سيطرت الأزمة المالية العالمية علي الوثيقة الختامية للقمة ال15 لحركة عدم الانحياز، التي أعدتها الاجتماعات التحضيرية للقمة التي تعقد بمدينة شرم الشيخ يومي الأربعاء والخميس. وأكدت المسودة التمهيدية للوثيقة الختامية للقمة علي ضرورة مواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية في إطار تأثيرها السلبي علي النمو الاقتصادي وحركة التنمية في الدولة الفقيرة بشكل يؤدي إلي زيادة الفقر والحرمان في هذه الدول وتعطل مشروعات التنمية فيها. وتؤكد الوثيقة أيضا علي التأثير السلبي للإجراءات الأحادية التي اتخذتها بعض الدول المتقدمة وتختص بالإصلاحات المنشودة عالميا وتعهداتها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية بحيث تضررت منها الدول النامية. وأشارت الوثيقة إلي أن السلم والأمن العالميين لا يزالان بعيدان عن متناول البشرية بسبب نزعة بعض الدول اللجوء إلي إجراءات أحادية وعدم الوفاء بالالتزامات التي تحملتها هذه الدول بموجب الاتفاقيات الدولية ذات الصلة خاصة المعاهدات والاتفاقيات المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل والارهاب والنزاعات وانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، واتباع المعايير المزدوجة في العلاقات الدولية. وأكدت الوثيقة علي دور حركة عدم الانحياز الذي لايزال مهما ومطلوبا علي الساحة الدولية، خاصة في الأزمات الدولية الحالية، مشيرا إلي أنها ستظل تسترشد بهذه المبادئ وبميثاق الأممالمتحدة وقواعد القانون الدولي.. كما ستستمر الحركة في تبني مبدأ المساواة بين الدول في السيادة وسلامة أراضيها وعدم التدخل بالشئون الداخلية لأية دولة والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها ضد سلامة أراضي أو استقلال أية دولة.. وكذلك تشجيع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، كما أكدت الحركة أنها ستستمر في جهودها علي أساس المبادئ التي تأسست عليها قبل نصف قرن. ويبدأ اليوم الأثنين وزراء خارجية دول عدم الانحياز اجتماعاتهم التحضيرية للقمة التي من المقرر ان تشارك فيها 118 دولة عضوا في الحركة، إضافة إلي 34 دولة ومنظمة تشارك بصفة مراقب. ويشهد اجتماع اليوم تسليم رئاسة القمة لمصر، التي ستستمر لمدة ثلاث سنوات مقبلة، وذلك عقب إلقاء كلمتين من وزير خارجية كوبا برونو ادوارد ووزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط، ثم يعقب ذلك انتخاب رئيس الاجتماع الوزاري التحضيري. وتناقش الجلسة العامة التوصيات المتعلقة بأعمال القمة الخامسة عشرة، ومنها جدول الأعمال المؤقت وانتخاب هيئة المكتب وبحث انضمام الأعضاء الجدد للحركة، كما سيبحث وزراء الخارجية كيفية التضامن الدولي من أجل السلام والتنمية، إضافة إلي الأزمة المالية الاقتصادية الراهنة. وتتطلع العديد من الدول والشعوب إلي أن تقوم مصر بدور أكثر فاعلية للحركة في العالم خاصة بعد رئاستها المشتركة لاتحاد المتوسط مع فرنسا ودورها الإقليمي كوسيط في الصراع العربي الإسرائيلي. وسوف يعقد القادة لقاءات ثنائية ومتعددة كما يعقد عدد من الزعماء الأفارقة وقادة أمريكا الجنوبية لقاءات علي هامش القمة. من جانبه أكد السفير هشام بدر مندوب مصر الدائم لدي الأممالمتحدة في جنيف ورئيس وفد مصر في المجموعة الاقتصادية والاجتماعية المنبثقة عن قمة عدم الانحياز، انه رغم التأثيرات السلبية للازمة المالية الاقتصادية العالمية الحالية، إلا أنه أبرزت للعالم مرة أخري أهمية حركة عدم الانحياز مع وضوح دورها باعتبارها تمثل مصالح الدول النامية بشكل عام، مضيفا أن الدول النامية تري الآن أنه في ضوء الأزمة الحالية فقد حان الوقت لأن تشارك بشكل حقيقي في عملية صنع القرار علي المستوي الدولي وان يستمع العالم لمطالبها في هذا الخصوص. وأشار بدر إلي أنه من هذا المنطلق تأتي أهمية الوثيقة الختامية التي ستصدر عن قمة شرم الشيخ حيث ستكون بمثابة رؤية من العالم النامي حول حل هذه المشاكل الاقتصادية والمالية والاجتماعية، مضيفا أن دور الحركة يزداد أهمية في ضوء بروز العديد من القضايا والتحديات الجديدة، ومنها علي سبيل المثال قضايا التغير المناخي، وتداعيات الأزمة المالية العالمية علي المشاكل الصحية وجولة الدوحة للتجارة، وقضية الطاقة وإعداد خطة عمل لمحاربة الاتجار بالبشر.. يذكر أن حركة عدم الانحياز تأسست أثناء انهيار النظام الاستعماري، ونضال شعوب إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وغيرها من المناطق في العالم من أجل الاستقلال، وفي ذروة الحرب الباردة بين القطبين وقتها الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفيتي وكان الآباء المؤسسون للحركة هم جمال عبدالناصر وقوامي نكروما من غانا وشري جواهرلال نهرو من الهند وأحمد سوكارنو من أندونيسيا وجوزيب.