اتهامات متبادلة.. إضرابات.. اعتصامات.. سيناريوهات مكررة في معظم الشركات التي تم بيعها للقطاع الخاص.. علامات استفهام وتساؤلات حول الأحداث المتتالية بهذه الشركات.. من الجاني؟ ومن الضحية في مسلسل صار لغزاً محيراً.. ضاعت فيه الحقيقة. أطراف النزاع "إدارة وعمال" كل يعتقد أنه علي صواب ولكل طرف مبرراته التي يستند إليها حول قراراته سواء في الفصل أو الاعتصام.. وكل ذلك مدخل لحقيقة واحدة هي أن هناك ضلعاً سقط من مثلث عملية بيع شركات القطاع العام من الحكومة، وإلا فلماذا وصلت حالة الغليان في الشركات المبيعة لهذه الدرجة، وأصبح بين الإدارة والعمال "ما يصنع الحداد". بالأمس القريب بدأ التلويح بفسخ عقد بيع "عمر أفندي" لعدم التزام المشتري بعقد الشراء.. واليوم تتجه إدارة شركة طنطا للكتان والزيوت إلي الدعوي لعقد عمومية للشركة واتخاذ قرار بتصفيتها.. ليرتاح ويستريح الإدارة والعمال معاً. العمال يرون أن إدارة الشركة أخلت بعقد الشراء والحفاظ علي حقوقهم، وبالتالي فإن إضرابهم عن العمل هو أقصر الطرق لاسترداد حقوقهم.. والإدارة تري أنها تحملت أعباء ليست في بنود العقد، وأن حالة الشركة وما تحققه من خسائر متتالية يقتضي عليها ترشيد النفقات والمصروفات في العديد من الجوانب سواء الحوافز أو بدل الوجبات.. وهو ما يرفضه العاملون ليبقي بذلك الصراع مستمرا.. والموقف معلقا حول الظالم والمظلوم. قصة البيع مايو 2003.. لن يسقط من ذاكرة عمال شركة طنطا للكتان والزيوت.. عندما أعلنت القابضة للكيماوية عن بيع 100% من الشركة لمستثمر استراتيجي. وهذا التاريخ بمثابة نقطة تحول للشركة التي تم تأسيسها عام 1954 كأكبر شركة رائدة في تصنيع وتصدير منتجات الكتان علي المستوي الإقليمي.. فالشركة تضم 7 مصانع ليس معظمها ضمن الطاقة التشغيلية، فالمصانع العاملة بشكل فعلي 4 مصانع فقط، والشركة منشأة علي مساحة 45 فدانا تشمل وحدات إنتاجية متعددة في جميع مجالات تصنيع محصول الكتان، هذا بالإضافة إلي 20 فدانا أخري مخصصة لتخزين محصول الكتان. وكحال أية شركة قطاع عام فمنذ تأسيس الشركة وهي تواجه المشاكل نتيجة فشل الإدارات المتعاقبة في إدارة وتطوير الشركة وبالتالي صارت الشركة بمرور الوقت معرضة للتصفية، بعد تعثر هيكلها المالي.. وهو ما دفع بنك الاستثمار القومي للدخول لإنقاذ الشركة، ومواجهة خسائرها وذلك بمنحها قرضاً بنحو 48 مليون جنيه، علي أمل تعافي الشركة وتحول القرض إلي مساهمة في رأس المال، بالإضافة إلي 33 مليون جنيه قامت بضخها الشركة القابضة، حتي عام 2004 2005.. ولكن فشلت الشركة في ذلك، وتحملت الشركة القابضة الخسائر التي تجاوزت ال 48 مليون جنيه. واستمرار سوء المركز المالي للعديد من العوامل منها: ارتفاع عدد العمالة لنحو 1300 عامل، وكذلك زيادة الأجور، وعدم تصريف الإنتاج، حققت الشركة خسائر زادت علي رأس المال. ومن هنا كانت نقطة التحول والاتجاه إلي بيع الشركة لمستثمر استراتيجي، وتم الإعلان عن ذلك في مايو ،2003 وتضمن الإعلان وقتها تخصيص 10% لاتحاد العاملين وتقدمت 4 عروض، وحددت الشركة القابضة للصناعات الكيماوية 5 ابريل 2004 موعدا نهائيا لتقديم العروض. في 18 سبتمبر 2004 وافق مجلس الإدارة علي التفاوض مع مقدمي أصحاب أفضل 3 عروض بعد انسحاب أحد المتقدمين ليتبقي عرض شركة الوادي لتصدير الحاصلات وعرض مجموعة الفقي وتم في 17 أكتوبر 2004 فض المظروفين وكان أفضلهما عرض شركة الوادي بقيمة 83 مليون جنيه، ويغطي غالبية تقييم البنود الداخلة في صفقة البيع في أكتوبر ،2004 وبذلك تمت الموافقة علي العرض والذي تضمن خطاب ضمان لتغطية الدفعات المؤجلة 60% من الثمن علي 3 سنوات. وبعدها أرسل اتحاد العاملين إلي الشركة خطابا بتعذره عن شراء حصة 10% من الصفقة وفي 27 أكتوبر 2004 وافقت عمومية الشركة القابضة غير العادية علي الشراء.. بحيث يتضمن العقد حظر قيام المشتري بتصفية النشاط والتصرف في أراضي الشركة بالاضافة إلي الالتزام بتوريد الفارق بين القيمة السوقية للأرض والقيمة الواردة في التقييم وكذلك الحفاظ علي العمالة، والقيمة "البيعية" والتي تمثل مضاعف ربح 22 مرة.