للرئيس الأمريكي باراك أوباما حضوركاريزمي لا يمكن انكاره.. فملايين الامريكيين أيدوه في انتخابات الرئاسة الماضية تحت شعار حملته الانتخابية "التغيير" آملين ليس فقط في تحجيم مشاعرالتطرف العنصري في الولاياتالمتحدة ولكن أيضا إخراج أمريكا من ورطة الأزمة الاقتصادية وتحسين صورة أمريكا أمام العالم بعد فترتين رئاسيتين لسلفه بوش الابن اتسمت بالدموية والعداء تجاه الشعوب الأخري وفضائح التعذيب، أوباما الذي غازل مشاعر العالم الإسلامي من خلال مخاطبته اياه من تركيا اختار أن تكون زيارته لمصر وإلقاء خطابه منها بعد أيام قليلة فما هي انعكاسات هذه الزيارة علي الاقتصاد المصري؟ ربما تكون المؤشرات الأولي لاستفادة مصر الاقتصادية من الزيارة ظهرت في التصريحات الأخيرة للمهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة خلال زيارته للولايات المتحدة الأخيرة بأنه تم الاتفاق علي ضم محافظتي المنيا وبني سويف إلي بروتوكول الكويز، هذا إلي جانب توقيع اتفاق لإقامة شراكة استراتيجية اقتصادية بين البلدين في المرحلة المقبلة. يتضمن الاتفاق خطة عمل حول الموضوعات المتعلقة بالتجارة والاستثمار علي جميع المستويات الثنائية والاقليمية والدولية، وتشكيل مجموعة عمل من البلدين لتحديد أهم مجالات العمل، من بينها تسهيل التجارة وحقوق الملكية الفكرية وقطاع الخدمات وتكنولوجيا المعلومات والبيئة والعمالة والطاقة المتجددة. "الاسبوعي" سألت مجتمع الأعمال عن توقعاته لتأثيرات الزيارة علي الاقتصاد المصري وكيفية الاستفادة من الزيارة في الترويج للاستثمار الأمريكي في مصر ورؤيتهم لسياسات الرئيس أوباما وخطابه إلي العالمين العربي والإسلامي. وحسب تصريحات المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة فإن حجم التجارة مع الشريك الأمريكي وصل إلي 8.5 مليار دولار عام ،2008 وتمثل الاستثمارات الأمريكية ما يقرب من 50% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر عن ذات العام، بقيمة بلغت 7.5 مليار دولار، لتمثل المصدر الأول للاستثمار الأجنبي المباشر في مصر إلا أن هذا الاندفاع الكبير للاستثمار الأمريكي يقابله حذر أمريكي في الانفاق علي المعونة الأمريكية لمصر والتي تثير الكثير من الجدل حول استدامتها في المستقبل، وبحسب تصريحات أخيرة لعثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية فإن الإدارة الأمريكية السابقة اتخذت قرارا بتخفيض المعونة الأمريكية من 450 مليون دولار إلي 200 مليون دولار سنويا، وأن هذا الأمر مازال مطروحا للحوار علي جدول أعمال الإدارة الجديدة، إلا أن تصريحات الوفد المصري في واشنطن اشارت إلي الرغبة المصرية في التحول من دولة تعتمد علي المساعدات لتحريك اقتصادها إلي شريك اقتصادي استراتيجي للولايات المتحدة ومن الملفات المعلقة أيضا هو ملف اتفاقية التجارة الحرة مع الشريك الأمريكي التي لم يتحقق فيها أي تقدم منذ سنوات عدة. زيارة سياسية الزيارة سياسية في المقام الأول كما أكد لنا عمر مهنا رئيس غرفة التجارة الأمريكية مشيرا إلي أنها ستسهم في تحقيق "نقلة نوعية في العلاقات مع أمريكا"، أما علي المستوي الاقتصادي فيري مهنا أنه علي الرغم من أن الإدارة الأمريكية مشغولة حاليا بمواجهة تداعيات الأزمة المالية علي اقتصادها وتوجهاتها منصبة علي تنشيط سوقها الداخلي وايجاد فرص العمل إلا أن زيارة أوباما لمصر ومساهمتها في إعادة بناء الجسور مع مصر ستسهم في إتاحة المجال لمزيد من التعاون التجاري مع أمريكا، وبسؤالنا له عن توقعاته بحدوث أي تقدم في اتفاقية التجارة الحرة مع مصر قال مهنا إن هناك عدة عوامل تعوق توقيع هذه الاتفاقية منها أن الديموقراطيين تقليدياً لا يميلون لعمل اتفاقيات التجارة الحرة هذا إلي جانب أن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن كان يتمتع بما يسمي ب"المسار السريع" وهو النظام الذي يوفر للرئيس الأمريكي السلطة في التفاوض علي اتفاقيات التجارة الحرة دون الرجوع للكونجرس إلا في التصويت النهائي والواقع أن العمل بتفويض "المسار السريع" انتهي قبل نهاية فترة الإدارة السابقة ولم يتم تجديده للرئيس بوش ويتوقع أوباما أن ألا يطلب هو الآخر تجديد هذا التفويض، علاوة علي أن اتفاقيات التجارة الحرة مع أمريكا المطروحة حاليا هي مع كولومبيا وكوريا الجنوبية وبنما وليس ملموسا حاليا حدوث أي تقدم لذا من الصعب أن تنظر الإدارة الأمريكية في اتفاقيات تجارة جديدة، إلا أن هذا لا يمنع أن تدفعنا هذه الظروف للتوقف عن المضي في مسار تنمية التجارة مع الشريك الأمريكي كما يضيف مهنا فهناك فرصة لتوسيع العمل باتفاقية الكويز إلي جانب اننا حاليا لا نستفيد من النظام المعمم بالأفضليات وهو النظام الذي يتيح لصادراتنا دخول السوق الأمريكي بشروط ميسرة ولا يمثل حاليا إلا 2% من صادراتنا لأمريكا.