سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اهتزت سمعتها وعجزت عن زيادة نصيبها من السوق وحققت خسائر لأول مرة منذ 59 عاما
"تويودا" يدق أجراس الإنذار بعد فشل تويوتا في التكيف السريع مع إعصار الأزمة العالمية
ليس أمرا غريبا علي قادة الشركات اليابانية ان يظهروا امام الناس مرتدين ثوب التواضع ولكن الصحفيين اليابانيين صدموا من حديث أكيو تويودا رئيس شركة توياتا موتورز كوربوريشان عندما ظهر امامهم في اكتوبر الماضي أي بعد توليه منصبه في يونية 2009 بنحو 4 أشهر فقط ليتكلم عن أحوال تويوتا ولم تقتصر الصدمة علي الصحفيين وحدهم ولكنها امتدت إلي صناعة السيارات العالمية كلها. فقد ظهر تويودا وكأنه يقرأ من كتاب جيم كولينز "كيف سقط الجبار"، ففي هذا الكتاب حدد كولينز خبير الادارة الامريكي المخضرم 5 مراحل للسقوط تبدأ بالنجاح الصاخب ثم السعي غير المنضبط لتحقيق المزيد يلي ذلك التعرض للمخاطر ثم طلب النجدة واخيرا الاستسلام المشروط أو الموت. وتقول مجلة "الايكونوميست" إن تويوتا كانت قد ازاحت جنرال موتورز منذ 18 شهرا لتصبح هي اكبر شركة سيارات في العالم، ولكن تويودا في لقائه بالصحفيين اعترف بان ما جاء في كتاب كولينز ينطبق علي شركته بالضبط، وان تويوتا مرت بالمراحل الثلاث الاولي ووصلت الآن إلي المرحلة الرابعة الحرجة وهي طلب النجدة،وقال إن الامر يحتاج إلي التصرف بحكمة وهدوء لأن الشركات التي تتصور ان النجدة تكمن في اتخاذ اجراءات ذات طابع راديكالي غالبا ما تزداد مشاكلها تعقيدا. ويبدو ان تويودا كان محقا في طلب النجدة فلم يكن ممكنا ان تنجو شركة تويوتا من الاعصار الذي ضرب صناعة السيارات العالمية عقب انهيار ليمان براذرز وحدوث الازمة المالية العالمية ولكن الشركات المنافسة خاصة فولكس فاجن الالمانية وهيونداي كيا الكورية الجنوبية قد تكيفتا بشكل أفضل عن تويوتا مع هذا الاعصار، ففي الماضي كانت تويوتا تحقق ارباحا عالية سواء في فترات الازدهار الاقتصادي أو في أوقات الركود أما هذه المرة فإن الامر مختلف، حيث حققت تويوتا في العام الاخير حتي مارس 2009 خسارة تناهز ال 437 مليار ين "3.4 مليار دولار" وهي أول خسارة من نوعها منذ عام 1950 أي منذ 59 عاما واكثر من هذا فإن تويوتا التي كانت قد حققت ارباحا قياسية بلغت 1.7 تريليون ين "نحو 16.7 مليار دولار" في العام السابق لتصبح اشبه بماكينة طبع النقود قد نزفت أو أحرقت في الاشهر الثلاثة حتي مارس 2009 وحدها 766 مليار ين "نحو 7.54 مليار دولار" بزيادة 2.5 مليار دولار عما نزفته أو أحرقته جنرال موتورز خلال الفترة ذاتها وهي تتجه نحو الافلاس، وتتوقع تويوتا ان تخسر 200 مليار ين "نحو 1.97 مليار دولار" خلال العام الحالي وربما اكثر، ولكن بعض المحللين يرون ان الامر لن يكون بهذه الدرجة من السوء لأن مبيعات السيارات في أمريكا واليابان بدأت تتعافي ببطء، كما ان تويوتا طبقت برنامجا ناجحا لخفض النفقات بل ان تويوتا نفسها كانت قد أعلنت في وقت سابق انها تستهدف تحقيق ارباح تناهز ال 1.25 تريليون ين 12.3 