بأسلوب صريح ومحدد للغاية كان تشارلز جلاس الصحفي الأمريكي الشهير يجيب علي العديد من الأسئلة التي طرحت عليه حول رؤيته لمستقبل المنطقة في ظل التوقعات المتفائلة التي اعقبت خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما في جامعة القاهرة وذلك خلال حفل توقيع كتابه "القبائل المنتصرة" في مكتبة "ديوان" الاسبوع الماضي وقد كانت زيارته للقاهرة علي هامش حفل التوقيع فرصة لإجراء حوار معه سألناه فيه عن رؤيته لمستقبل فلسطين ولبنان والديمقراطية في المنطقة * ما الذي يجعلك تتشكك في جدية وعود الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتأسيس الدولة الفلسطينية؟ ** أتمني أن يتحقق حلم إقامة دولة فلسطينية في العام المقبل ولكن أنا لا اعتقد أن الإدارة الأمريكية لديها الرغبة في فعل ذلك. * إذن فما كان غرض الإدارة الأمريكية من خطاب جامعة القاهرة؟ ** هم يريدون أن ينشروا الهدوء في العالم بعد الحرب والفوضي فالرئيس أوباما لم يكن يتحدث فقط إلي المصريين ولكنه كان يخاطب العالم. * ألا تري أن أمريكا تحتاج لمساعدة أنظمة المنطقة في ظل مواجهتها مع إيران وهذا قد يدفعها لتغيير سياستها بشأن القضية الفلسطينية؟ ** قد يقول السياسيون الأمريكيون إن الاوضاع في فلسطين لا تعجبهم ولكنهم يقبلون هذه الأوضاع ويدفعون الأموال من أجلها ولا أري أي مؤشر علي تغيير هذه السياسة! لا تغيير! * سياسة إدارة الرئيس السابق جورج بوش تسببت في خسائر لأمريكا ربما تدفعها لتغيير سياستها؟ ** أنا لا أعتقد أن الإدارة الحالية ستغير من السياسة التي اتبعت خلال الفترة الثانية لبوش الابن، ثم إن الصين هي التي حققت الخسائر لأنها تشتري سندات الخزانة الأمريكية، واعتقد أن الإدارة الأمريكية عندها الرغبة في الانفاق علي هذه السياسة لأنهم لا يستطيعون أن يعترفوا أنها كانت كارثة لذلك سيستمرون فيها ولن يستطيعوا الاعتراف أنها كانت خاطئة. * ذكرت في إحدي مقالاتك الأخيرة إن لوبي النفط يمثل أولوية للسياسة الأمريكية في المنطقة.. ألا تعتقد أن هذا الوضع تغير في ظل اتجاه إدارة الرئيس أوباما للاعتماد علي الطاقة الشمسية؟ ** وفقا لتطلعات إدارة الرئيس أوباما فهم يخططون إلي أن تمثل الطاقة الشمسية 2% من طاقة أمريكا خلال السنوات العشر القادمة لذا سيظل اعتماد أمريكا علي البترول كبير للغاية وأري أن سياسات أمريكا الخارجية ستستمر في وضع البترول ضمن أولوياتها في المنطقة. لبنان.. وإيران * في الوقت الذي حازت فيه القوي الموالية لأمريكا علي الأغلبية في البرلمان اللبناني فاز الرئيس أحمدي نجاد المعروف بعدائه لأمريكا في انتخابات الرئاسة ألا تعتقد أن هذه النتائج تزيد من حدة الصراع في المنطقة؟ ** سعد الحريري صرح بأنهم لا يعتبرون أنفسهم موالين لأمريكا ولكنهم موالون للبنان، فهو يضع المصلحة اللبنانية ضمن أولوياته وليس أمريكا وهم يعتمدون علي أمريكا لأن خصومهم يعتمدون علي سوريا وكذلك الناس في لبنان صوتوا لمصالحهم وليس لأنهم مع أو ضد أمريكا فالخلاف في لبنان حول تشكيل الحكومة من سيحكم ومن أين ستأتي الموارد ومن يحمي لبنان، وحتي لو كان الإصلاحيون في إيران كسبوا الانتخابات الرئاسية لم تكن الأوضاع لتتغير كثيرا فقد وصل الرئيس خاتمي من قبل للرئاسة ومع ذلك ظل العداء ملموسا بين الطرفين، ولا يوجد رئيس إصلاحي مستعدا أن "يركع علي ركبته" ويحول إيران إلي دولة عملية لأمريكا حتي وإن كان يحب أمريكا فهذا أمر غير مقبول، ولكن يجب أن أشير هنا إلي أن العداء منحصر بين النظام الأمريكي والنظام الإيراني أما علي مستوي الشعوب فأنا اعتقد أن الشعب الإيراني من أكثر الشعوب المحبة للشعب الأمريكي. * يقسم بعض المحللين السياسة في أمريكا إلي تيارين تيار واقعي يتعامل مع مختلف الأنظمة السياسية وتيار مثالي يسعي لفرض الديمقراطية وكان الرئيس بوش الابن يحسب علي التيار المثالي فهل يكون الرئيس أوباما من التيار الواقعي ولا يقوم بفرض الضغوط علي مصر من أجل الديمقراطية؟ ** بوش لم يكن مثاليا فإذا حصل كل عربي علي الحق في التصويت سيختار قائدا يقطع العلاقات مع إسرائيل، لذا فبوش كان يكذب حينما يقول إنه يريد ديمقراطية في العالم العربي، ورأي أنه علي العرب أن يتوقفوا عن التطلع لأمريكا للحصول منها علي الديمقراطية، فهناك مقولة مهمة ل تي اي لورانس حين قال له إن الديمقراطية تؤخذ ولا تعطي، لذا فتوقفوا عن التطلع لأوباما أو بوش لكي يأتي ويحرركم فهذا لن يحدث. الأزمة المالية * هل تثق في سياسات أوباما في الخروج بأمريكا من الأزمة المالية؟ ** لا أثق في سياسات أوباما أنا معجب به فهو ذكي وأفضل رئيس في الفترة الأخيرة ظهورا وجعل الناس في العالم يحبون أمريكا وبالطبع الأمريكيون الذين صوتوا له كانوا يريدون التغيير ولكن اعتقد أن الذين انفقوا علي حملته لا يريدون التغيير.. واعتقد أن تعيينه لبعض المصرفيين في إدارته ممن كانوا مسئولين عن الانهيار في القطاع المالي ليس مؤشرا جيدا في هذا الصدد. من هو جلاس؟ تشارلز جلاس صحفي أمريكي متخصص في الشرق الأوسط، يكتب لمجلة "سبيكتاتور" الأسبوعية، وكان مراسلا للشرق الأوسط لايه بي سي نيوز خلال الفترة من 1983 إلي ،1993 وعمل كمراسل للنيوزويك والاوبسيرفر، تعرض جلاس للاختطاف في لبنان عام 1987 لمدة 62 يوما علي يد حزب الله حتي تمكن من الفرار.