يمكنني الاعتراف ببساطة أني أحببت سعاد حسني كما لم يحبها رجل آخر، فلم أحب أنوثتها ولم أدخل معها في تجربة من تجارب الغرام الملتهب، ولكني أحببت فيها تلك البساطة النادرة القادرة علي القفز فوق أي عقبات حتي ولو كانت من نوع إيقاظها مبكرا وهي طفلة كي تشهد في المحكمة بما يحاول والدها ان يمليه عليها ضد والدتها، أو بما تحاول الأم ان تمليه عليها من أقوال ضد أبيها، فالأب قد تزوج والدة نجاة الصغيرة أولا، ثم طلقها، ليتزوج من شقيقة الأم التي أنجبت له سعاد، وغيرها من الأشقاء والشقيقات، وهكذا صارت سعاد هي شقيقة وبنت خالة نجاة، ومعها بقية الاخوات ولم يكن من السهل علي الصغيرة ان تهضم فكرة الكذب علي القاضي، لذلك لم تقل امام القاضي سوي ما تعتقد انه الحق، حتي ولو كان ذلك هو الطريق لتتلقي عقابا من الأب أو الأم علي حسب تقدير أي منهما لشهادتها في المحكمة. عرفت سعاد حسني كفراشة أثيرة ترفرف في بيت عبدالحليم حافظ لا كزوجة، ولكن كصديقة أثيرة، فقد كانت معي حين دعاني عبدالحليم كي أدخل جناح الاسرة في منزله لأسمع تفاصيل الحب بين عبدالحليم وبين "السيدة ليلي" كما أسميتها في مذكراته، وهي التي ماتت بالتهاب تسبب فيه فيروس غريب لغشاء المخ ولم يظهر علي سعاد أي مظهر من مظاهر الغيرة أو الكراهية للمرأة التي قال عبدالحليم إنها حبه الوحيد، وعلي الرغم من ان الموسيقار كمال الطويل قال بوضوح شديد عبدالحليم أحب فكرة الحب نفسها ولم يمارس الحب كأسلوب حياة. ولن أنسي ما حييت يوم أن ذهبت مع عبدالحليم لتعزيتها في وفاة شقيقتها صباح في حادث قاس علي مزلقان إيتاي البارود وكانت بملابس بسيطة إلي الدرجة التي ظننت أنها الشغالة في بيت سعاد حسني وليست سعاد حسني نفسها. وشاهدتها من بعد ذلك عشرات المرات مع صديقها الروحي أستاذنا أستاذ أجيال من الصحفيين هو الفنان حسن فؤاد، وتعلق ابني شريف بها وكان طفلا في الخامسة من العمر، ولم ينزل أبدا من علي حجرها ولو بالطبل البلدي، ولم يبك وهي تغادرنا بل اكتفي بعناقها وكأنه عاشق محترف، فقالت له: "هل تحمل أحلام أبيك في حبي؟ فأقسمت لها أنها أحلامه الخاصة فهو يملك ذوقا رفيعا في التعامل مع الجنس الآخر. وعندما وصلني خبر موتها، جلست وحدي في مسجد السيدة نفيسة أبكيها وأطلب لها الرحمة، فقد أعطت كل من تعرفه الكثير من الحب، ولم تأخذ من أي كائن سوي الجفاء أو الطمع اللهم إلا إذا استثنينا المخرج علي بدرخان الذي تزوجها لفترة من الزمن، وصلاح جاهين الذي كتب لها أروع أفلامها "خلي بالك من زوزو" و "أميرة حبي أنا". وجاء عيد ميلادها لنذكرها كنسمة من حنان غامر مر بنا ولم نملك ان نقابل ما في قلبها من حب سوي بذلك الجفاف الخشن الذي ملأ قلب حكومة عاطف عبيد فمنع استمرار قرار علاجها علي نفقة الدولة. أكتب ذلك وأننا أعلم ان المنافسين لي في حب سعاد حسني يزيدون علي الملايين، ولكن ما يجمعني بهم هو ذلك الشوق الصافي إلي حنان تمنحه امرأة لا تبحث عن مقابل.