أكد خبراء الاقتصاد والبنوك ان الانخفاض في الاحتياطي من النقد الاجنبي الذي أعلن عنه البنك المركزي مؤخرا انخفاض طفيف ولا يؤثر في حركة الاقتصاد والتطورات التي يتبعها البنك المركزي في برنامج الاصلاح، وأن هذا الانخفاض الذي بلغت قيمة نحو 3،5 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالي الحالي هو قيمة ما تم استخدامه في الواردات لمصر من سلع ضرورية، وانه من غير الطبيعي والمعقول أن تحدث اي خطورة للاقتصاد حتي لو انخفض الاحتياطي لاكثر من هذه القيمة، مدللين علي ذلك بأن البنوك تقوم بضخ قروض لتمويل المشروعات بما يعني أن هناك زيادة في الاستثمارات وزيادة في النمو قادمة. أضاف الخبراء أن مصر من أقل الدول التي تعرضت لخسائر خلال هذه الأزمة، وأن هذا الانخفاض البسيط يعني تكلفة مصر خلال الأزمة في الوقت الذي تكبدت فيه دول عالمية منها أمريكا ودول أوروبية بخسائر ضخمة وانخفاض وصل إلي نحو 76% من ميزان المدفوعات، واوضحوا أن مصر تجاوزت الأزمة بأقل الخسائر وأن الفترة القادمة هي فترة التعافي للاقتصاد، في حين أشار بعض الخبراء إلي أن مشكلة مصر وغيرها من الدول النامية تكمن في نقص الموارد القادمة لها من قناة السويس، والسياحة وعمليات وفي السطور القادمة تفاصيل التحقيق. الانخفاض محدود يقول اسماعيل حسن محافظ البنك المركزي الاسبق ورئيس بنك مصر ايران انه رغم الانخفاض الذي أعلنه البنك المركزي في الاحتياطي من النقد الأجنبي بمقدار 10% فإنه مازال مرتفعا، وهذا الانخفاض يمثل نسبة بسيطة ويعبر عن الاستخدمات التي تمت للنقد الأجنبي خلال الفترة الماضية خاصة للسلع بمقدار 3،5 مليار دولار خلال العام المالي الحالي. أشار إلي أن ذلك طبيعي جدا في ظل الأزمة المالية العالمية حيث قلت الموارد من السياحة، وقناة السويس ، ونقص في الاستثمارات الأجنبية، وتراجع في معدل الخصخصة، مع انسحاب بعض الأجانب من حيازة إذون الخزانة وتحويلها للخارج. ويؤكد محافظ المركزي الاسبق ان الانخفاض الذي اعلن عنه محدود للغاية، وأن تكوين الاحتياطيات يتم أساسا لمواجهة مثل هذه الظروف، موضحا أن المركز المالي الخارجي لمصر ممتاز جدا، كما ان قدرة مصر علي خدمة ديونها الخارجية كبيرة والدولة قادرة وبانتظام علي مواجهته، وردا علي سؤال حول ما إذا استمر هذا الانخفاض في الاحتياطي؟ قال حسن هذا الأمر لايدعو للقلق ذلك لان مستوي الاحتياطي مستقر حتي لو وصلت قيمته إلي 15 مليار دولار، والمهم القدرة علي مواجهة تداعيات الأزمة. ويضيف إسماعيل حسن فيما يتردد من شائعات حول تعرض مصر للخطر في حالة تلاشي الاحتياطي الأجنبي ان ذلك غير منطقي لان الموارد لاتزال تتدفق والدليل علي ذلك ان بيانات الشهر الماضي من عائد التصدير وباقي الموارد آمنة فالخوف من هذه الشائعات لا محل له، إلي جانب أن الآلية في سعر الصرف تأخذ في الاعتبار العرض والطلب بحيث يتم مقابلة جميع الطلبات وقد يكون ذلك بزيادة طفيفة في السعر ولكنها تلبي الطلبات، موضحا ان سياسة البنك المركزي في إدارة الاحتياطي الأجنبي وإدارة سعر الصرف سياسة جيدة ومتوازنة. زيادة القروض ويتفق مع المصدر السابق يحيي نور مدير عام فروع بنك الشركة المصرفية العربية الدولية مضيفا ان الانخفاض في الاحتياطي الأجنبي لمصر قليل بالنسبة لدول اخري عالمية وكانت نسب الانخفاض تتراوح مابين 30 40%، مشيرا إلي أن تأثيرات العوائد من قناة