مليار دولار تقريبا" خلال العام الحالي. وبالفعل فقد حققت في الربع الثالث من العام الحالي ارباحا بلغت 58 مليار ين "نحو 571 مليار دولار" كما رفعت سقف توقعاتها لمبيعات هذا العام من 6.6 مليون سيارة لتصبح 7 ملايين سيارة، ولكن هذا لن يكفي لتحقيق ما سبق ان اعلنته. ويبدو ان ما يقلق تويودا اكثر من الموقف المالي للشركة علي المدي القصير (لاحظ ان تويوتا لديها سيولة احتياطية تناهز ال 2.65 تريليون ين أي نحو "26.1 مليار دولار") هو ان تويوتا فقدت قوة الدفع نحو زيادة نصيبها من السوق..ففي عام 2002 قال فوجيو تشو رئيس الشركة آنذاك إن تويوتا تستهدف زيادة نصيبها من السوق العالمي للسيارات إلي 15% بحلول عام ،2010 ولكن مبيعات الشركة من السيارات في عام 2007 لم تتجاوز ال 9 ملايين سيارة بنسبة 13.1% فقط من السوق العالمي كله. وفي عام 2008 لم تزد النسبة أما في العام الحالي فمن المرجح ان تنخفض إلي 11.8% فقط فمبيعات تويوتا إما ظلت ثابتة تقريبا أو انخفضت في كل الاسواق عدا السوق اليابانية التي حققت فيها زيادة. ففي السوق الامريكية اكبر اسواق تويوتا واكثر ربحية ظلت حصتها من السوق ثابتة عند 16.5% وهذا العام تراجعت مبيعاتها في السوق الامريكية بمقدار الربع وهي بذلك وان كانت افضل حالا من جنرال موتورز فانها بالتأكيد أسوأ أداء من فولكس فاجن أو فورد أما هيونداي فقد زادت مبيعاتها في السوق الامريكية ولم تنخفض. وفي أوروبا اصبح نصيب تويوتا من السوق هو الأسوأ منذ عام 2005 والاكثر مدعاة للقلق هو تراجع نصيبها من السوق الصينية بعد سنوات عديدة من الاداء الجيد علما بأن السوق الصينية هي السوق الاسرع نموا، كما انها تعد السوق الاكبر في العالم هذا العام. وقد فقدت تويوتا 2% من نصيبها في سوق الصين ليصبح أداؤها هناك هو الاسوأ من بين 24 ماركة سيارات تباع في تلك السوق، وفي البرازيل والهند تراجع نصيبها من السوق في كل منهما 2% علي الاقل. وعموما تقول مجلة "الايكونوميست" إن هناك الكثير الذي يستحق قلق تويودا هو بالمناسبة حفيد مؤسس تويوتا وأول ما يقلق الرجل هو تراجع مبيعات تويوتا في الاسواق الناشئة عموما وهي التي كان مأمولا ان تزيد فيها المبيعات اكثر من الاسواق الغربية المتشبعة، والمصدر الثاني للقلق هو ان تباطؤ تويوتا في كل سوق له أسباب مختلفة عن تباطؤها في الاسواق الاخري. ففي السوق الامريكية رغم جودة أداء تويوتا فإن سمعتها تعرضت للخطر عقب اكتشاف عيوب فنية في سياراتها من طراز تويوتا وليكزس واعلانها عن سحب 4.26 مليون سيارة لاجراء تعديلات عليها. ومع ذلك فإن تقريرا أمريكيا قد اعلن انه من بين أفضل 48 طرازا من السيارات تملك تويوتا وحدها 18 طرازا تليها هوندا ولها 8 طرازات فقط، وان كان هذه لا ينفي ان سيارات تويوتا لم تعد تمثل علامة الجودة بالنسبة للمتسهلكين، كما كان الامر في السابق، وفي كل الاحوال فإنه سيظل علي تويودا ان يجد الحلول المناسبة التي تمكن تويوتا من اصلاح سمعتها والاحتفاط بلقب اكبر شركة سيارات في العالم والصمود في وجه الشركات المنافسة.