الجريمة التي راحت ضحيتها المصرفية هالة فايق تفتح ملفا اخر ايضا يدور حول تساؤل قد يدور في اذهان الكثيرين من: هل زادت معدلات الجريمة.. ام ان نوعية وشكل الجريمة هو الذي اختلف.. أم ان فيروس الجريمة في المجتمع قد تحور كما حدث مع انفلونزا الطيور والخنازير ليصبح الامر علي ما هو عليه حاليا. وبنظرة سريعة لأنواع الجرائم نجد ان الباحثين قد قسموها الي ثلاثة انواع هي جرائم الاموال والتي تضم السرقة والحريق العمد وتسميم المواشي واتلاف المزروعات.. والنوع الثاني جرائم المصلحة العامة التي تضم الرشوة والاختلاس والتزييف والتزوير.. اما النوع الاخير فيضم القتل العمد والضرب الذي يفضي الي الموت والضرب الذي احدث عاهة والخطف وهتك العرض والاغتصاب. اخر البيانات الاحصائية الصادرة عن مصلحة الامن العام بوزارة الداخلية، قيمتها د.فادية أبوشهبة أستاذة علم الاجتماع في دراستها "الشباب وجرائم العنف" في المؤتمر السنوي الثامن للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية تناول التقييم حركة الانشطة الاجرامية بوحدة الخطرين في 30 مديرية علي مستوي جميع المحافظات خلال الفترة من عام 1980 وحتي اخر ديسمبر ،2005 وتبين فيها ان اجمالي المسجلين الخطرين يبلغ 92680 شخصا بعد استبعاد الذين توقف نشاطهم والذين رفعت اسماؤهم بسبب الوفاة، كما بلغت نسبة "العود" بين المسجلين الخطرين 55% بالاضافة الي ارتفاع نسبة المسجلين خطر من فئة الشباب من 18 إلي 30 سنة حيث بلغت 45.2% من اجمالي الخطرين. اما دراسة تطور بحوث الجريمة في المجتمع المصري خلال الفترة 1952 2002 الصادرة عن المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية فأشارت الي أن نسب جرائم الاشخاص خلال الفترة من 1991 2001 تتراوح بين 7.3% في عام 2001 و10.5% عام 1991 ومثلت جريمة القتل العمد المرتبة الاولي في تلك الفئة كما اوضحت ان جرائم المصلحة العامة خلال الفترة من 1991 الي 2001 بدأت مرتفعة بنسبة 3.12% ثم اخذت في التناقص التدريجي حتي وصلت الي اقل نسبة في عام 2001 الي 3.7% واحتل تزوير الاوراق الرسمية المرتبة الاولي في هذه الفئة وفي المقابل بلغت جرائم الاموال 8.4% في الفترة من 1990 الي 2001 واحتلت السرقة المرتبة الاولي من بين الجرائم. ورغم اهتمام البحوث بتحليل انواع الجريمة المختلفة واسبابها نلاحظ ان البيانات المتاحة تتعارض مع الشعور العام وتنحصر باقي الابحاث حول اتجاهات المواطنين تجاه الحوادث المختلفة الذين يؤكدون ارتفاع معدل الجريمة وكذلك اهتمام مختلف وسائل الاعلام بابراز الجرائم في الصفحات الاولي. وتشير د. فادية ابوشهبة الي ان هناك علاقة عكسية بين المستوي التعليمي وارتكاب جرائم العنف حيث ينخفض العدد انخفاضا ملموسا مع ارتفاع درجة التعليم كما ان جرائم العنف تتركز في المناطق الحضرية، وتؤكد دراستها عن الشباب وجرائم العنف تذكر ان الانشطة الاجرامية العنيفة تحتل المرتبة الاولي وتتمثل في القتل العمد والبلطجة والسرقة بالاكراه. وتلفت د. فادية الي ان هناك عددا من العوامل والمتغيرات تعد المسئولة عن تشكيل حالة الخطورة الاجرامية ومنها التنشئة الاجتماعية الخاطئة وادمان الخمور والمخدرات مؤكدة اهمية العامل الاقتصادي في الدفع للسلوك الاجرامي وخاصة السلوك العنيف في الفئات الدنيا من المجتمع نتيجة الفقر وعدم وجود مصدر ثابت للرزق متمثلا في عدم وجود عمل يحقق لهم متطلبات حياتهم، او العمل في انماط عمل غير دائم او غير مستقر لجعل الشباب يشعرون بالقهر والظلم والاحباط نتيجة لما يتعرضون له من معوقات الاستقرار في الحياة يؤدي كل ذلك الي لجوء بعض الشباب الي الطرق غير المشروعة لتحقيق اهدافهم والتي قد تصل الي حد ارتكاب جرائم عنف للحصول علي المال او كتنفيس لشحنه الغضب والحقد علي المجتمع وخاصة بالنسبة للشباب من غير المتعلمين وغير المهرة ومن ذوي الدخول المحدودة. ويري د.احمد عصام الدين مليجي استاذ القانون الجنائي وعلم الاجرام والمستشار بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ان معدلات الجرائم لا يمكن حصرها نتيجة عدم توافر البيانات ولكن المركز يعمل حاليا بالتعاون مع الاممالمتحدة علي دراسة اتجاهات الجريمة في الشاريع المصري. وشبه سلسلة الجرائم المختلفة التي يتم الاعلان عنها بان المجتمع المصري يمر بشبه زلزال والذي بدأ منذ مرحلة الانفتاح الاقتصادي وأدي ذلك الي انهيار نسق القيم من مبادئ العمل والاخلاق والدين والعادات والتقاليد في المجتمع وحل مكانها نسق عشوائي لم يأخذ شكلا محددا له حتي الان ولم تعد قيمة العمل او كيفية الحصول علي المال هما الاساس مما ادي الي ارتفاع الجريمة وظهورها بشكلها الحالي ويضاف اليها الصور الاخري من التطرف الديني والارهاب باعتبار كل ذلك مجرد توابع لمرحلة لزال الذي تعرض له المجتمع. ويضيف مليجي ان النظام الاجتماعي والاقتصادي اسهم في الخلل المجتمعي مؤكدا ان تحقيق السلام يتطلب الاستقرار علي شكل للسياسة العامة، ويقول: حتي الان نحن لا نعرف هل نحن رأسماليون ام شيوعيون ام اشتراكيون؟