ذات مرة قال هنري هازليت وهو واحد من افضل شرا ح فكرة السوق الحرة ان الافكار الجيدة ينبغي ان يعاد تعليمها للناس مرة كل جيل. وهذا بالتأكيد يصدق ايضا علي الافكار الجيدة حول دور الشركة ومنذ جيل مضي قامت مارجريت تاتشر ورونالد ريجان بجهد ممتاز لنصرة دور الشركة ولكن الامور تبدو الان وكأنها في حاجة الي اعادة نظر. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان السنوات الاخيرة شهدت سقوط الشركة عن عرشها وان هذا كان مفاجأة قاسية فأزمة الائتمان قد اوقعت معظم العالم في هوة الكساد والقرن الجديد بدأ بانفجار شركة اينرون وعدد اخر من الشركات الامريكية والعالمية الكبري، وبعض قادة الشركات يدفعون لانفسهم ما يشبه مخصصات الامراء بينما يفرضون التقشف علي عمالهم، كذلك فإن اباطرة الشركات الذين كانت صورهم ذات يوم تزين اغلفة المجلات اما تحولوا الي صيد للجان الكونجرس او تم وضعهم في السجون واكثر من ذلك فإن رجال الاعمال اصبحوا يجدون صعوبة في مجرد القول بأنه ليس من العدالة ان يؤخذ كل رجال الاعمال بجريرة الافعال السيئة لقلة منهم فأزمة الائتمان هي من صنع المصرفيين الذين اسرفوا في الاقراض وايضا الساسة الذين خدعوا انفسهم عندما ظنوا انهم قادرون علي الغاء الدورات الاقتصادية ومنع الصعود والهبوط، ولكن مجرمي الشركات من امثال بيرني إيبرز في وورلد كوم ودينيس كوزلوفسكي في تايكو عوقبوا بالسجن علي جرائمهم كما ان القادة الجشعين من امثال انجيلو موزيلو الذي حصل علي 550 مليون دولار علي قيادته الفاشلة لشركة كانتري وايد يعتبرون حالات استثنائية ورغم ان قادة الشركات الامريكية يحصلون الآن في المتوسط علي اقل مما كانوا يتقاضونه عام 2000 فإن هذا لم يوقف الهجوم الدامي علي قادة الشركات ولذلك فإن انصار دور الشركة يقدمون حجتين اخريين اولاهما هي ان كثيرا من الشركات صارت تكرس نفسها للاعمال الخيرة.. فهي تؤكد التزامها القوي تجاه من يراهنون عليها مثل العمال والموردين بل وتجاه كوكب الارض كله، فشركة تمبرلاند تلصق علي احذيتها دعوات حماية البيئة، وجلاكسو سميث كلاين تتيح لملايين الافارقة ادوية علاج الايدز بأسعار ارخص وشركة ستاربوكز تشتري محصول البن من زراعه بأسعار تفضيلية. والحجة الثانية ان الشركات أسهمت بأكثر من اية مؤسسات اخري في صنع وتعميم الرخاء وانها جعلت السلع التي لم يكن يستخدمها سوي الاغنياء مثل السيارات منذ قرن مضي واجهزة الكمبيوتر الآن في متناول جماهير الناس، كذلك فإن محركات الطائرات التي تصنعها جنرال اليكتريك تنقل 660 مليون شخص سنويا في سفرياتهم اما ماكينات التصوير بالاشعة التي تنتجها فإنها تفحص 230 مليون مريض في العام كذلك فإن اسعار وول مارت الرخيصة توفر للامريكيين نحو 50 مليار دولار في السنة. ونقطة الضعف في هاتين الحجتين هي ما فيهما من نكهة الاسترضاء فأنصار المسئولية الاجتماعية للشركات يفترضون ان الشركة ترتكب دائما شيئا ما عليها ان تعتذر عنه ولذلك فإنهم يشجعون انتقاد الشركات وكما هو معروف فإن التماسيح لا تنصرف ابدا ما دمت تغذيها، اما الحجة الثانية فهي تركز علي الجانب المادي وحده وتهمل البعد المعنوي ولذلك تفشل هي الاخري في الاقناع. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان هذا امر مؤسف من ناحيتين الاولي انه اتاح لمنتقدي الشركات السيطرة علي النقاش الدائر حول الالتزام الاخلاقي للشركة، وحتي الآن يعتقد كثير من الناس ان الشركات تشيع الجشع وتسحق القدرة علي الابتكار وتحتكر القوة اوالسلطة، أما الناحية الثانية المؤسفة فهي ان تلك الحجج الضعيفة حرمت عالم الشركات من حجج دفاعية افضل.