذته الحركة عام ،2007 وبينما حركة حماس تمارس مهامها السلطوية في غزة تقوم حكومة سلام فياض المكلفة منذ الانقلاب في الضفة الغربية بممارسة مهامها علي الجانب الآخر مع الفارق بأنها تتمتع بالحضور والتأييد الدولي، وتؤكد حكومة فياض