قال جون كوك خبير أسواق المال البريطاني في مجموعة الخدمات المالية الدولية في لندن إن الأسواق الناشئة شهدت تطورا بعد الأزمة العالمية، خاصة بعد أن أدلت بلدان عديدة منها وعلي رأسها الصين والهند ببيانات تهنئ فيها نفسها علي تفاديها أسوأ ما في الأزمة المالية العالمية الأخيرة. وأوضح أن تلك الأسواق الناشئة منذ العام الماضي وهي تسير بهدوء نحو العديد من الإصلاحات المالية التي تبني المؤسسات لتحقيق المزيد من الفعالية والنشاط في أسواق المال، مشيرا إلي اعتراف العديد من مديري شركات الاستشارات المالية في البلدان الناشئة بأنهم شهدوا مزيدا من الاصلاح المالي منذ انهيار بنك ليمان براذرز الأمريكي "رأس الأزمة المالية العالمية الأخيرة"، وذلك مقارنة بالأعوام الثلاثة الماضية. وأشارت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية إلي أن الصين قامت بتوسعات كبري في أسواق السندات المحلية هناك، فضلا عن اطلاقها بورصة للشركات الصغيرة في شنزهن، واتخذت كذلك خطوات لتشجيع الاستخدام الدولي الأكبر للعملة الصينية "الرنمينبي" والتي يطلق عليها "اليوان"، كما سمحت لشركات بعينها باستخدام العملة المحلية لتسوية الصفقات التجارية، وأصدرت أول سندات حكومية باليوان. وعززت الأزمة المالية العالمية الأخيرة مصداقية كثير من الخبراء الذين يريدون الاتجاه نحو الانفتاح التدريجي للنظام المالي العالمي، ومنهم محافظ بنك الشعب الصيني، ورئيس جهاز تنظيم القطاع المصرفي الصيني، وقويت شوكتهم بسبب الطريقة التي نجا بها الاقتصاد خلال الأزمة، مما دفعهم إلي الإعلان بصراحة إلي وجود استبدال عملة الاحتياط العالمية وهي الدولار بعملة أخري. ونتيجة لاستقرار الأسواق الناشئة اتجهت إلي وضع ضوابط للاستثمار فيها خاصة من جهة الأجانب، فقامت الهند بوضع ضوابط صارمة علي الكيفية التي تعمل بها البنوك الأجنبية والمستثمرون في البلاد، والتي تفرض قيودا علي الشركات المحلية التي تريد الاقتراض من الخارج، إلا أن رئيس هيئة التخطيط في الهند، قال إنه في ظل حاجة الهند إلي جذب رأس المال الأجنبي لتمويل الاستثمار والنمو، فإن منع اصلاح القطاع المالي سيكون خطأ جسيما. وأوضحت الصحيفة أن قيام البرازيل بفرض ضريبة علي تدفقات رأس المال الأجنبي لمنع المضاربات يعد شيئا غريبا، مما أثار جدلا حول ما إذا كانت بلدان أخري ستسير علي طريقها، إلا أن الخبراء يرون أن الأمر بحاجة إلي مزيد من الدلائل لتبرير بديل شامل عن الضوابط علي رأس المال في عالم الأسواق الناشئة، وإذا أثبتت البرازيل أنه بالامكان منع تدفق رأس المال قصير الأجل دون التأثير علي وجهة النظر الدولية تجاه البلاد، فربما تصبح نموذجا، ولكنه يتضح أن تلك البلدان ستخفف الضوابط بسرعة تحددها بشكل رئيسي، وستفرضها عليها الظروف الاقتصادية المحلية.