السويس، والسياحة، والتصدير ظهرت بوضوح خلال الشهر الماضي، لافتا إلي انه بالرغم من ذلك فإن البنوك قدمت قروضا خلال الشهور الماضية للمشروعات بزيادة قدرها 7،3%، وهذا يدل علي الاستقرار وزيادة في الاستثمارات عن العام الماضي. يضيف يحيي نور ليس لدينا قلق تجاه الانخفاض لان ديوننا الخارجية آمنة، وقامت الدولة بسداد أقساط الدين لهذا العام، ووجهنا الأزمة المالية بآليات دقيقة وبأقل خسائر. مشيرا إلي أن الاحتياطي من النقد الأجنبي يكفي لاستيراد السلع الضرورية لمدة 10 أشهر علي الأقل ونحن في ظل الأزمة العالمية الطاحنة. موضحا أن البنك المركزي وفر مليارات الدولارات لشراء السلع الاستهلاكية من الخارج خلال النصف الأول من العام المالي الحالي وهذا يرجع إلي السياسة النقدية الجيدة. 3.5 مليار دولار فيما يشير عمرو عبدالسميع مدير التجزئة المصرفية بأحد البنوك الخاصة إلي أن هذا الانخفاض في الاحتياطي الأجنبي بمقدار 10% كما أظهرت النتائج الرسمية يؤكد أن تكلفة مصر خلال فترة الأزمة المالية العالمية منذ شهر سبتمبر 2008 يونية 2009 تبلغ 3.5 مليار دولار حيث كان الاحتياطي الأجنبي وقتها يبلغ 34 مليار دولار وأصبح الآن 31.3 مليار دولار. موضحا أن هذا المبلغ يعتبر ضئيلا جدا بالنسبة لأي دول أثرت فيها الأزمة المالية أنه لولا السياسة المالية والنقدية الرشيدة التي اتبعها المسئولون في البنك المركزي ووزارة المالية لكان هناك تقديرات وخسائر أخري أكبر. يضيف عبدالسميع أن المرحلة الخطرة للأزمة المالية تجاوزناها وما يتبقي هو القليل منها وسوف يتعافي الاقتصاد المصري وسيزداد النمو كما هو متوقع في مصر وفي معظم دول العالم حيث إن معظم الدول أعدت نفسها لمواجهة ما هو قادم من تأثيرات وخطط للنمو. عجز في الميزان ويختلف مع الآراء السابقة الدكتور محمد عبدالحليم عمر أستاذ المحاسبة بجامعة الأزهر ومدير مركز صالح كامل السابق مشيرا إلي أن هذا الانخفاض في الاحتياطي الأجنبي يعبر عن وجود عجز في ميزان المدفوعات ومصر ليست وحدها التي تأثر ميزان مدفوعاتها بهذا الشكل فمثلا أمريكا ودول أوروبا انخفض ميزان مدفوعاتها إلي نحو 78%. ويتساءل عمر إلي متي سيستمر هذا الانخفاض وهل سيكون متزامنا مع استمرار الأزمة؟ مشيرا إلي أن العالم مازال متشائما من طول فترة الأزمة المالية العالمية وزيادة في الانخفاض للاحتياطيات مع صعوبة تعويض ما خسرته الدول من الأزمة في شهور وسنوات بالرغم من اتباع الآليات التي تستخدم. يضيف استاذ المحاسبة بجامعة الأزهر أن نقص الموارد سيكون مشكلة كبري لمعظم الدول خاصة النامية ومنها مصر لأن الواردات من السلع المستوردة أكثر من الصادرات والعوائد الثابتة التي تعتمد عليها الدولة في ميزان المدفوعات لافتا إلي أن التحسن لن يكون في يوم وليلة كما أن عمليات الاستيراد من السلع ستزداد نتيجة للاغراق الذي تتعرض له الدولة من السلع وهذا يعني مزيدا من العجز في الموازنة مع زيادة الواردات من الخارج وردا علي سؤال حول أن الدولار سيفقد قيمته مع هذه الانخفاضات المستمرة وخفض الصادرات وزيادة الواردات من السوق الأوروبي أوضح الدكتور محمد عبدالحليم عمر أن الصادرات والواردات ليست مشكلة وأن الدولار مازال هو "الكنج" ومازال أقوي عملة والعالم كله يتعامل بها حتي في ظل الأزمة المالية العالمية وحتي لو قامت دول العالم بالكامل بتحويل احتياطياتها إلي سلة من العملات المختلفة.