تجاوزت الديون الخارجية للحكومة المصرية ال30 مليار دولار بينما تجاوز الدين المحلي ال800 مليار جنيه مصري وتجاوزت الديون الخارجية والمحلية ال90% من الناتج المحلي الاجمالي أي انها قد تجاوزت بالفعل خطوطها الحمراء وباتت تشكل خطرا بالغا قد يعصف بالاقتصاد الحقيقي للمحروسة. الدين الخارجي خط أحمر كان توجه الرئيس الراحل أنور السادات لدول أوروبا الغربية وأمريكا بديلا عن الاتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية سببا رئيسيا في زيادة الديون الخارجية فبعد حرب اكتوبر وحدوث قفزة في أسعار النفط والذي زادت أسعار البرميل منه من 3 دولارات إلي 40 دولارا ونتج عنه فوائض مالية كبيرة بالدول العربية البترولية وهو ما اتجهت معه أنظار البنوك التجارية العالمية للمنطقة العربية لتبدأ موجة مكثفة من التسويق لتقديم خدماتها في مجال الاقراض هذا بخلاف بدء المنظمات الاقتصادية الدولية وكذا الدول الرأسمالية في تقديم المنح والقروض للدول العربية ومع اتجاه مصر للتوسع في الاقتراض ظنا من السلطات النقدية وقتها ان زيادة الروابط الاقتصادية مع دول العالم وفتح أسواقنا المصرية أمام السلع والمنتجات المستوردة سيصبح كافيا لدفع الاقتصاد المصري للنمو الحقيقي، إلا أن التوسع في الاقتراض جاء لمصر بنتائج شديدة السلبية فعندما جاءت لحظة مطالبة البنوك والمنظمات والدول الدائنة بسداد أقساط القروض والفوائد امتنعت مصر عن السداد ومعها دول أخري مثل بيرو والبرازيل والمغرب وهددت حكومات الدول الرأسمالية هذه الدول بإعلان إفلاسها ونشأ نادي باريس لتنظيم أحوال الدول المدينة ووضع البرامج الاقتصادية تمكن حكوماتها من سداد ديونها بينما أكد الواقع أن هذه البرامج الإصلاحية لا تهتم بحال مواطني الدول المدينة بل همها الأول والأخير هو توفير الأموال التي تمكن الدول والهيئات والبنوك العالمية الدائنة من الحصول علي أموالها. والواقع يؤكد أن الاقتراض الخارجي قد جر علينا سلبيات نعاني وسنعاني منها لفترة طويلة ومن أمثلة ذلك ما كشفت عنه جريدة الوفد في عددها الصادر 24 مارس 2005 عندما ذكرت في ملف أعدته عن فخ المعونة والديون أن تحول البلاد من زراعة القطن طويل التيلة إلي قصير التيلة كان شرطاً من شروط الحصول علي قرض أمريكي في مطلع الثمانينيات كما أن بيع القطاع العام وإيقاف التوظيف بالحكومة هي شروط صندوق النقد والبنك الدوليين والأخطر من ذلك كله ما كشفت عنه دراسة علمية أجرتها الباحثة دينا جلال بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وأكدت أن هناك أسراراً خاصة بجميع القطاعات والخرائط الملاحية لقناة السويس والشبكة الكهربائية القومية وتوزيعاتها وشبكات المياه والصرف الصحي لكل مناطق مصر والتصميمات الهندسية للسد العالي موجودة لدي أمريكا بسبب القروض التي منحتها لمصر خلال هذه الفترة (السبعينيات وبداية الثمانينيات) والمهم أن الديون الخارجية تفاقمت وبشكل كبير لولا تنازل أمريكا وأوروبا وبعض الدول العربية عن جزء من ديونها لمصر بعد تحرير الكويت من الاحتلال العراقي. فانخفضت الديون من 45 مليار دولار إلي 26 مليار دولار وقتها. ومنذ ذلك الوقت صدرت توجيهات رئاسية بالامتناع عن الاقتراض من الخارج إلا لضرورات قصوي، وفي أضيق الحدود. غير أنه في الفترة الاخيرة بدأ الحديث يتزايد عن ضرورة التوجه للقروض الخارجية من قبل الإعلام الحكومي. ولولا أزمة ديون دبي التي كان سببها الرئيسي الديون الخارجية لتحولت هذه الاحاديث إلي أفعال وبدأت الحكومة الحالية في التوسع في الديون الخارجية علي الرغم من سلبياتها الشديدة علي سيادة مصر. الديون المحلية تتجاوز الخطوط الحمراء أما عن الديون المحلية فحدث ولا حرج فقد زادت هذه الديون وبشكل غير مسبوق وخاصة خلال فترة الحكومة الحالية وقد بلغ معدل نمو الدين المحلي فيما بين العام المالي 2002/3002 والعام المالي 2008/2009 ما قدره 105.5% حيث زاد الدين المحلي من 370.6 مليار جنيه إلي 761.6 مليار جنيه خلال هذه الفترة طبقا للبيانات الصادرة من البنك المركزي المصري "النشرة الشهرية عدد 151" وقد تجاوزت هذه الديون حاليا حاجز ال 800 مليار جنيه لتتجاوز بذلك الخطوط الحمراء وقد بلغ إجمالي الدين المحلي بنهاية العام المالي 2008/2009 ما نسبته 73.3% من الناتح المحلي الإجمالي.