مع ارتفاع طلب الحكومات علي الطاقة النظيفة بهدف حماية بيئة الأرض من التلوث.. ومع تذبذب أسعار البترول وعودتها إلي الصعود بعد الذروة التي كانت قد وصلت إليها في العام الماضي 2008.. ومع تراجع احتمالات تكرار حوادث انفجار المفاعلات النووية علي غرار ما حدث في محطة تري مايلز أيلاند الأمريكية عام 1979 ومحطة تشيرنوبيل الروسية عام 1986 أصبح الطلب علي الكهرباء النووية في تزايد مستمر وهو تزايد تقول مجلة "تايم" انه قابل للقياس حيث صار متوقعا ان يقيم العالم خلال السنوات العشر القادمة 180 محطة كهرباء نووية منها 47 محطة تحت الانشاء مقابل 39 محطة فقط منذ عام 1999 حتي الآن اي بنسبة زيادة تناهز 460% أو أكثر. ولاشك ان هذه أمور تسعد قادة شركة اريفا الفرنسية العملاقة المتخصصة في صنع المفاعلات الخاصة بمحطات الكهرباء النووية وانشاء هذه المحطات ذاتها وتزويدها بالوقود النووي اللازم لتشغيل هذه المفاعلات ولكن اريفا التي اسهمت بنصيب كبير في نهضة الكهرباء النووية في مختلف انحاء العالم تمر بكبوة تفسد الكثيرين من هذه البهجة دون شك، وتجعل رئيستها التنفيذية ومؤسستها السيدة آنية لوفيرجيون في وضع حرج فأريفا قد خسرت الكثير من تعثر مشروعها لاقامة محطة الكهرباء النووية في فنلندا، وهي تحاول الآن جمع أكثر من 10 مليارات دولار في صورة رأسمال جديد كما انها خسرت شريكا مهما في عملها وهو شركة سيمنز الألمانية ويقول الخبراء ان اريفا متفوقة في مجالها ولكنها لن تكون اللاعب الوحيد في صناعة محطة الكهرباء النووية وعليها ان تجاهد لكي تحتفظ بتفوقها علي الشركات المنافسة. ونحن نعرف ان اريفا تأسست عام 2001 عندما قامت السيدة لوفيرجيون بدمج شركة تعدين اليورانيوم وتدوير الوقود النووي كويجما وهي شركة حكومية مع الشركة المؤممة فراماتوم المتخصصة في صنع المفاعلات النووية ولا تزال اريفا اول مكان يقصده الآخرون للبحث عن الخدمات النووية من الحصول علي الوقود والنووي إلي بناء المفاعلات ومحطات الكهرباء النووية إلي التخلص من النفايات النووية وهي شركة تعمل الآن في 100 دولة وتستخدم 75 ألف شخص ولديها الآن طلبيات يناهز حجمها 67.5 مليار دولار معظمها في طور التنفيذ. والحقيقة أنها ليست صدفة أن تكون أكبر شركة في صناعة محطات الكهرباء النووية علي مستوي العالم هي شركة فرنسية فبعد صدمة البترول الأولي عام 1974 قررت فرنسا تقليل اعتمادها علي البترول التي أدت إلي درجة وكرست كل طقاتها لإنتاج الكهرباء النووية وضخت الكثير من الأموال في صناعتها النووية التي كانت ناشئة آنذاك وقد أصبح لدي فرنسا الآن 59 مفاعلا نوويا تعمل في إنتاج الكهرباء وتغطي 80% من احتياجات فرنسا الكهربية بل وتجعل منها دولة مصدرة للكهرباء وإذا كانت اريفا قد نشأت بفضل هذا الالتزام أو التوجه الوطني الفرنسي فإن نجاحها يرجع بالضرورة إلي طموح السيدة لوفيرجيون باعتبارها عضوا من أعضاء النخبة الحاكمة في فرنسا وكان الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران هو أول من اكتشف كفاءتها في هذه الصناعة المهمة صناعة الطاقة النووية وقد كانت لوفيرجيون ماهرة في اقناع الآخرين بأن الطاقة النووية هي المستقبل بقدر مهارتها أيضا في البعد عن الصراعات السياسية ولذلك تمكنت من جمع الأجزاء المبعثرة للصناعة النووية الفرنسيةلكي تصنع منها شركة أريفا العملاقة. وتقول مجلة "تايم" إن أريفا مؤهلة للفوز بنصيب متميز من كعكة محطات الكهرباء النووية المتزايدة الحجم علي مستوي العالم ولكي تعرف حجم هذه الكعكة يجب أن نتذكر أن هناك 47 محطة تحت الإنشاء وحاليا وأن هناك 133 محطة أخري مخططا إنشاؤها في العقد القادم كما يتوقع الخبراء أن تكون هناك حاجة علي مستوي العالم إلي مائتي محطة جديدة حتي عام 2050 وإذا عرفنا أن تكلفة المحطة الواحدة قد تصل إلي 7 مليارات دولار فإن حجم الانفاق العالمي علي محطات الكهرباء النووية خلال العقد القادم وحده سيقترب من تريليون دولار أو 921 مليار دولار اذا شئنا الدقة النسبية، وتتنافس مع اريفا علي هذه الكعكة أربع شركات اخري هي روساتوم الروسية، ووستجهاوس التي تملكها توشيبا اليابانية، وميتشوبيسي نيوكلر اينرجي سيستمز "اليابانية" وشركة مشتركة بين جنرال اليكتريك الأمريكية وهياتشي اليابانية. ورغم ان محطات الكهرباء النووية المزمع انشاؤها في العقد القادم ستكون موزعة علي العديد من الدول منها الولاياتالمتحدة وربما ايطاليا وبلجيكا والسويد وبريطانيا ودولة الامارات العربية فإن السوق الرئيسي للمحطات الجديدة هو الصين التي ستزيد انتاجها الكهربي من 11 جيجاوات حاليا ليصبح 86 جيجا وات عام 2020 ولهذا فإنه تزمع اقامة 35 مفاعلا جديدا لتوليد الكهرباء خلال العقد القادم وتدرس اقامة 80 مفاعلا اخر فيما يلي هذا التاريخ. وتجدر الإشارة إلي أن ايرادات اريفا عن عام 2008 ناهزت 18.4 مليار دولار ولكن أرباحها انخفضت 17% عن عام 2007 ليصبح 824 مليون دولار فقط وذلك بسبب زيادة تكاليف المحطة التي تقيمها في فنلندا التي بلغت 2.4 مليار دولار كما يتعين ان نقول ان المفاعل الاوروبي المضغوط EPR .