حلم تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء يراود المصريين .. فبعد أن كانت مصر دولة زراعية من الطراز الأول تحولت بقدرة قادر إلي مستورد لمعظم السلع الغذائية والأسباب عديدة أهمها تضاءل مساحات الأراضي الصالحة للزراعة بسبب التعديات من جهة إلي جانب الزيادة السكانية المطردة وتركزها في الوادي من جهة أخري. ومن هذا المنطلق جاءت دعوة الخبراء بضرورة ترك الوادي والتوجه للصحراءمن خلال مشروعات زراعية ضخمة تسهم فيها الدولة بالتعاون مع القطاع الخاص وأبرز المشروعات المطروحة كانت توشكي وشرق العوينات وترعة السلام وتفاءل الناس خيراً ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. فالانتظار طال والأحوال تنتقل بالمواطن المصري من سييء لأسوأ فأية هزة عالمية تنعكس عليه بصورة سلبية فحينما حدثت أزمة الغذاء عالميا منذ عامين تقريبا اعقبها ارتفاع هائل في أسعار السلع الغذائية الأساسية في مصر. نفس الأمر في أزمة ظهور الجفاف وتأثيرها علي محصول قصب السكر في الهند وتبعتها أزمة سكر في مصر والأزمات لم ولن تنتهي طالما ظل الوضع الراهن علي ما هو عليه خاصة في ظل ظهور أزمة المياه علي السطح والمستجدات التي تمر بها دول حوض النيل الأمر الذي اضطر الحكومة إلي التدخل من خلال دعوة المستثمرين المصريين للتوجه إلي بعض الدول الافريقية التي تمتلك الأرض والمياه ورغم وجود تجارب سابقة غير ناجحة لقطاع الاستثمار الزراعي المصري في بعض الدول الافريقية بسبب توتر الأوضاع الأمنية والسياسية هناك إلا أن هذا لم يمنع وزير الزراعة المصري أمين أباظة من الاعلان مؤخرا عن أن الحكومة الاثيوبية تدرس تخصيص مليون هكتار تعادل 2.5 مليون فدان من أراضيها المخصصة لاقامة المشروعات الزراعية وذلك لقطاع الخاص المصري بحيث تكون موزعة في عدة مناطق مختلفة الاجواء المناخية حتي يمكن زراعتها بمختلف أنواع المحاصيل، مضيفا ان الزيادة المقبلة للدكتور أحمد نظيف إلي ادريس أبابا ستعطي دفعة لموقف شركات القطاع الخاص المصري لتشجيعها علي الاستثمار في اثيوبيا وسيتم توقيع بروتوكولات للتعاون المشترك مع الحكومة الاثيوبية تكفل حماية هذه الاستثمارات الضخمة بما يشكل حافزا للمزيد من الاستثمارات هناك مضيفا ان الحكومة تدرس حاليا انشاء مكتب تمثيلي لبنك التنمية والائتمان الزراعي في اثيوبيا لدعم المشروعات الزراعية الكبري المزمع انشاؤها في أراضيها وذلك لتسهيل أعمال الاستثمار المصري في هذا البلد. المستثمرون من جانبهم رحبوا بالمبادرة مؤكدين ان الاوضاع السياسية والأمنية اختلفت في العديد من الدول الافريقية عما كانت عليه سابقا، كما ان دخول الحكومة من خلال تقديم حزمة من الضمانات يعد عاملا أساسيا لنجاح المشروع. يوضح المهندس محمد أيمن قرة رئيس مجلس تحديث الزراعة بوزارة الزراعة وعضو اللجنة الزراعية والحزب الوطني بأن هناك مفاوضات تجري حاليا لتشجيع الاستثمار الزراعي المصري في اثيوبيا في ظل ضوابط ولوائح سيتم اعدادها مسبقا أهمها ضرورة وجود حماية دولية أو حماية مصرية للاستثمارات الضخمة التي سيتم ضخها في هذه المنطقة، مشيرا إلي أن هناك قاعدة يجب العلم بها مسبقا وهي أن معظم الدول التي بها نسبة مخاطرة أعلي تكون الفرص والمزايا الممنوحة بها كبيرة. أما الدول التي تنخفض فيها نسبة المجازفة فالفرص الاستثمارية الممنوحة قليلة ومن هذا المنطلق يجب ان نضع في أذهاننا ان هناك تحديات تحتاج إلي سرعة البدء في الدراسة فالقضية هنا لم تحسم بالقبول أو الرفض إنما الدراسة العلمية هي العامل الأساسي لتحريك هذا المشروع خاصة في ظل وجود مشاكل محلية تتعلق بأزمة الغذاء والمياه وعلينا البحث عن حلول غير تقلدية اذا كنا نهدف إلي الحل فلماذا لا نذهب إلي المياه بدلا من انتظارها وهذه الميزة متوافرة وبصورة كبيرة في دولة اثيوبيا وفيما يتعلق ببقية المشاكل يمكن حلها بصورة تدريجية كمشاكل النقل والخدمات اللوجستية.. فاثيوبيا علي سبيل المثال ليس بها ميناء ورغم هذا كل هذه المشاكل يمكن تجاوزها وحلها. دراسة جدوي يضيف أيمن قرة ان دراسة الجدوي الحقيقية المبنية علي أساس بحثي علمي هي البداية السليمة لنجاح المشروع كما يجب العلم بأن نجاح المشروع مبني في الأساس علي المصالح المتبادلة المتوازنة بين الدولتين حيث يجب ان يكون أساس المشروع اقتصاديا وبه من الحوافز والمميزات ما يشجع المستثمر علي هذه المغامرة مطالبا بضرورة مراجعة التجارب السابقة للاستثمار الزراعي المصري في بعض الدول الافريقية كالسودان حتي لا نقع في نفس الاخطاء السابقة إلي جانب عدم المبالغة في التوقعات الخاصة بنتائج المشروع وعدم الاندفاع حتي لا نصدم من النتائج ووقتها لا سبيل سوي التراجع أو إعلان الفشل.